ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

اللبراليين والمحافظين

بقلم / نــــــــوال اليـــوسف*

اللبرالية فكرة غربية نشأت وترعرعت على أيدي فلاسفة الغرب منذ عهد الإقطاع، أي قبل فترة لا تقل عن 500 سنة. ناقشوا فيما يتعلق بأفكارهم السياسية : قضية الحكم ورفضوا الحكم المطلق الذي كان يستند في وجوده إلى الحاكم الفرد دون حدود أو قيود، و اعتبروا الحكم مسالة دنيوية يجب ان يقوم على أساس العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين الحاكمين والمحكومين. كما طوروا فكرة الحرية والحقوق المدنية: حرية التعبير/الرأي، حرية إنشاء المنظمات المهنية/الاجتماعية/السياسية.. إضافة إلى جميع الحريات التي تدخل في وقتنا الراهن تحت مظلة تسمية حقوق الإنسان. وهم بناة الديمقراطية اللبرالية الغربية/الرأسمالية. ويفترض كثيرون منهم أن الديمقراطية هي فقط الديمقراطية الغربية، لكنهم يواجهون معارضة ممن يعتبرون الديمقراطية وسيلة للحكم يمكن أن تطبق حسب الفكرة الاجتماعية سواء كانت يسارية ماركسية، أو دينية إسلامية، أو اشتراكية، وحسب مرحلة تطور المجتمع.

وحسب نظريات علماء الاجتماع .. مرت البشرية فكريا بثلاثة عصور :

* عصر الفكر الديني .. ظهر بشكل منظم منذ الحضارة السومرية حيث اعتقد السومريون ان الحاكم ممثل/نائب الإله في حكمه.

* عصر الفكر الطوباوي بأفكاره المثالية الخطابية البعيدة عن الواقع والطلب من الناس تطبيقها مثل مفهوم الحاكم العادل في الجمهورية/المدينة الفاضلة لكل من أفلاطون و الفارابي .

* عصر الفكر الحديث ويقوم على منهج البحث العلمي والتفكير المنطقي .

وعلينا ملاحظة أن مجتمعاتنا العربية الإسلامية لا زالت في أكثريتها تعيش المرحلتين السابقتين دون إنكار وجود عناصر لا زالت تحبو من الفكر المعاصر الحديث الذي بدأ يهب على المنطقة العربية منذ منتصف القرن التاسع عشر. كما ان التحديث عملية تتطلب فترة نضوج طويلة وظروف استقرار وسلام اجتماعي تستمر معها.

يرى الفكر اللبرالي أن الحياة دنيوية تقوم على منهج البحث العلمي وحرية التفكير بلا حدود والشك في كل شيء حتى يمكن دراسته والوصول إلى حقيقته. ويرفض تدخل الدين في شؤون الدولة، التي هي أداة بناء المجتمع السياسي الدنيوي المنظم، وذلك من اجل تنزيه الدين ذي القاعدة الثابتة و أبعاده عن الحياة الدنيوية المتغيرة .. يحترم العقيدة والحرية الدينية دون القبول بإقحامه في قضايا الدنيا المتغيرة لأن الدين مسالة ثابتة بين الإنسان وعقيدته..

على الرغم من المساوئ التي ترافق الديمقراطية اللبرالية في البلدان الغربية، لكنها كظاهرة فكرية توفر مناخاً سياسياً قابلا لتنوع الأفكار وتعدد المنظمات، وهي قابلة للتكييف مع مرحلة التطور الاجتماعي. ويمكن أن تساهم في إيجاد الحلول لمشاكل المجتمع السعودي، وتوفر أحسن نهج لخدمة المصلحة الوطنية.

إن طريقة تحول المظلوم إلى ظالم أسلوب متخلف في التعامل مع الفكر الإنساني، لذا أرى ضرورة فسح المجال والحرية للمناقشات بين اللبراليين والمحافظين حتى يتعرف كل منهما على الآخر وأيضاً عامة الناس يسمعون ويحكمون.

عندما يشعل كل منا شمعة عندئذ يضيء الطريق وتنقشع الظلام ويعرف كل منا الآخر وتتفتح مسالك التفاهم والوصول إلى آراء مشتركة، أما طريقة إخراس الآخر فهي طريقة ظلامية لا تحترم الذات والآخر وتقود إلى التفرقة وهذا ضد الإصلاح الموجه لترسيخ قاعدة الوحدة الوطنية وتمتين أواصر العلاقات بين جميع أبناء المجتمع الواحد والوطن الواحد.

ثمة شرخ كبير بين أفكار المحافظين الذين يسلطون الدين سيفاّ لإيقاف عجلة الفكر وتطور وتقدم المجتمع السعودي نحو الأفضل وبين اللبراليين ممن يدعون إلى تحرير الفكر والتزام التفكير المنهجي العلمي طريقاً لاكتشاف الحقائق والوصول إلى الأهداف . من هنا لا يحق لأي من الطرفين برأيي إقصاء الآخر، لأنه في ذلك ينكر أفكاره في حرية الرأي وحقوق الإنسان- القاسم المشترك بين الفكر الأصيل لكل منهما، ولأن إقصاء الأخر سوف يولد العنف والتشتت. لكن أرى تقليص هيمنة المحافظين لكون الكثيرين منهم يمارسون الإرهاب اللفظي(إسكات الغير بسيف الدين) أو الإرهاب العنفي ضد الدولة وقتل الذات والآخر المحرم إسلاميا. من هنا تتطلب الضرورة، المعادلة بين كفتي الميزان، من اجل تحقيق التنوع في ممارسة السلطة والمشاركة في بناء الدولة. هذا دون إهمال وسائل التربية والثقافة السلمية والاهتمام بأقصى درجة بحقوق المرأة مربية الأجيال، خاصة مسألة مشاركتها في العمل الاجتماعي.

كما انه من الضروري دعم أنصار الإصلاح من اللبراليين دون إرهابهم بتهمة أعداء الدين، لأنهم ليسوا كذلك بالفعل، فهم يرغبون في تطبيق أفكار الحرية والمنهج العلمي التي تتوافق وتتماشى مع متطلبات الحياة الدنيوية ولا تتعارض مع الدين. ويُقصد هنا: الدين الأصيل وليس الذي يراد فرضه من قبل أصحاب الفكر المتشدد الإرهابي ممن يحاولون استخدام الدين ذريعة إرهاب ضد إصلاحات الدولة وبعبعاً لوقف الحضارة والفكر وشل حركة المجتمع في ظروف التغير المستمرة في الكون والمجتمعات الإنسانية، لا سيما إذا ما علمنا أن الدين الإسلامي هو الذي يدعونا للتفكير في الخلق ويدعونا للعلم من المهد إلى اللحد. فلماذا إذن يقف المحافظون السعوديون اليوم موقفاً عدائياً من رغبة الإصلاحيين سواء كانوا لبراليين أو غيرهم كي تنتهج الدولة طريقها المعلن- منهج الإصلاح- الذي يحقق التوازن بين كل فئات ومكونات الشعب السعودي وحكومته . ومن ماذا يتخوفون إذا كان الدين الأصيل لن يمس بسوء ؟ بل يزيد تنزيهاً واحتراما بإبعاده عنى الاستغلال.

أن المحافظين من المتشددين منذ بداية نشوء الدولة السعودية وحتى الآن يعترضون على كل تطور تبادر الدولة إليه لتحريك المجتمع السعودي إلى الأمام، بفرضهم أسلوب ومنهج ديني يناهض ديناميكية الدين نفسه، لكونهم يفهمون الدين بصورة مغايرة لحقيقة الإسلام ودعوته لتطور المجتمعات الإنسانية نحو الأفضل. كما أن المحافظين دائما يهاجمون خصومهم بعنف من خلال سياسة التلفيق ولا يلجئون إلى الحوار رغم تباهيهم دائما بقوله تعالى "وجادلهم بالتي هي احسن ". شخصيا لست ضد المحافظين الإسلاميين المتشددين ولا مع اللبراليين المتسرعين، ولكن أرى أن المتشددين من المحافظين يمثلون ببراعة الدور العدائي ضد أي نوع من التطور والتحول الاجتماعي والسياسي والثقافي. فالمتشددين الإسلاميين رفضوا بقوة دخول (الدش ) في السعودية، كما سبق أن رفضوا دخول أجهزة الراديو والتلفاز إلى المملكة واعتبروها من صنع الكفار وأنها سوف تحدث الفساد في بلاد الحرمين و اصدروا الفتوى في تحريمها، وهاهم اليوم يستخدمون كغيرهم هذه الأجهزة وجعلوها منبرا لآرائهم..

هذا التناقض الذي يعيشه المحافظون في وطننا، خاصة ممن يمثلون الفكر المحافظ المتشدد الذي لا يخفى دعمهم للإرهاب في الوطن وخارجه، إضافة إلى حكمهم بالموت على كل من يخالف شريعتهم المصطنعة في ممارسة العنف وتكفيرهم للغير ومصادرتهم لحريات الآخرين في العقيدة والرأي والتعبير ومغالاتهم في الدين وخروجهم على الحاكم، يدعو تقليص دورهم في الحياة العامة وبالذات المجال السياسي، وحصر نشاطهم على الجانب الديني فقط، وذلك كوسيلة للحفاظ على أمن المجتمع، مع اختيار من يمثلون الجانب الإسلامي المعتدل الذي لا يجنح صوب الإرهاب وتغييب الآخر وتكفيره سواء كان هذا الآخر داخل الوطن أو خارجه.

ويرتبط بذلك توجيههم صوب واجبهم الأساس، والمهمة التي أوكلوا بها وهي حث الناس على التعاون والعمل الصالح الدائب والحرص على وحدة الوطن والتعامل السلمي بين الناس وفي كل المجالات، أي نبذ العنف والإرهاب وجميع الوسائل المفضية إليه، وعدم الإشارة باستخدامه سواء كان ذلك بالتلميح أو بالفعل بين الحين والآخر خارج البلاد أو داخلها، وإشاعة المحبة والتعاون والسلام الاجتماعي وعدم التمييز بين الناس على أساس المعتقد أو المذهب أو الطائفة أو القبيلة.. ووفق نظرة المواطنة وبناء الشعور الموحد تجاه الوطن الواحد. وعندما نفعل جميعا في هذا الاتجاه الوطني الواحد والموحد نكون جميعا ليبراليين ننطلق من التراث المجتمعي السعودي، نحترم الذات والآخر وننشر المحبة والسلام الاجتماعي، ونحرص على وحدتنا الوطنية ونحترم الحرية الدينية.

*كاتبة وصحافية وباحثة اجتماعية سعودية

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 10/8/2004 - 24/ جمادى الثانية/1425