تحيي الولايات المتحدة السبت الذكرى الثالثة لاعتداءات الحادي عشر من
ايلول/سبتمبر 2001 الحدث الرهيب الذي يلاحق ذاكرة الاميركيين ويلعب
دورا مهيمنا في حملة الانتخابات الرئاسية.
ويحل هذا اليوم بعد اسبوع طغت على احداثه مجزرة بيسلان باوسيتيا
الشمالية في القوقاز الروسي واعتداء جاكرتا وكذلك الحصيلة الرمزية
للقتلى في صفوف القوات الاميركية المنتشرة في العراق التي تخطت عتبة
الالف جندي قتيل.
ويفترض الا يسهم ظهور ايمن الظواهري الساعد الايمن لاسامة بن لادن من
جديد الى الواجهة في تهدئة الخواطر.
فطوال نهار الخميس بثت محطات التلفزة الاميركية شريط الفيديو الذي ظهر
فيه الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الذي عاد للظهور للمرة الاولى قبل
عام ليتوعد ب"الهزيمة" الاميركية القريبة في العراق وفي افغانستان.
وفي الولايات المتحدة ستكون المراسم والنشاطات في اطار احياء هذه
الذكرى بسيطة على ما يبدو وبعيدة عن الاضواء. وستكون نيويورك محط
الانظار فيها.
اما المتنافسان في السباق الى البيت الابيض فسيكونان غائبين عن هذه
المدينة التي مزقتها الالام اثر كارثة ايلول/سبتمبر 2001 لكنهما
سيشاركان في مناسبات اخرى تجرى احياء لهذه الذكرى.
فالرئيس جورج بوش سيكون في واشنطن حيث سيحضر مع زوجته لورا في الصباح
قداسا يقام في احدى الكنائس.
وفي الساعة 8,46 بالتوقيت المحلي (12,46 تغ) الوقت الذي وقع فيه
الاعتداء الاول على البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي (وورلد تريد
سنتر) في نيويورك سيقف الرئيس والسيدة الاولى دقيقة صمت على مرج البيت
الابيض.
وفي الصباح ايضا سيحضر منافسه الديموقراطي جون كيري في مدينة بوسطن
حفلا برعاية "صندوق 11 ايلول/سبتمبر" وهي منظمة في ماساتشوستس.
في تلك اللحظة ستشهد نيويورك حيث لقى 2749 شخصا حتفهم في 11 ايلول/سبتمبر
2001 مراسم لاحياء الذكرى في موقع برجي مركز التجارة العالمي "غراوند
زيرو".
وفي البرنامج هناك اربع دقائق صمت في الاوقات التي وقعت فيها
الاعتداءات على البرجين التوأمين ثم انهيار ناطحتي السحاب.
وفي هذه الاثناء سيتم التذكير باسماء الضحايا من قبل افراد بينهم بعض
اهالي المفقودين آخذين بذلك مكان الاطفال الذين قاموا بهذه المهمة في
2003. وفي المساء ستسلط اضواء في خطين هائلين في السماء ليمثلان ولو
لليلة البرجين العملاقين.
ولم يعلن عن حضور اي عضو في الحكومة الى المدينة خلافا للعام 2003 حيث
شارك نائب الرئيس ديك تشيني في مراسم دينية مسكونية.
وفي نيويورك نفسها يبدو ان الحياة عادت الى مجراها الطبيعي. فاسبوع
عروض الازياء التي بدأت الاربعاء لثمانية ايام تشمل هذه السنة 11 ايلول/سبتمبر
بعد ان تفادت ذلك منذ 2001. كما بعض الصحف كرست ايضا مقالات لازواج
اختاروا هذا السبت للزواج.
لكن مع كل ذلك فان مسالة الامن تطغى على الاذهان وتشكل قاسما مشتركا في
الحملة الانتخابية. فبحسب استطلاع للرأي اجرته مجلة "تايم" في الثاني
من ايلول/سبتمبر يعتبر 25% من الاميركيين الاقتصاد في طليعة اولوياتهم
بينما يتحدث 24% عن "الحرب على الارهاب".
وقد جعل بوش من تلك المأساة دعامة سياسته الخارجية. كما حرص هو نفسه
وجميع الزعماء الجمهوريين على تكرار ذلك اثناء المؤتمر الوطني لحزبهم
الذي عقد في نيويورك.
وكرر في خطبه الانتخابية "نعلم انه بات على بلادنا منذ 11 ايلول/سبتمبر
ان تفكر بطريقة مختلفة وعلينا ان نأخذ التهديدات بجدية قبل ان تتحول
الى افعال".
اما الديموقراطيون الذين يفضلون تركيز هجماتهم على الاقتصاد والضمان
الصحي والضرائب فلم يفوتوا من جهتهم الفرصة لانتقاد الحرب التي شنها
خصمهم الجمهوري.
واكد جون كيري في تجمع انتخابي الخميس انه سيقوم بحرب "اكثر ذكاء" على
الارهاب مشيرا الى ان كوريا الشمالية باتت "اخطر من قبل" والنزاع في
العراق حول الانتباه عن "القاعدة عن الحرب الحقيقية ضد الارهاب في
افغانستان ومطاردة اسامة بن لادن".
وفي اطار الاستعدادات الأمنية قال وزير الامن الداخلي توم ريدج ان امن
الاراضي الاميركية "من مسؤولية كل الوطن" معلنا "التأهب والاستعداد
الوطنيين" طيلة شهر ايلول/سبتمبر.
واوضح ريدج الذي كان محاطا باعضاء في البرلمان من ديموقراطيين
وجمهوريين فضلا عن ممثلين للكشافة واجهزة الطوارئ "هذا تعاون فريد بين
القطاعين العام والخاص لحث الاميركيين على اتخاذ اجراءات احتياط بسيطة"
في حال وقوع هجوم ارهابي او حتى كارثة طبيعية.
وقال السناتور الديموقراطي جوزف ليبرمان ان "الاستعداد لا يعني
بالضرورة العيش في حالة خوف بل اظهار بعض الحكمة".
واوضح ريدج انه الى جانب وزارة الداخلية ستسعى اكثر من ثمانين منظمة
ومؤسسة خاصة وكل ولايات البلاد ومناطقها الى "حث الاميركيين على اتخاذ
اجراءات احتياط بسيطة من الان ليستعدوا مع عائلاتهم لمواجهة اي حالة
طارئة".
ومن المشاركين في هذه الحملة الوطنية الواسعة مقاهي "ستارباكس" وشبكة
متاجر "وول مارت" وشركة "اميركا اون لاين" لخدمة الانترنت والصليب
الاحمر والتجمع الوطني لمدراء الشرطة.
وتوضح نشرة بعنوان "التأهب مفيد.. استعدوا الان" الاجراءات التي يجب
اتخاذها وتدعو الاميركيين الى استشارة موقع على شبكة الانترنت عنوانه "ريدي.غوف".
وكان ريدج قال الثلاثاء امام الصحافيين ان غياب اي حادث خلال مؤتمري
الحزب الديموقراطي والجمهوري في تموز/يوليو وآب/اغسطس على التوالي
وخلال مناسبات مهمة اخرى لا يعني ان الارهابيين تخلوا عن عزمهم تعكير
الانتخابات الرئاسية الاميركية في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر.
وشدد وزير الامن الداخلي على ان المعلومات الي تلقتها السلطات
الاميركية خلال الاشهر الاخيرة "تتمتع بالمصداقية" وتشير الى ان تنظيم
القاعدة لا يزال يسعى الى ضرب الولايات المتحدة.
ورفعت واشنطن مطلع الصيف مستوى التأهب لمواجهة الارهاب من "اصفر" الى "برتقالي"
في نيويورك وواشنطن وشمال نيوجرزي (قريبة من نيويورك).
واتخذ هذا الاجراء بعد العثور على مخططات لابنية مثل مقر صندوق النقد
الدولي وضعها تنظيم القاعدة على ما يبدو في العامين 2000 و2001.
وتأتي مبادرة ادارة بوش الاخيرة هذه في خضم الضجة التي اثارها نائب
الرئيس الاميركي ديك تشيني الذي قال ان احتمال وقوع اعتداء سيكون اكبر
في حال قام الناخبون "بخيار سيء" في الانتخابات عبر التصويت للمرشح
الديموقراطي جون كيري. وندد المرشح الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس جون
اداوردز على الفور ب"تكتيك التخويف" الذي يعتمده تشيني.
|