(بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) سورة
هود: الآية 86
نقرأ في (كلمة الناشر) شيئاً عن مساق الحملات السلبية المثارة بهذه
المرحلة التاريخية:
أما بعد، فقد تصاعدت حملات التشكيك وإثارة الشبهات ضد العقائد الحقة
في الآونة الأخيرة، وأخذ أصحاب المصالح والأحكام الدفينة يتفنون في طرح
شبهاتهم وبث سمومهم الضالة في العالم الإسلامي.
وحيث إن مثل هذه الحملات الضالة لا يدعمها سوى كيد الشيطان وأهل
الضلال والانحراف فإن عمرها قصير جداً فما أن يتصدى إليها شخص وإن كان
من أبسط الناس إلا ويكشف كذبها وزيفها.
ومن هذه الشبهات التي أخذ يروجها أصحاب المصالح وأهل الضلال، هي
الشبهات الكثيرة حول منقذ البشرية الإمام الحجة بن الحسن (عجل الله
فرجه الشريف) حيث عمد الكثير ممن لا حظ لهم بالعلم والتحقيق إلى إثارة
العديد من الشبهات الضعيفة الدالة على ضيق أفق أهلها ودنو مستواهم
العلمي.
وعلى الرغم أن كيد أمثال هؤلاء خطير ومدروس بدقة، إلا إن عناية
السماء والتدخل الإلهي الذي يرعى قضية الإمام المهدي (عليه السلام) حال
دون وصولهم إلى مآربهم وأغراضهم الخطيرة.
فقد انقلب السحر على الساحر وازدادت علاقة العالم بمنقذ البشرية،
وانبعث الأمل من جديد في نفوس الشعوب المحرومة التي تترقب منذ مئات
السنين قدوم المصلح الحقيقي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملأ
ظلماً وجوراً.
من جانب آخر فقد انبرى العديد من الفضلاء وعلى رأسهم العلماء
الأعلام لتثبيت عقائد الناس ورد تلك الشبهات عبر أساليب منطقية مختلفة
منها الطرح المنهجي لقضية الإمام المهدي (عليه السلام) وتعريف
المجتمعات بحقيقة وجوده وبركاته (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في عصر
الغيبة.
ونقرأ في محور (وجود الإمام المهدي (عليه السلام) هذا النص:
لقد ورد أكثر من خمسين آية كريمة في القرآن الكريم في شأن الإمام
المهدي (عج)، إلا أن بعضها دلالتها عامة ومنها:
* قوله تعالى: (ومن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون)، الظاهرة في
أن من سنن الله عز وجل في الأرض لا تخلو من حجة، أما من هو الذي سيهدي
العباد؟! الآية لا تشير إلى ذلك إلا على نحو العموم.
* وقوله تعالى: (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم
أئمة ونجعلهم الوارثين)، وبالرغم أن الآية نزلت في قوم نبي الله موسى (عليه
السلام) إلا أن ظاهرها أن السنة جرت على جعل المستضعفين في الأرض
وارثين على طيلة التاريخ فإن كلمة (نريد) التي هي بصيغة فعل المضارع
تدل على الثبوت والاستمرار،... وقد قال تعالى في آية أخرى متممة للآية
السابقة (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي
الصالحون).
بالطبع المراد من الآية ليس كل مستضعف فليس المراد به المستضعف
الملحد. وإنما المراد هو المستضعف المؤمن..
ومما يدل على ما ذكر من الاستمرارية وأنها سُنّة كونية قوله تعالى:
(أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)، بطبيعة الأمر أنه مقيد بالصلاح وليس
مطلق العباد هم الذين يرثون الأرض.
أما الآية الأخص من الآيات السابقة من حيث الدلالة على قضية الإمام
المهدي (عليه السلام) فهي قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين
الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)، حيث نصّت على أن إظهار
دين الحق سيتحقق لا محالة، وهذه البشارة ليست لمطلق الصلحاء
والمستضعفين، بل هي لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وللدين
الإسلامي الحنيف، ولذلك تعد أخص من الآيات السابقة، فإن الدين الذي
سيظهر على الأديان الأخرى هو الدين الإسلامي حيث سيحكم القرآن والعترة
الطاهرة على جميع الأرض.
وبما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ارتحل عن هذه الدنيا
ولم تتوفر الظروف والشرائط لتتحقق هذه البشارة الإلهية بشكل كامل حيث
أنه توفى والإسلام لم يكن سائداً على الأرض كله.. فإن حفيده الثاني عشر
الإمام المهدي (عليه السلام) سيقوم بأعباء هذه المسؤولية ويحيي شريعة
الإسلام في العالم...
الكتاب: حقائق عن الإمام المهدي (عج)
المؤلف: الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره)
التفاصيل: الطبعة الأولى 1425هـ - 2004م
(80) صفحة من القطع الصغير
الناشر: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر (بيروت – لبنان) |