صدمة الأمريكيين كبيرة مترافقة مع تساؤلات حول التغيير الذي طرأ على
أجواء الانتخابات في الولايات المتحدة فبعد ما كان يأتي المراقبون
ليروا الانتخابات كأفضل مثال، الآن تحول الوضع ليأتوا ويروا ما إذا
كانت الانتخابات الأمريكية نزيهة، وكانت الحكومة الأمريكية قد وافقت
على دعوة مراقبين أجانب من دائرة المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان
في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومقرها فينا للمجيء ورصد عمليات
الاقتراح في الانتخابات الرئاسية والنيابية المقررة في الثاني من تشرين
الثاني المقبل وستأتي في الشهر القادم إلى واشنطن بعثة متقدمة من منظمة
الأمن والتعاون في أوروبا لتقويم مهمة المراقبين الأجانب وعددهم
وإدارتهم ونفقاتهم وأهدافهم، وسبق لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي،
والولايات المتحدة عضو فيها أن أرسلت عشرة آلاف مراقب إلى أكثر من 150
انتخاباً أو استفتاء في أكثر من 30 بلداً، خلال العقد الماضي، وكان
انعدام الثقة بين الديمقراطيين والجمهوريين هو الذي جعل الديمقراطيين
يجندون عشرة آلاف محام أمريكي لمراقبة الانتخابات، لئلا يتكرر ما حدث
في ولاية فلوريدا في الانتخابات الرئاسية السابقة، عندما أقفلت الطرق
أمام آلاف الناخبين للحيلولة دون وصولهم إلى أقلاع الاقتراح وعندما فاز
الرئيس بوش بأصوات هيئة الناخبين أثر تدخل من المحكمة العليا، من غير
أن يفوز في الاقتراح الشعبي الذي ذهب إلى منافسه الديمقراطي آنذاك آل
غور، وتقرر في حينه إن فاز بوش بـ271 صوتاً مقابل 267 لآل غور.
يذكر أن 13 من النواب الديمقراطيين قد وجه رسالة في نهاية الشهر
الماضي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان طالبين إيفاد
مراقبين دوليين لرصد نزاهة الانتخابات الأمريكية المقبلة، ورفض عنان
هذا الطلب قائلاً أنه يجب أن يكون أصلاً صادراً عن الإدارة الأمريكية
التي عليها أن تتقدم به وأن يحظى بموافقة الجمعية العمومية للأمم
المتحدة، ومجلس الأمن، وعندما طلب الديمقراطيون من وزير الخارجية
الأمريكية باول أن يدعو مراقبين دوليين ففعل لأن الولايات المتحدة
موقعة وثيقة في هذا الشأن، مثل الدول الأخرى الأعضاء في منظمة التعاون
في أوروبا قبل عشر سنين، وصحيح أن وجود مراقبين دوليين من هذه المنظمة
لا يشكل إلزاماً قانونياً للولايات المتحدة إلا أنه يدل على التزام
اسمي أمريكي للحفاظ على حرية عملية الاقتراح أنه رمز لكنه يشير فعلاً،
كما قالت العضوة الديمقراطية في مجلس النواب باربره لي، إلى عدم ثقة
الأمريكيين بالنظام الانتخابي أو بوزارة العدل، وتضمنت رسالة النواب
الديمقراطيين إلى كوفي عنان عبارات مقلقة مثل (نحن قلقون قلقاً عميقاً
من أن حق الاقتراح الأمريكيين في الاقتراح الحر وفي الانتخابات النزيه،
معرض للخطر، وأثار هذا الموضوع جدلاً لازال مستمراً حتى اليوم في مجلس
الكونغرس الفيدرالي، بين الديمقراطيين والجمهوريين الذين يطالبون بوقف
أي تمويل أمريكي لأي جهد للأمم المتحدة يتعلق بمراقبة الانتخابات وبحسب
أعراف مراقبة الانتخابات في أي بلد، يتطلب الأمر وجود مراقب لكل مئة
قلم اقتراح، أي أن المراقبين الدوليين سيكون في حدود الألفين، ومن جهته
كان رد الفعل عنيف لدى كل المنظرين السياسيين الذين يعتنقون السياسة
المحافظة المتطرفة للرئيس بوش، وقد أطلق هؤلاء عبر الصحف والتلفزيونات
الاتهامات للديمقراطيين بأن موقفهم في خطر ومحرج بأن أعطاء مراقبيين
أجانب الحق في مراقبة الانتخابات الأمريكية هو فضيحة وفساد لا حدود
لهما؟! لأن هذا يعني مساساً بالسيادة الأمريكية وبمعنويات قواتنا التي
تقاتل في الخارج لإقامة أنظمة ديمقراطية، وأن الولايات المتحدة ليست
سوى دولة مثل دول العالم الثالث غير قادرة على تنظيم أوضاعها، وكان
تقرير قد أبرز مخاوف الأمريكيين على نزاهة الاقتراح، معتبراً أنها
مخاوف في محلها لأسباب واعتبارات كثيرة، وثمة مؤشرات عدة ترجح أن
الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تكون أكثر تنظيماً وأقل فوضى من
الانتخابات الرئاسية السابقة المصدر الأول للخوف والرئيس، دخل
الإلكترونيات في إجراء التصويت وهذا يعني أن المعدات الإلكترونية معرضة
للتسجيل عكس ما اقترح الناخب، في أسوأ الظنون، أو لإعطاء هذا الخطأ
نفسه نتيجة خلل آلي، في أفضل الظنون. |