ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

رسالة إلى الحكومة العراقية المؤقتة

(الأخطاء المنهجية لا تورث إلا الكوارث الاستراتيجية)

محمد سعيد المخزومي

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى/ رئيس الحكومة العراقية المؤقتة .

إلى/ نائبي رئيس الجمهورية العراقية المؤقتة .

إلى/ الحكومة العراقية المؤقتة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لا اعتقد أن أحدا من الساسة الأمريكان أو كل من جاء على المسرح السياسي من العراقيين لم يكن قد درس المنطق الرياضي أو على الأقل أوليات الحساب, ولا اعتقد أن أحدا منهم سواء كان في الإدارة الأمريكية أو من دخل من العراقيين أروقة الحكم قديما أو توّاً, بمن فيهم الإسلاميين والعلمانيين, العرب منهم والأكراد على حد سواء, ينكر أن: 5+5=10, حيث لم تكن هذه المعادلة من الرياضيات العالية أبدا.

وان من ينكر العمل بهذه المعادلة ولا يحسن قراءة الناتج فيها فإنما هو ليس فقط من الأميين مع كامل احترامي, إذْ يمكن للأمي أن يعد مفردات تلك المعادلة بأصابع يده فيخرج بالنتيجة المطلوبة وهي أن المجموع يساوي عشرة.

إلا أن رجال السياسة وبالذات ممن خاضوا غمار الشأن العراقي مازالوا يتخبطون في حسابهم للمعادلة كلما دخلوا في امتحان.

فمنهم من يعمل ومنهم من يُسَلِّم على أن 3+2=10, ثم يبني حساباته ومشاريعه على أساس أن ما عنده من الرصيد عشرة, وكل يوم فيه يخرج للتبضع بمقدار عشرة يجد نفسه متعثرا في إصابة البضاعة التي تخدمه لشحّة ما في يده.

وباختصار فإن المعادلة السياسية الصحيحة التي تؤمِّن النتيجة السليمة وتحقق الحصول على سلامة الموقف واختصار معاناة الشعب هو أن يُوضَعَ الشعبُ العراقي بأكمله في موضعه المناسب, ولا يجوز لأحد من البشر أن يعمل على خلاف رأي شعب المعاناة والحرمان والمآسي. ومن يعتمد العمل بشريحة من الشعب معتبرا انه الشعب بأكمله فانه سيخسر المعادلة السياسية بخسارة الشعب بأكمله أو في أغلبيته الساحقة على اقل التقادير.

فالشعب هو المعادلة الكلية التي عمل البعض على تغييبه, وقَبِلَ البعض الآخر في تغييبه, وتسامح البعض الآخر عند تغييبه, واستأنس فريق بإقصاء بعضهم البعض الآخر من ميدان السياسة, وكل ذلك لمما لا يعطي إلا النتيجة الخاسرة بذاتها والمُخْسِرةُ لغيرها كما كان من ذي قبل خلال القرن الماضي.

وبناءا على هذه البديهة المنطقية, والقضية الرياضية البسيطة, فان معاناة الشعب العراقي ستزداد يوما بعد يوم, وتتجذر فيه الكوارث آناًَ بعد آنٍ كلما توغل في إقصاء الشعب وإلغاء دوره.

وهنا لا أريد أن أكون متشائما بقدر ما أريد أن أكون واقعيا لا يريد الإغماض عن أسس منهجية مسببه في كوارث مستقبلية. ذلك أن من عادة الواقعي أن ينظر إلى البعيد والأبعد, وان يقرا الأمور من نهاياتها لا من بداياتها كما قال الإمام علي عَلَيهِ السَلام ( إتَّقِ المُرْتقى السهل إذا كان مُنْحَدَرُهُ وَعْرا ). لان الكوارث التي جرت على العراق لم تكن إلا بسبب ارتقاء السياسيين المراقي السهلة التي تروق لهم ويحسبونها بالحساب الخاص بهم, ولم تكن المراقي سهلة في طبيعتها إلا بسبب يسرها وسهولتها على النفس, وكلما صعُب على العقل وانحسرت عنه الحكمة وإنزوى عنه التروّي سهُلَ على النفس, وبه تحلُّ الكارثة على الواقع الاجتماعي والسياسي بسبب ما يهواه رجال الحكم وتستسهله الأحزاب الحاكمة أو المشاركة في الحكم, وكلهم بين من نسي وتناسى وجهل قول زعماء الحضارة وأسّها وأساسها في هذا المضمار وغيره, وأخص بالذكر قول الإمام الصادق مُنوِّهاً عن هذا القانون القائل: (لا تدع النفس وهواها فإن هواها ـ في ـ رداها, وتركُ النفس وما تهوى أذاها, وكف النفس عما تهوى دواها).

فيوم كان هوى الأمريكان في أن يختاروا هم لأنفسهم بعض القوى السياسية وألغوا القوى الأخرى وأسسوا (مجلس الحكم), فقد تورطوا في مشكلة نقص العقول, ذلك أن العاقل من جمع عقول الناس إلى عقله, لا من اكتفى بعقله واستأنس بعقل حزبه, وذاك مما زادهم رهقا, وزاد العراقيين معاناة وقلقا.

حيث أن الواحد إلى الواحد جمع, والجمع إلى الجمع قوة, وفي القوة الفلاح, وان التفريط بعقول البلاد لمما يؤدي إلى الكوارث الجسام, فَقَبِلَ القوم( واعني بهم الأحزاب الممثلة بمجلس الحكم) بعددهم هذا, واستأنسوا بإنكار الإدارة الأمريكية لباقي القوى السياسية الأخرى سواء التي كانت في داخل العراق أو خارجه. فوقعوا في مشكلة أزمة اجتماع العقول, فواجهتهم مشكلة (قحط الرجال) ومن يستسلم لمشكلة قحط الرجال, فلا يجني إلا المتاعب والمشاريع الهزال.

ثم إن من ابرز كوارث تغييب العقول, وإنكار عظماء الأمة, وتجاهلهم أعاظم مفكريها هو تورطهم في مشكلة القبول بما سمي بالدستور المؤقت الذي سيشكل عقدة كبرى في عراق المستقبل كما صنع البريطانيون من قبل عقدة تقسيم الحدود وترسيمها مع تركهم مناطق فراغ يتنازع عليها كل حين وآن بين العراق وإيران وبين العراق والكويت وبين العراق والسعودية وبين تركيا والعراق, والى غيرها من المشاكل الدستورية وغير الحدودية.

ومن مشاكل تغييب الشعب أنْ جيء بدستور مؤقت ألغى فيه أساس مبادئ الشعب الذي قدم ملايين القرابين من اجلها وهو (القرآن الكريم), فاعتبر الأمريكان أن الدستور الحي الصالح للشعب العراقي هو ما يجب أن يُصاغ من مجموع دساتير بشرية أخرى بإضافة دستور الله (خجلا أو دجلا), ذلك الدستور الذي يؤمن به الشعب ويعتقده, فقالوا (أن القران مصدر من مصادر التشريع) وليس المصدر الأساس في التشريع كما أراده الله لخلقه وآمن به العراقيون أبا عن جد وكابرا عن كابر, وفي ذلك إهانة كبرى لذات الشعب العراقي وهويته ودينه ومعتقده وتضحياته بدون أدنى شك أو ريب.

فجاء ذلك الدستور بغير إرادة الشعب ولا بانتخابه, حتى وضعت فيه مصطلحات لم يقرأها الشعب, كما ستكون لها دلالاتها في صنع ما سيكون خلاف مصالح اجتماع الشعب وخلاف وحدته وتوحيده في المستقبل القريب فضلا عن البعيد.

ثم أن من مشاكل تغييب الشعب أن انتج ذلك الدستور المؤقت حكومة انتقالية تعرضت وتتعرض في كل لحظة إلى أزمة تحقيق الاستقرار الذي كان ينشده الشعب ويتوق إليه. كما ستضطر الحكومة المؤقتة اعتماد سبل تختلف عما كانوا يسمونه الديمقراطية المنشودة في العراق, وعما كان يأمله الشعب نفسه, وأوله قانون الطوارئ, لخنق أنفاس الشعب لقاء مطاردة من يقاومهم, بغض النظر عن ان يكون المقاومون على حق يريدون التحرير فعلا أو من يروم أهدافا نفسية ومآرب حزبية أو قومية أو غيرها.

إلا انهم سيضطرون إلى العمل بقوانين تخالف الشعارات التي وعد المحتلون بها من التحرير والحرية والديمقراطية وغيرها, ذلك أن المنطق الحضاري للدولة الحضارية يوجب عليها المعالجة بالحكمة وردم الهوّة بينها وبين الفرقاء.

وهكذا تتلاحق الإضطرارات في جدول الدولة المؤقتة لأن تلغي حقوق الشعب حتى يُوصَلُ به إلى أقل القليل من الحقوق, ولتبلغ حقوق أغلبية الشعب العراقي في عراقهم إلى أقل من اقل القليل لأقل الاقليات في نظام الديمقراطية القليل جدا نسبة إلى نظام الإسلام الذي يؤمن به الشعب العراقي ودفع الثمن باهضا من اجله خلال القرن المنصرم على اقل التقادير.

أما السبب في تلك الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والحيوية واللجوء إلى قوانين الطوارئ وغيرها هو: أن الحكومة الانتقالية لم تكن قد وُلِدَتْ من رحم انتخاب عموم الشعب لها, ولو كانت كذلك لما كان عدمُ استقرارٍ أبداً. ذلك أن اجتماع الشعب على حكومة تمثله وتمثل تطلعاته يجعله الحارس عليها من كل تآمر داخلي أو خارجي, وسيبني الشعب العراقي دولته وشعبه, ويعود مزرعة لإنتاج رجال الحضارة وزعماء بُناة الحياة, ورواد السعادة في الأرض, وهذا ما لا يرتضيه المتربصون بالعراق والعراقيين سواء كانوا من المحليين أو الإقليميين أو الدوليين على حد سواء.

ولذلك فان منطق الاعتماد على رأي الشعب واحترامه والاعتزاز به وبهويته وشخصيته واحترام علماءه وقدراته الخلاقة, في مقابل اعتماد منطق إلغاء دور الشعب وإقصاءه وتجاوزه والعمل باسمه من دون رأيه وانتخابه إنما يتبين في أمور حيوية كثيرة ابرزها:

أولا: لو كان مجلس الحكم قد ضم كافة شرائح الشعب العراقي, بجميع الحركات ومكوناته الشعبية من مرجعياته الدينية الشيعية, والسنية, ومكوناته الكردية, والكردية الفيلية, والتركمانية, وجميع الاقليات الدينية والعرقية الأخرى, لكان مجلس حكم يحضى بتأييد الشعب اجمع.

ولو تم ذلك بكل صفاء وتجرد من كل الأهواء السياسية المحلية والتحرر من القيود الدولية والإقليمية, لكان قد خرج مجلس الحكم بنتيجة تاريخية لم يسبق لها مثيل في كل العالم وهو تعيين (مجلس وطني عام) يمثل كافة المكونات الداخلة في مجلس الحكم.

ثانيا: ولو خرج المجلس الوطني بهذا الإجماع العراقي الشامل, لخرج من رحمه مجلس تأسيسي منتخب من مجموع أعضاء المجلس الوطني.

ثالث: ولو خرج المجلس التاسيسي بالانتخاب الحر النَّزيه لأولد حكومة انتقالية محبوبة لدى الجميع مرضية من كل الشعب, ومقبولة لدية أو على الأقل مقبولة عند الجميع عبر الانتخاب.

رابعا: ولو وُلِدَت الحكومة الانتقالية من رحم هذه الشعبية وبهذا الإجماع الشعبي لتمكنت من تأسيس دستورها المؤقت الحيوي الناجح, ولتمكن ذلك الدستور من إدارة البلاد بسلام.

خامسا: ولو تأسست الحكومة الانتقالية بهذا الشكل الشعبي وبهذا الترتيب الإجماعي لتمكنت من ترتيب الأوضاع الأمنية بأتم ما يمكن, ولم تجعل لذي حق سياسي عينا طامحة, ولا لحزب حقا مضيعا, ولا لشريحة دينية أو سياسية مهما كانت إلا ولها في النظام السياسي مشاركة وصوتا وفي المشروع السياسي للبلاد دورا.

سادسا: ولو كانت الحكومة الانتقالية بهذا القلب والقالب لأسرعت بترتيب أمر الانتخابات العامة بكل سلام وطمأنينة وأحرزت ثقة الشعب, من دون اغماط حق لشعب العراق في الانتخابات العامة, وبها فلن يتم أي تلاعب في الانتخابات ولا اغماط لحق الاقليات كما لم يتم الإغضاء على إقصاء اكثر من أربعة ملايين عراقي منتشرين في المنافي ابتداءاًََ من إيران وسوريا مرورا بما بين القطبين وقد ملأوا ما بين الخافقين.

سابعا: لتمكنت الحكومة المؤقتة قبل الدائمة من الانتهاء من تبعات النظام الجائر من خلال تطبيق الأحكام العادلة في حق كل من نال من الشعب وعاث فيه فسادا, واهلك الحرث والنسل ولم يبق لذي مطمع عين ولا لذي مأرب هوس, وعفت عمن هو أحق بالعفو واقرب للبراءة.

ثامنا: لو كانت الحكومة المؤقتة منتخبة من مجلس تأسيسي ناتج عن مجلس وطني يمثل كافة القوى السياسية والدينية والشعبية الشيعية والسنية والعربية والكردية والفيلية والتركمانية وغيرها من الطوائف والأعراق الأخرى, لما بقي للأصوات الداعية إلى تصفية حساباتها مع الشعب العراقي وأغلبيته الشيعية تحت رايات الدعوة إلى تحرير العراق من الاحتلال والجهاد وما أشبه.

تاسعا: لو كانت الحكومة العراقية المؤقتة مولودة من رحم ذلك التزاوج الشرعي الجامع لكافة المكونات الطبيعية للعراقيين, لكانت حكومة قوية ناضجة, تتمتع بتأييد شعبي يتصدى الشعب فيه بمؤازة حكومته في السيطرة على الحدود ولأصبح فيها حرس الحدود ليس من الجيش الذي يعاني وما زال يعاني من إعادة البناء والتشكيل, حيث ستكون العشائر العراقية هي التي ستضع أبنائها في خدمة الحكومة التي انتخبوها بأنفسهم, فيصبحوا عندئذ هم حماتها ورعاتها والمدافعين عنها وليسوا متفرجون عليها ينظرون إلى قراراتها وأعمالها السياسية بريبة وحذر.

عاشرا: ولو كانت الحكومة بهذا الولادة الشرعية لا الولادة (البريمرية) الأمريكية البريطانية, لتمكن أبناء الشعب العراقي قبل أجهزة الحكومة من حراسة البلاد ولو كلفهم ذلك أن يصطفوا من شمال العراق إلى جنوبه وحرسوا خطوط النفط شبرا شبرا, ولضيقوا الخناق على كل من يريد بالعراق سوءا مهما كانت جهته واسمه ورسمه.

حادي عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة بهذه الولادة الشرعية لما احتاجت إلى قانون طوارئ ولا إلى الاستعانة بقوات أجنبية, ولا اقترحت استقدام قوات إسلامية عربية كانت أو غير عربية, لما في ذلك كله من تدويل لمشروع إدارة العراق وكأن العراق يراد له الخروج من حرب أهلية داخلية الأمر الذي يستلزم قوات أجنبية.

ثاني عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة بهذه الشرعية لما رضخت إلى الولاية المطلقة المفروضة عليها, ولاية (الفيتو) لإمامها المسلط (بريمر) ليفرض عليها قوانين ودساتير, ولكي توقع له ما يريد من معاهدات واتفاقات وقرارات لا تمت إلى رأي الشعب ولا إلى مصلحة بأي شكل من الأشكال.

ثالث عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة شرعية بهذه الطهارة والنظافة في الولادة لما تمكنت من الرضوخ للإرادة الأمريكية البريطانية فتشرع قانونا يقضي بتأمين الحماية القانونية لكل جنود الاحتلال من أي ملاحقة قضائية, وعدم مقاضاتهم مهما فعل الجنود وانتهكوا الحرمات المقدسة واستباحوا الأعراض, وهدروا الكرامات.

رابع عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة بهذه الولادة الشرعية لما طلع علينا كل يوم وزير بروح طائفية ونَفَسٍ بعثي في حكومة مؤقتة كانت أو دائمة ليشن لنا حربا طائفية ضد إيران وليعيد إلى العراق أرضية الصراعات القومية الطائفية القديمة من جديد. وليزج فيها شيعة العراق بحرب مدمرة, أو يأتينا وزير إقليمي جديد ليبلور لنا بوادر حرب إقليمية ضد سوريا أو الكويت أو غيرها, أو يطلع علينا وزير قومي يريد إحداث مشكلة مع أبناء العراق من الأكراد, كما لم يخرج علينا كل يوم وزير تعليم وتعليم عالٍ ليعرقل مسيرة التعليم الحر, والإبداعات العلمية للكفاءات الوافدة من المنفى لتأسيس مدارس أو كليات, ومعاهد أو جامعات, وذلك من اجل الإبقاء على المستوى الثقافي والعلمي على ما كان عليه مترديا منحصرا في الأطر الحزبية للنظام السابق, ليوقف الحركة العلمية التي من شأنها دفع حركة الثقافة والعلم والتعلم والتعليم في العراق, وذلك لما فيه من فسح المجال أمام تلك المؤسسات العلمية الجديدة من تطويرٍ للعراق والعراقيين, كما لن يطلع علينا وزير صحة يريد عرقلة الأنشطة في القطاع الخاص للطاقات العراقية الوافدة إلى وطنها في بناء المستشفيات والأكاديميات الطبية, والمستوصفات والمصحات وغيره.

أجلْ.. يلزم أن يكون الأمر بالتنسيق مع الوزارات المختصة لا بالفوضى كما يجب على الوزارات المختصة الدفع والتشجيع, لا العمل بالتعقيد والإعاقة, لما في ذلك من خدمة الصالح العام. وذلك كله لا يتحقق إلا بالحكومات الشعبية المنتخبة شعبيا.

خامس عشر: ولو كانت حكومة مجلس الحكم والحكومة المؤقتة سليمة جامعة لرضا الشعب ورضا الله تَعالى, لما تمكنت قوى الشر والتدمير في العراق من خلق قناعة لدى حكومة قوات الاحتلال المتمثلة (في بريمر) ومن تبعه ويتبعه, بأن لا يمكن بناء العراق إلا من خلال الاعتماد على قوى النظام القديم, وذلك من خلال الضغط على الحكم وإدارة الاحتلال ومجلس الحكم والحكومة المؤقتة وغدا الدائمة عبر التفجيرات ومسلسل الاغتيالات, والإرباك الأمني, وأفلام الاختطاف, ومسرحيات تحرير الرهائن, والاختلال الإداري وغيرها, حتى طفح على السطح مفهوم ضرورة الاعتماد على التكنوقراط, وكان المقصود بها عمليا الاعتماد على أجهزة النظام الدموي القديم, والاستعانة بِحَمَلَةِ الفكر القومي الطائفي الحزبي ذي الثقافة الضيقة والتجربة الدموية الشديدة المراس, ولكن بثوب الأحزاب الديمقراطية وواجهات مكونات الثقافة التدميرية التي أهلكت العراق وأبادت الشعب وفي مقدمتهم الشيعة والأكراد. ليعود العراق بعثيا طائفيا قوميا دمويا كما أرادته سابقا بريطانيا وأمريكا, لتعود به الإدارة نفسها اليوم ولكن بثوب ديمقراطي جديد, وليس اشتراكي قديم, والغايات واحدة. والعمل الحضاري هو التعامل مع كافة أبناء الشعب العراقي وفي خدمته وهو الذي يقرر ذلك, وينتخب الأصلح له.

سادس عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة كما قلنا جامعة لكل مكونات الشعب العراقي ومحترمة لرأي الأكثرية لكانت مرضية عند الله ومقبولة لدى الشعب, ولم يظهر عليها ساخط, فكيف وإذا بها لم تمنح أكثرية الشعب العراقي على أقل التقادير ذات النسبة في التكوين والتمثيل السياسي التي مُنحت فيها اقل الأقليات في عراق الديمقراطية المزعوم؟؟ وحينما أقول المزعوم فلأنها لا تمت إلى اقل مصاديق الديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد.

سابع عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة مرضية عند الله ومقبولة لدى الشعب لما خرج إلينا كل يوم قاض يحاكم فيه من يتصدى لمحاكمة الطاغوت وأعوان الظلمة الذي أبادوا الشعب وافسدوا وفسقوا وانتهكوا الحرمات وأبادوا الإنسانية.

ثامن عشر: ولو كانت الحكومة مرضية عند الشعب لما خرج إلينا كل يوم شخص أو أشخاص ليؤزموا الوضع الأمني مرة في النجف الأشرف وثانية في كربلاء المقدسة وثالثة في بغداد ورابعة في الرمادي وخامسة في البصرة وبعدها في الموصل واربيل وغيرها من بلاد العراق. تحت ذرائع شتى.

تاسع عشر: ولو كانت الحكومة المؤقتة شعبية ومجلسها من قبل كذلك, لما تناهت إلى الأسماع أصوات تسوّق إلى ضرورة رفض أبناء الشعب العراقي القادمين إلى بلادهم من المهجر, وملايين المبعدين وراء الحدود إلى إيران والإبقاء عليها خارج العراق وإخراجها من العملية الانتخابية بحجج أوهى وأوهن من بيت العنكبوت لو كانوا يعلمون. أو لم يكن هؤلاء في طليعة الشعب العراقي الذي قارع النظام السابق ولاحقته أيادي الإرهاب والإبادة وافلت منها بألف معجزة ومعجزة؟؟ أو ليس هؤلاء أبناء الذين اعدم النظام السابق آبائهم وإخوانهم وكبروا في المهاجر وحملوا خبرات العالم وتطلعات الأمم المتحضرة واصبحوا كفاءات علمية وعملية, أو ما كان هؤلاء يعيشون هموم العراق والعراقيين, وكانوا ينقلون صوت معاناة الشعب المسجون في سجن كبير اسمه ((العراق))؟؟ ومع هذا وذاك أفلا يتبين من الذي يكمن وراء هذه الدعوات والنداءات؟؟ وما هو المراد منها؟ وما هي الغايات؟.

عشرون: ولو كان مجلس الحكم يمثل كافة أبناء العراق وكذلك الحكومة المؤقتة قد وُلِدَت بتأسيسِ ومباركةِ عموم أبناءه وقواه السياسية والدينية وغيرها, لما اُنتهكت حرمات العتبات المقدسة عند المسلمين واستبيحت حرمة ثاني المقامات الشريفة بعد المقام الشريف لرسول الله, وذلك هو مقام ابن عم رسول الإسلام وزوج ابنته وناشر دينه بسيفه وكلمته, أمير المؤمنين علي بن أبى طالب, ومقام ولده الحسين سيد شباب أهل الجنة, ومقام أسباطه الأربع, كل من الإمامين الكاظمين والعسكريين, ومن ثم انتهاك حرمة ثالث مسجد بعد المسجدين المكي والنبوي, وهو مسجد الكوفة الكبير.

الحادي والعشرون: ولو كانت الحكومة العراقية تريد أن تكون حرة على وجه الحقيقة وذات سيادة واقعية وحقيقية لكانت مرضية عند الله وجامعة لكل الشعب بشيعته وسنته وكرده وتركمانه وغيرهم من دون استثناء, ومنتخبة منه, وبيده, لما تجرأ أحد على مساجد المسلمين وحسينياتهم وكنائس النصارى, ومعابد الصابئة وغيرهم, وقد أرادوا بذلك إحداث اختلالات مذهبية ونعرات طائفية.

الثاني والعشرون: ولو كانت تلك الحكومة العراقية نابعة من رحم الشعب وجامعة لكافة مكوناته الطبيعية الخيّرة المحرومة, لما تعالت الأصوات بضرورة الاستعانة بالدول الإسلامية العربية منها وغير العربية لأغراض تدريب جيش العراق الجديد, وقد عرف العراقيون ما كانت تضمر لهم تلك الحكومات أيام جهادهم في المهاجر, وقد كانت ضدهم إلى جنب النظام الجائر لهم. ولاستغنت الحكومة المؤقتة واعتمدت على أبناء الشعب أنفسهم بما فيهم من الكفاءات العالية والمثقفين والخبراء الجديرين, واستندت إلى القوى المتمرسة علميا وعمليا من أبناء الشعب الذي ناضل ردحا لا يستهان به من الزمن. ولكن الضعيف هو الذي يحتاج إلى القوة من الخارج, والاستغاثة بمن يريد أن ينقذه فيثقله, ولا يزيد وضعه إلا تعقيدا, ومشاكله إلا مشاكلا, وكأن تلك الدول دولا حضارية وجنودها بُناة حضارة, ودعاة سلم وسلام, وأجهزتها متمرسة على الديمقراطية والحرية.

الثالث والعشرون: ولو كان مجلس الحكم والحكومة المؤقتة حكومة شعبية انتخبها الشعب بنفسه ولم يعيّنها الاحتلال لما وقَّعت الحكومة ولا المجلس من قبل أي قرار أو معاهدة أو اتفاق سياسي أو مالي أو اقتصادي استراتيجي بعيد المدى, ولا تصرفت بما هو ملك الشعب الذي يجب أن يتصرف به هو بنفسه من خلال ممثليه الشعبيين الشرعيين وحكومته الشعبية.

الرابع والعشرون: ولو كانت الحكومة شعبية لما أسرعت إلى استخدام جيشها, وحرسها الوطني الجديد في ضرب أبناء الشعب وتدمير منازلهم وإخلاء مدنهم وقطع الماء والكهرباء والخدمات الحيوية عنهم سواء في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة وسامراء المشرفة والمدن العراقية الأخرى, بحجة قمع مناوئيهم ومن يقف بوجههم, وقد تعالت أصوات الشعب معلنة أن الحكومة الديمقراطية الجديدة قد أسست لنا أجهزة عسكرية ديمقراطية كانت ذات خبرات عالية في تدمير العراق وإبادة الشعب, ومتمرسة بانتهاك الحرمات والمقدسات الدينية, فقامت بتوظيف بقايا الحرس الجمهوري القمعي, والأجهزة التعسفية القديمة, وذلك لأنها جديرة بقمع الشعب تحت طائلة مكافحة الإرهاب, وهذا ما عليه خطاب عموم الشعب .

الخامس والعشرون: ولو كانت الحكومة شرعية منخبة من قبل الشعب لعَيَّنت وزراء يخدمون العراق بحق, ولَّصَّبت لوزارة المهجرين على سبيل المثال وليس الحصر, من أبناء الشعب العراقي الذي هُجِّر منه اكثر من أربعة ملايين مازالوا لحد الآن في المنافي, وبناءا على هذا الاستيزار فمن يطالب بحق المهاجرين والمهجرين, وكيف ستعطيهم هذه الوزيرة ووزارتها حقوقهم المدنية والاقتصادي وتعيد لهم ما سلبه وصادره منهم النظام السابق ؟ وكيف لهذه الوزارة التي لا تمثل المهجرين أن تطالب بحقوقهم السياسية في العودة إلى العراق وممارسة حريتهم بديمقراطية في انتخاب الحكم الذي يجب أن يحكمهم بعد مراحل التهجير والتعذيب السابقة؟0

السادس والعشرون: ولو كانت هذه الحكومة منتخبة من قبل الشعب لجاء بوزراء شعبيين بمحض إرادته ووفق نظام الحريات والديمقراطيات على اقل التقادير, ومثال بسيط على ذلك هو انتخاب الشعب في جنوب أفريقيا العنصرية سابقا لحكومته الجديدة فجاء بسجين من عمق سجون العنصريين ليكون رئيسا له, وذلك هو (مَندِّلا) .

السابع والعشرون: لو كانت الحكومة العراقية المؤقتة شعبية لم يحتج تأسيسها ولا تنصيبها لأن يكون خلسة عن الشعب, ولا خفية عن الأنظار, ولا يهرب الحاكم العسكري بعد الإعلان بسويعات, وعلى هذا فكيف يمكن لحكومة (تعمل من اجل شعب) ثم يُعلن تأسيسها ويٌجهر عنها خفية عن الأنظار وقبل موعدها التي قُرِّرَ لها. ذلك لان الحكومة الشعبية لا يمكن بأي وجه من الوجوه أن يُعلن عن تأسيسها خوفا من لص أو مجموعة لصوص, لكون الشعب هو الحامي لها والحارس والمدافع عنها.

الثامن والعشرون: لو كانت الحكومة المؤقتة شعبية ووطنية لم يجرِ انعقاد (مؤتمرها الوطني ) تحت إعلان حالة من الطوارئ أولا, وثانيا تحت استئناف عمليات قصف قوات الاحتلال مع القوات الحكومية لمدينة النجف المقدسة عند المسلمين في العالم, والإقدام على استباحة حرماتها وإسالة الدم الحرام فيها وعلى أعتاب مرقد إمام الحرية وسيد العدالة ومعلم الإنسانية ومترجم منهج رسول الإنسانية في إقامة العدل والحرية, والقائم بتفريع أصول المشروع السياسي الحضاري العادل الذي يعجز عن استيعابه واستيعاب كافة مضامينه الحضارية العميقة كافة رجال السياسة في العالم على الإطلاق, لعظمته وعِظَمِ ما فيه, ذلك هو مرقد الإمام علي عَلَيهِ السَلام, ومع ذلك تعلن هذه الحكومة المؤقتة وغير الشعبية والمُنصّبة من قبل الاحتلال, عن عجزها عن استيعاب تيارات سياسية إسلامية لها باعها وتأريخها في الجهاد ضد تعسفية النظام السابق, كما أعلنت عجزها عن استيعاب الكثير من التناقضات السياسية في البلاد, ولاسيما الأزمة السياسية الحادة لتيار الشهيد الصدر فتتعامل معها ومعه بعنف وقسوة بدأت بإغلاق جريدة وانتهت بانتهاك حرمة المقدسات الدينية وهتك الحرمات فلجأت إلى إراقة الدماء, وما ذلك كله إلا لأن الحكومة المؤقتة لم تكن جامعة لرضا الشعب ولا محرزة لرضا الله تَبارَكَ وَتَعالى.

التاسع والعشرون: أن الحكومة ذات السيادة الحقيقية هي الحكومة الشعبية الحرة الني ينتخبها الشعب لتمثل إرادته وتطلعاته, وعلى هذا فان الحكومة العراقية المؤقتة فارغة من السيادة الحقيقية, لكونها خضعت إلى تعيين من قبل الأجنبي المحتل للبلاد. ولكي لا يقول أحد ما هو المخرج وأننا بين أمرين, بين سلطة احتلال يجب أن يرحل جنودها عن البلاد, وبين شعب لا تسوده دولة, الأمر الذي لا يمكن به البقاء من دون دولة, فلابد من تأسيس دولة مؤقتة تقوم بمرحلة انتقالية, فأقول لهذا الزاعم: أن الله تَعالى لم يعقم أرحام العراقيات من إنجاب العظماء والمفكرين وفي العراق عباقرة الفكر والعلم والأدب والفقه والسياسة وقد طرحوا مشاريعهم وأفكارهم في نقل السلطة بشكل حضاري وحيوي سليم, من دون الحاجة إلى الاستسلام إلى تعيين حكومة انتقالية, ولا التوقف لمدة عام أمام ظاهرة مجلس حكم انتقالي, ومن دون الحاجة إلى تعيينها بشكل سرّي وإعلانها خلسة وقبل موعدها, كما لا حاجة إلى انعقاد مجلس وطني في ظل قانون الطوارئ كما أُعلِن اليوم, ولا مع هدير المدافع والطائرات وسفك الدماء وانتهاك حرمات الحرم الشريف للإمام علي عَلَيهِ السَلام.

بل يمكن لشعب العراق أن يقوم ببناء عراق يتمتع بكامل الحرية وينعم بتمام الاستقرار وكمال التوادد والتحابب, جامعا بين فئاته وطوائفه وقومياته وأديانه بشكل لا يبخس فيه أحدٌ أحداً حقاً, وتحقيق السيادة الحقيقية للوطن والشعب والحكومة, وقد سبق أن كتبت مشروعا متواضعا أعطيته جامعا مانعا, وسّلمناه أهل الحل والعقد في حينه وسوف أعلنه على الملأ لاحقا بحول الله تَعالى, إذن فهناك حلول يمكن أن تكفل للعراق وطناً وشعباً وحكومةً, أمْنَاً وأماناً وسلامةً.

الثلاثون: ولو كانت الحكومة العراقية المؤقتة وحكومات البشر جمعاء قد خضعت لقوانين الحضارة في الحياة, لكانت مرضية عند الله ومقبولة لدى الشعب, وتحولت الحياة إلى نعيم ورفاه وسعادة, كما قال تَعالى (وَلَوْ أنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ) الذي أُنزل على موسى وعيسى (وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ) يعني القرآن الكريم(لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم) 66/المائدة.

وقال سبحانه (وَلَوْ أنَّ أَهْلَ الْقُرَى) وهم العرب قد (آمَنُواْ) إيمانا عمليا بكتاب الله ودستوره وليس بدساتير تضعها الحكومات لهم (وَاتَّقَواْ) في حق الله وحق الناس ولم يلعبوا على حبال السياسة والتآمر والتحالف على حساب الشعب باسم الشعب واسم السهر على مصالحه كما هو ديدن كل الحكومات التي ظلمت الشعب العراقي البائس طوال الحقب الزمنية السالفة(لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ) فنسفوا التسليم لله وسلّموا للمصالح والتحالفات وضربوا كتاب الله عرض الحائط وأشركوا به غيره من دساتير وقوانين وغيرها حتى قال تَعالى (فَأَخَذْنَاهُم) بكل مشكلة وكرب, وانتابتهم الأزمات من كل ناحية وصوب, وما ذلك إلا (بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) 96/الأعراف.

وفي الختام...

أهيب بكافة الاخوة من أبناء شعبنا العراقي المحروم, وبقايا مجلس الحكم المنحل, ورجال الحكومة العراقية المنصبة مؤقتاً حالياً, والقادمة مستقبلا, اعلموا أن الأخطاء المنهجية لا تورث إلا الكوارث الاستراتيجية.

ولا تبني إلا عراق التجربة القديمة وتكرارها من جديد.

ولا تؤسس إلا عراق الجماجم لتتراكم فوق الجماجم السابقة.

ولا تزيد إلى نسائنا إلا ثكلا وترمّلاً لتضيفها إلى ثكالانا وأراملها التي ما زالت تبكي مقابرها الجماعية, وتندب أبناءها ورجالها في السجون التي تبخرت بها أجسادهم في الأحواض الكيمياوية والتجارب الحربية وغيرها.

ولا تزيد أيتامنا إلا يُتماً..

فحذار حذار يا رجال الحكم من أن تكونوا جسرا يعبر عليه غيركم لتدمير بلدكم, وإبادة شعبكم...

وكونوا أحرارا... يلتف حولكم شعبكم..

وكونوا سادة في أنفسكم..

وحققوا السيادة الحقيقية في ذاتكم..

لتكونوا سادة في شعبكم لا على شعبكم..

وأقوياء بشعبكم لا على شعبكم..

فان السيادة السياسية سيادة ذاتية في النفس, وسيادة بلادكم بسيادة شعبكم لا بتمكين سيادة غيركم من سيادة شعبكم وسيادتكم.

ويجب على الحاكم أن يكون حضاريا, إنسانيا..

لا قوميا ولا طائفيا, لا إقليميا ولا عنصريا, وعند التعامل في حقل السياسة فيجب أن يكون مَرِنَاً, ومع التناقضات السياسية أباً رحيماً..

ذلك أن المنطق الحضاري وحده الذي يقول: (أشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم).

ثم يقول: (ولا تكونن عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أُكُلَهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ, فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاّك. وقد استكفاك أمرهم, وابتلاك بهم.

ولا تنصبن نفسك لحرب الله, فإنه لا يدي لك بنقمته، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته. ولا تندمن على عفو، ولا تبجَّحن بعقوبة، ولا تسرعنَّ إلى بادرة وجدت منها مندوحة ولا تقولن إني مؤمَّرٌ آمِرُ فأُطاعُ, فإن ذلك إدغالٌ في القلب، ومنهكةٌ للدين، وتقربٌ من الغير).

ثم اعلم (إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة, فإنهم أعوان الأثَمَةِ وإخوان الظَلَمَةِ).

وهذا ما قاله خليفة رسول الله لمن ولاّه هو بيده على شؤون المسلمين, فماذا يقولون من ولاّهم أمير الاحتلال وحاكم قواته على العراق رغم انف الشعب ورغم إرادة مرجعياته الدينية والسياسية والاجتماعية؟؟؟.

أتراه يقول نفس الشيء..

أم أن وزير دفاعها هو الذي يتصدى لمعالجة الأمور السياسية الداخلية بحد السيف وهدير الطائرات وأزيز المدافع والدبابات, والهجوم على حرمات المقدسات الإسلامية وسفك دماء الشعب لمجرد مشكلة سياسية عجزت الحكومة المؤقتة عن حلها, إن لم نقل أن إدارة الاحتلال الأمريكي لا تريد إلى ذلك سبيلا.

وما ذلك كله إلا باسم الديمقراطية , وتحت أمر الديمقراطية العالمية هذا اليوم..

ولو كانت الحكومة المؤقتة شعبية حقا لحلّ الشعب بنفسه تلك الأزمات, ولخمدت نيرانها مرجعياته الدينية وعقلاءه الذين أٌريد لهم الإقصاء والإبعاد منذ اليوم الأول..

دعونا نكون حضاريين ومنصفين أيها الاخوة ..

إن الحل كل الحل في العودة إلى العمل برضا الشعب ورضا الله..

(رضا الشعب وحده) برضا (الله وحده)..

ذلك انه لا طاعة لمخلوق بسخط الخالق..

ولا عدالة مع المظالم..

ولا استقرار مع الإقصاء.. والتناحر.. والتخاصم..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد سعيد المخزومي

15/آب/2003 المصادف

29/جمادي الثاني/1425

شبكة النبأ المعلوماتية - الأربعاء 18/8/2004 - 1/ رجب المرجب/1425