عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله (عليه
السلام):
(إن قوماً أتوا نبياً لهم فقالوا: ادع لنا ربك يرفع عنا الموت، فدعا
لهم، فرفع الله تبارك وتعالى منهم الموت، وكثروا حتى ضاقت بهم المنازل
وكثر النسل، وكان الرجل يصبح فيحتاج أن يطعم أباه وأمه وجده وجد جده
ويوضيهم ويتعاهدهم، فشغلوا عن طلب المعاش فأتوه فقالوا: سل ربك أن
يردنا إلى آجالنا التي كنا عليها. فسأل ربه عز وجل فردهم إلى آجالهم).
الخلود لا ريب أنه الحلم الوردي الفريد الذي يرضي غرور البشر
وكبريائهم وعدم تقبلهم الخسارة. أو ما يسمى الآن حلم الشباب فهو قديم
قدم وجود البشر، لكنه دائماً حلم شاب تتجدد فيه الحيوية على مر السنين.
وإذا كانت الصحة تاجاً على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى فإن
الشباب درّة هذا التاج.. التي لا يدرك قيمتها إلا العجائز الذين جردهم
الزمن من صولجان القوة والحيوية، فأصبحوا يعيشون وفي حلوقهم مرارة
الهزيمة أمام سيف الزمن الذي لا يرحم.
وقد حاول الفلاسفة والعظماء والشعراء والملوك اللجوء إلى السحرة
والعرافين والأطباء الشعبيين والى حوانيت العطارين لاستعادة شبابهم،
لكنهم اصطدموا بالواقع المرير الذي استهزئ منهم ومضى قائلاً: (ما أفسده
الدهر لا يصلحه العطار) ورغم هذا ما زال الحلم الغالي يتجدد كل يوم
باستعادة الشباب كونه اكسير الحياة وبرهان القوة.
وسحرة هذا الزمان، وهم الأطباء يؤكدون أن الحلم لم يعد مستحيلاً،
فرغم أن أحلام الإنسان باستعادة الشباب لم تتحقق إلا أنها لم تذهب هباء
بالكامل، بدليل الطفرة التي حدثت في أعمار البشر في المائة وخمسين عاماً
الأخيرة.. فقد قفز متوسط عمر الإنسان من (35) سنة عام (1850) ليصبح بين
(45 و 50) سنة عام (1900) وفي ثمانينات القرن الماضي ارتفع ليصل (60)
عاماً.. ومع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين وصل
(70) عاماً للرجل و(80) عاماً للمرأة.
الطريف أن زيادة متوسط عمر الإنسان لم تجعل الصورة وردية في العالم
كما كان متوقعاً.. ففي النهاية زادت أعمار المسنين والمصابين بالشيخوخة
وبالتالي زاد أعداد الحالمين بالشباب.
تقول الإحصائيات العالمية أن عدد المسنين في العالم ارتفع مع بداية
هذا القرن إلى (500) مليون إنسان، منهم (230) مليوناً في الدول النامية،
والمسنون يشكلون (10%) من إجمالي سكان العالم حالياً، والمثير أنه من
المتوقع أن يزيد عدد المسنين في عام (2020) ليصل مليار إنسان أي مليار
عجوز وحالم بالشباب.. ورغم أنهم أصبحوا يتمتعون بطول العمر إلا أنهم
يعانون من أعراض وأمراض الشيخوخة بنسب متفاوتة وتلك هي المشكلة.
ومما يزيد عمق المشكلة أن الإنسان ما زال – حتى الآن – لا يعرف
السبب الحقيقي للشيخوخة وبالتالي لا يعرف كيف يتجنبها بوصفة سحرية
للشباب الدائم.
وهناك أسباب ذكرها الأطباء في انخفاض عمر الإنسان عن المتوسط.
أهم هذه الأسباب الملوثات الموجودة في البيئة، وثانيها نوعية الغذاء،
فالطبيعية منها والمفيدة والطازجة من الفواكه والخضار لها نتائجها في
تنشيط الدورة الدموية وحيوية الجسم وعودة النشاط والصحة.
والسبب الثالث في نفسية الإنسان وأخلاقه فالإنسان الغضوب والهائج
عندما يغضب يهجم كالبهائم وبذلك تمتص عضلاته كل المواد الضارة في جسمه
كالأدرينالين. أما الإنسان الخلوق يكظم غيظه ويهدئ روعه ويتخطى المشكلة
بأقل الخسائر.
وأيضاً هناك محاولات باكتشاف الجينوم البشري أو خريطة الجينات..
وعليه يمكنهم التحكم بالجينات المسؤولة عن الصبغيات في كل خلية وحفظها
من أنزيم (تيلو ميريز) الذي تحرق هذه الجينات. فتتركز جهود العلماء
الآن على كيفية تعطيل عمل هذا الأنزيم.. لإطالة عمر الخلية لأطول مدى
ممكن، وبالتالي إطالة عمر الإنسان وأهم المهلكات كما قال الإمام علي (عليه
السلام) (الهم نصف الهرم). |