يحاول الأمريكيون تصوير معركة النجف بكونها ردا على تحرشات قوات جيش
المهدي. غير أن المراقبين المحايدين يذهبون مذهبا آخر في رؤية الأحداث،
وفي تفسيرها. فمنذ الهدنة التي عقدت في يونيو الماضي مع مقتدى الصدر،
لم يبد هناك تحرك كبير يشير بأن جيش المهدي يستعد لخوض معركة فاصلة
سواء مع الحكومة المؤقتة، أو مع القوات الأمريكية. فهم أكثر إدراكا ان
ذلك ليس في وسعهم، أو في متناولهم في المدى القصير. فممارسات جيش
المهدي، ومناصري مقتدى الصدر لم تختلف عن ممارسات الميليشيات الأخرى
التي يعج بها العراق، كل يحاول أن يحافظ على مراكزه، وكل يسعى لمد مجال
نفوذه. وبطبيعة الحال تختلف نظرة قوات الاحتلال من ميليشيات إلى أخرى.
فهي ترى في بعضها حليفا لوجودها كقوات البشمركية، وهي ترى في أخرى
وجودا محايدا كقوات بدر، كما أنها تنظر إلى البعض الآخر خطرا على
قواتها. وجيش المهدي يقع في مقدمة من ترى فيهم خطرا محدقا. وقد حاولت
الولايات المتحدة احتواء مقتدى الصدر بإغرائه في المشاركة في مجلس
الحكم، وفي اشراكه في فعاليات السلطة، لكن جهودها باءت بالاخفاق. ثم
حاولت قصم ظهر جيش المهدي في ابريل الماضي حينما أعلن الجنرال سانشيز
انه سيقضي على مقتدى الصدر، فازدادت شعبيته، واضطرت القوات الأمريكية
إلى عقد هدنة معه.
كأي هدنة بين طرفين متحاربين لا يمكن إلا أن يتخللها انتهاكات هنا
وهناك. غير ان اختيار النكث بها يعبر عن رؤية جديدة للتعامل مع الخصم.
وهذه الرؤية لها أسبابها ودواعيها لدى من يتبناها. ومن تابع الأحداث
منذ نهاية الأزمة الأخيرة بين أتباع الصدر والقوات الأمريكية شده
الانتباه إلى تزايد شعبية الصدر في الأوساط الشيعية، بل والسنية. فقد
أبان استفتاء أجري لمصلحة القوات الأمريكية ان شعبية الصدر ارتفعت بعد
يونيو الماضي الى 86 في المائة بين أتباع المذهب الجعفري. وهذا
الارتفاع الكبير في شعبية مقتدى الصدر له نتائج مادية ومعنوية. فمن بحر
هذا التأييد يستطيع أن يجند مقاتلين ونشطاء، ويمكنه ان يجمع تبرعات،
ويتيح له ان يسيطر على مؤسسات ومراكز عسكرية ومدنية، وكلما ازدادت قوته
وتوسعت هيمنته، كلما اغرت الآخرين بالانضواء تحت لوائه، وفي إعلان
الولاء له حينذاك، يستطيع دون أن يحرك مقاتلا ان يشل كل عمل أو نشاط
للقوات الأمريكية، أو للشرطة العراقية المتحالفة معها. وعندئذ، لن يكون
هناك أي معنى لوجود الحكومة المؤقتة. فهي لا وجود لها في كردستان
العراق، وهي غائبة في “المثلث السني”، وتكتمل الدائرة بهيمنة الصدر على
المناطق التي تسكنها الأغلبية الشيعية، كما أن الأحزاب التي تستند الى
التأييد الشعبي لن تكون إلا هياكل خاوية.
ومثل هذا الوضع يستفز كل الخصوم إلى إجراءات استباقية، ويغري
المنافسين بالتحريض والتآمر لمنعه، أو السكوت على إزالته، ولم يغب عن
بال القائمين بهذه التحرشات أن ليس في استطاعة قوات جيش المهدي غض
النظر عنها، فمثل ذلك، سيظهرها عاجزة عن الدفاع عن نفسها، ويضعف
شعبيتها، ويغري القوى الأخرى بها. فرد الفعل أمر طبيعي ومتوقع. وقد كان
يمكن للتحرشات المتبادلة ان تمضي لفترة أطول لو جرت في سياق التماس
العادي بين الخصوم. لكن تطويرها الى حرب اجتثاث يعكس ان التحرشات كانت
أفخاخاً لا يمكن التعفف عن الاستجابة لغوايتها.
لكن الموقف أكثر تعقيدا، فليس التخوف من تنامي قوة جيش المهدي السبب
الوحيد الذي حفز حرب الاجتثاث، بل هناك أسباب أخرى تتفاوت في قوتها وفي
إلحاحها. فالولايات المتحدة دخلت حمى الانتخابات، وهي انتخابات صعب
التكهن بنتائجها.
فالقوى تتقاسم الناخبين، وكل ورقة رابحة لها دورها في حسم نتائج
الانتخابات. ومن تابع الإعلام الأمريكي في الأسابيع الأخيرة يلحظ ان
أخبار المقاومة في العراق، وسقوط القتلى الأمريكان بدأت تغيب عن
الصفحات الأولى وتنزوي في الصفحات الداخلية، كما انها لا تتصدر نشرات
أخبار التلفزة، إذا أذاعتها، وهذا وضع يريح الإدارة الحالية، ولا تعترض
عليه حملة كيري المؤيد أصلا للحرب على العراق. كما انه يعكس رؤية
النخبة الأمريكية التي لا تريد أن تخلق مزاجا شعبيا ضد الحرب، كما جرى”
في فيتنام، يؤثر في قدراتها على شن حروب جديدة.
لقد اجتمعت مصالح الجميع في أمريكا على ضمان استمرار الاحتلال.
واستمرار الاحتلال لا يؤثر فيه كثيرا حجم الخسائر الأمريكية والعراقية،
إلا بقدر تأثيرها في المزاج الشعبي الأمريكي. فالمعارك الجارية في
العراق تلحق اضرارا رهيبة بالشعب العراقي، وتؤذي القوات الأمريكية،
لكنها طالما لا تقرع أجراس الإنذار في الولايات المتحدة تبقى محتملة
ومقبولة ثمنا لبقاء الاحتلال واستمراره. غير أن ملاحظة الأمريكان
لتنامي قوة الصدر واحتمال سيطرتها على الشارع الشيعي، هي بمثابة قنبلة
موقوتة قد تنفجر في الوقت غير الملائم، وبالقوة غير المناسبة لمصلحة
الولايات المتحدة. فمن الأفضل حينذاك أن تباشر الإدارة الأمريكية
تفجيرها في وقت تختاره، وقبل أن تتنامى قوتها ما يجعل أضرارها غير
باهظة سياسيا وماديا.
مأزق سياسي وعسكري
ثم ان هناك عاملا آخر يحض الإدارة الأمريكية على التعجيل بمعركة
الاجتثاث. فهي تعد الرأي العام الدولي لمعركة ضارية مع إيران، قد تصل
الى حد استخدام القوة المسلحة ضد المنشآت النووية الإيرانية. وهي تجد
نفسها في مأزق سياسي وعسكري في موضوع استخدام القوة المسلحة. فإن سمحت
الإدارة الأمريكية ل “اسرائيل” للقيام بالضربة العسكرية، فهي لا تعرف
حدود الأضرار المترتبة على اشتعال معركة طاحنة بين حزب الله و”اسرائيل”
التي قد تجر سوريا إليها قصدا أم خطأ. كما ان قيامها نفسها بتوجيه
الضربة العسكرية بوجود جيش المهدي القوي المسيطر، سيحيل العراق الى
جحيم لقواتها. فاجتثاث قوة الصدر أحد أبواب الوقاية، وقلع للأنياب التي
بواسطتها تتمكن إيران ان تنهش القوة الأمريكية. بل وربما تطمح الولايات
المتحدة الى أكثر من ذلك. إذ أن اجتثاث قوة جيش المهدي، واحتواء القوى
الأخرى المناصرة لإيران قد يمكنها من تقوية التيار المساند لها في
الوسط الشيعي لاستخدامه ضد إيران. وقد بدأنا نسمع التحريض ضد إيران من
قوى داخل الحكومة العراقية تذكرنا بشعارات النظام العراقي السابق، بل
تذهب أبعد من ذلك حينما تعتبر ايران العدو الأول للعراق، ولن يكون
مستغربا فصل عرى الوفاق بين الشيعة أنفسهم بإيقاظ الوهم بأن الشيعة
شيعتان، إحداهما ذات ميول عربية، وأخرى ذات ميول فارسية. فيصبح الجامع
بين الشيعة العصبية، وليس العقيدة، فالأولى تقود الى العداوة، والثانية،
تدفع الناس الى التواصل، والأولى تخدم المقاصد الأمريكية، والثانية
توحد الناس في مواجهة مراميهم.
التنافس الداخلي
ومع أن الأسباب الأمريكية هي الفيصل في التوجه لاجتثاث قوة جيش
المهدي، إلا ان التنافس الداخلي يسهم في تقوية هذا التوجه، بدل إضعافه.
وأول ما يلاحظ المرء في هذا التنافس الازدواجية التي يتعاطى بها بعض
المسؤولين العراقيين مع قوات جيش المهدي. فصوت زيباري وزير الخارجية
قوي وواضح في ضرورة ضربها بشدة، وهو الذي يمثل قوة ميليشيات كردية لا
تسمح للحكومة المركزية من الاقتراب من مناطقها. ولا يخفى على المراقب
ان تفرد الميليشيات الكردية بالقوة، يجعلها تفرض جدول أعمالها على
القوى الضعيفة التي لا تملك قوة تضارعها. كما ان هناك قوى شيعية مثل
المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة لديها أتباع كثر، بدأت
تشعر بالحرج وبالضغوط الشعبية لمشاركتها في حكومة مؤقتة لا تملك ان
تعارض الممارسات الأمريكية. فهي ليست لديها القوة أو الرغبة أو كلاهما
في النزول الى الشارع لمواجهة الاحتلال الأمريكي. إذ يبدو أنها اقتنعت
ان مسايرتها للاحتلال قد يعود عليها بفوائد، بينما معارضتها الفعالة له
تعرضها الى مخاطر.
وربما يحرك البعض منها دوافع مذهبية. فهي تطمح ان يمكنها الأمريكان،
في وجود المقاومة في ما يسمى “المثلث السني” من حكم العراق بعد أن غابت
عنه سنين طويلة، وتخشى حقيقة أم وهما، أن تعود الأوضاع السابقة في
إدارة شؤون العراق إلى ما كانت عليه. وهذا التوجه كان يمكن ان يؤتي
ثماره لو لم تكن هناك قوات جيش المهدي، أو أن هذا الجيش لم يأخذ موقف
العداء الفعال من الاحتلال الأمريكي. ففي غياب قوات جيش المهدي كان
يمكن ان تكون المعادلة، “مثلث سني” مقاوم في مواجه مناطق شيعية متحالفة.
لكن جيش المهدي أفسد هذا الوهم. وهو وهم لأنه يفترض الافتراق في الدفاع
عن الوطن من منطلقات مصلحية. وهو وهم لأنه لم يستوعب دروس التاريخ
حينما كان الشيعة في طليعة المدافعين عن العراق.
كما أن في الحكومة المؤقتة افرادا وجماعات يرون ان سيطرة قوات جيش
المهدي على الشارع الشيعي سيكمل حلقة عزلهم في مكاتبهم. فهم لا يسمح
لهم بالوصول إلى شمال العراق إلا ضيوفا، ولا يجرؤون على دخول مدن
“المثلث السني”. وحين تهيمن قوات جيش المهدي لن تبقى لهم قيمة سياسة أو
معنوية. وهذا يفسر قسوة تعابير بعضهم، بل ومزايدتهم على جنرالات القوات
الأمريكية في وعيدهم وتهديدهم لقوات جيش المهدي، واتباع مقتدى الصدر.
فهذه القوى الداخلية جميعا في تحريضها، أو في سكوتها لا تكبح جماع
القوات الأمريكية المنفلتة من عقالها، بل أن تصريحات بعضها الداعية إلى
خروج القوات الأمريكية من النجف تعكس حجم الضغوط الشعبية أكثر، مما
تعكس قوة القناعات السياسة.
انتصار في الحالين
لكن معركة النجف خاسرة أمريكيا، والأمريكان كعادتهم يتحركون بقوة
أسبابهم وليس بقوة فهمهم أو وعيهم لطبيعة المجتمع الذي يتحركون داخله.
فأسبابهم تبدو قوية سياسيا ومحكمة استراتيجيا، لكنها بذاتها ليست
كافية لنجاحها. فمقتدى الصدر قد حسم المعركة لمصلحته ابتداء. فلو انه
قد قتل لكان الرمز والنبع الذي ستتولد منه كل المقاومة للاحتلال
الأمريكي. والاتفاق معه سيجعله البطل المثال الذي يستحوذ على عقول
الناس ويهمزهم الى الانضمام إلى صفوف قواته. وسيزحف تأثيره إلى
المجالات كلها، وسيحسم المترددون مواقفهم في الإسراع الى مناصرته.
ويبدو أن كثيرا من المراقبين الغربيين من طفح تأثرهم بالميكيافيلية
السياسية في بلدانهم يحكمون على سلوك مقتدى الصدر، وممارساته، وبالذات
على لغته السياسية من منطلق سياسي انتهازي. ويخفى عليهم ان الصدر ابن
بيئته الأسرية، ونتاج مناخه العقائدي. فقد نشأ في أسرة مناضلة. وتربى
في مدرسة تتغنى بمواقف الحسين (رضي الله عنه) المبدئية. فهما قد طبعا
سلوكه، وهما قد حكما تصرفاته. وهذه تبدو للناظر الذي ليس له عهد
بالمواقف المبدئية أن فيها حنكة سياسية، ونظرة استراتيجية. وليس بين
هذا وذاك تناقض. فليس بالضرورة أن يخلو الملتزم عقائديا من بعد النظر
الاستراتيجي، أو أن يحظى به. كما أنه ليس من المألوف ان يكون السياسي
الانتهازي غنيا بالحكمة أو فقيرا إليها. فالتاريخ مليء بالأمثلة
المتناقضة من هذا النوع أو ذاك. كما أن هؤلاء الغربيين الذين سار على
نهجهم بعض المعلقين العرب لم يتوانوا عن اطلاق صفة المغامر على مقتدى
الصدر. فإذا كان هؤلاء الغربيون يريدون ان يحطوا من قيمته تبريراً لما
يجري في العراق، فحري بالمعلقين العرب أن لايسقطوا في هذا الشرك. فتلك
الصفة تفترض ان مقتدى الصدر هو الذي بدأ القتال، أو تفترض أن فكرة
مقاومة الاحتلال مغامرة، أو تفترض كلاهما. فالفرضية الأولى ترداد
للمقولة الأمريكية التي لا تسعفها الأدلة.
أما الثانية، فتجعل المقاومة التي تنطلق من مواقف وطنية أو عقائدية
نشاطا اقتصاديا وليس مبدئيا. صحيح أن من الحكمة أن لا تخاض المعارك من
دون اعتبار للمعطيات العسكرية والسياسية وغيرها، ولكنها لا تنفي وجودها.
وخلال معركة النجف سمعنا من معظم مساعديه استعداده لوقف القتال، أو
الهدنة لكنهم لم يطرحوا جانبا شعارهم بالتخلص من الاحتلال.
وبغض النظر عما كان سيحصل، فإن قصر النظر السياسي الأمريكي، أو
إدراك الإدارة الأمريكية لغياب البدائل التي تستطيع ان تختار منها
بحرية، فإن معركة النجف قد وضعت قاطرة الأحداث على سكة ليست في مصلحة
الولايات المتحدة في المدى البعيد. فالقوات الأمريكية قد اجترأت على
مقدسات اسلامية، وأغاظت بذلك الشعب العراقي وشعوبا أخرى. فقوة الصدر
ستتعاظم وستملي وقع التطورات في العراق. ثم لو أنه قد غاب عن مسرح
الأحداث فإن الاحتمالات كثيرة ومتنوعة. وفي هذه الحالة كان سيكون
أسوأها لقوات الاحتلال، تشرذم أتباع الصدر الى حركات سرية تحيل حياة
الأمريكيين إلى كابوس كانوا سيتمنون ما قادوا أنفسهم إليه. كما كان
سيكون من نتائجه ان تفقد الحركات الأخرى قيمتها، وأن تذوي حياتها
السياسية.
مخاوف إيران
وقد قاد تصرف بعض أعضاء الحكومة المؤقتة إلى انطباعات سلبية عنها
تجعل حركتها داخل المجتمع العراقي صعبة ان لم تكن مستحيلة، وليس بعيدا
أن تكون صورة أخرى للجلبي مستقبلا، ولن تكون نتائج معركة حرب الاجتثاث
محصورة عراقيا، بل سيكون لها أصداء خارجيا. ولا غرابة أن توقظ هذه
الحرب كل المخاوف في إيران. وسيتحكم في التصرف الإيراني عاملان. الأول،
أنها لا تستطيع ان تصمت، على الأقل معنويا، على ما جرى وقد يجري
مستقبلا للعتبات المقدسة، إذ سيلحق ذلك بها ضررا كبيرا في نظر الشيعة
حتى داخل إيران انها لا تنتصر للمستضعفين. الثاني، ان استقرار العراق
وتولي أناس قيادة الساحة الشيعية يوالون امريكا، ويظهرون العداء لها،
سيجعله منصة ملائمة للانطلاق إلى الداخل الإيراني لتفتيته وإضعافه.
ولهذين السببين فإن إيران لا تملك حرية الحياد حتى لو رغبت.
فكلا العاملين سيهزان بنيانها السياسي. وإذ لا تملك ايران خيار
النأي بنفسها عما يجري في العراق، فإنها قد لا تأخذ طريق الاستفزاز
المباشر، لكن في جعبتها الكثير من الوسائل التي بوساطتها يمكنها ان
تغذي النقمة على الاحتلال، وأن تسهل مقاومته.
لقد أظهرت معركة النجف قدرة الولايات المتحدة على خوض المعارك
العسكرية، لكنها أبانت من جديد عن إخفاقها في تحقيق أهدافها. وإذا ما
نجحت في تحقيق أهداف تكتيكية فإنها تكون قد أضاعت أهدافا استراتيجية.
ولو تمعن المرء فيما حدث لوجد جيشا ضخما عدة وعتادا يقصف بكل ما
أتيح له من أسلحة الدمار أحياء سكنية يقتل كثيرا من سكانها ليحررهم من
قبضة فئة قليلة من المسلحين، كما يدعي خبراؤه. فهو يستولي على أمتار
قليلة ليكسب عداء ملايين جديدة من الناس ليس داخل العراق بل وخارجه.كما
أبرزت وكالات الأنباء ردود الفعل تجاه الهجوم على النجف. وفي الوقت
الذي أراد الجيش الأمريكي ان يساند المؤسسات الحكومية العراقية الجديدة
بنيرانه الغزيرة إذا به يفقدها جدواها وتأثيرها في نظر معظم العراقيين،
بل ويزيد العداء لها. وإذ هي قصدت من هجومها اجتثاث قوة الصدر، إذ بها
تلقى الى أحضانه بالآلاف الذين كانوا يمهلون الاحتلال كي يفي بوعوده.
ولقد بدأت ردود الفعل تظهر مدى خيبة المراقبين الأجانب من انجازات
القوات الأمريكية. كما أن هذا الهجوم يضاعف من المديونية الأخلاقية
التي بدأت تتراكم على الولايات المتحدة من جراء أفعالها المنتهكة
للشرعية الدولية، المطابقة لأنواع من جرائم الحرب. وهي مديونية ستثقل
كاهلها كلما أرادت ان تجمع بلدان العالم على أمر يهمها. انها تخسر
الحرب حينما تربح المعارك. |