|
|
برلمان الثقافات
خطوة باتجاه تصحيح أوضاع المجتمعات العربية |
|
أشارت مقالة تحاكي الواقع العربي المأزوم، داعية إلى دور أكبر
لمؤسسات المجتمع المدني، باعتبارها الأكثر تأثراً بسلبيات القانون
الدولي وإخفاقاته، وهي الأكثر عناء نتيجة المغامرات السياسية والعسكرية
المتلاحقة التي ما انفكت منطقتنا مسرحاً دائماً لها، فعلى تلك المؤسسات
أن تتحمل مسؤولياتها وتمارس دورها، فهي الأقرب إلى مشاعر الناس
وطموحاتهم وحقوقهم ومطالبهم المشروعة في الأمن والحياة والعدالة، ضمن
هذا الإطار تم في أنقرة في نهاية شهر حزيران الفائت تأسيس أول برلمان
للثقافات بهيئة عمومية تشمل ممثلين عن شتى الثقافات الإنسانية، والأمل
أن يسهم التفاعل بين الثقافات في التغلب على كل عوامل التفرقة
والانغلاق والتعصب والتطرف ويتحقق هذا الحلم بعدما يزيد على عشر سنوات
من الجهد المتواصل ويهدف برلمان الثقافات إلى تمكين المجتمعات المدنية
والمنظمات الغير الحكومية من ملء فراغ الفشل السياسي الرسمي، والى
العمل على دعم القانون الدولي وإرساء مبادئ العدالة والنزاهة والاحترام
المتبادل في التعامل بين الدول ومجتمعاتهم أليس هو الرد الأفضل على
مقولة صراع الحضارات؟ أليس إلقاء تبعة الفشل على صراع وهمي بين
الحضارات أو الثقافات هروباً من الاعتراف بأن العنف هو وليد الظلم
واليأس إن الشرط الأول للخروج من دوامة الظلم واليأس والانضواء تحت
خيمة القانون الدولي وللأسف، لا يبدو ذلك الأمر ممكناً من خلال الوضع
الراهن للنظام الدولي؟ ولا من خلال عمل هيئة الأمم المتحدة، ولا من
خلال المعادلة المسيطرة على العلاقات الدولية، الاستخدام المفرط للقوة
على حساب القانون، وتطبيق القانون بصورة انتقائية واعتماد المعايير
المزدوجة وإخضاع القانون الدولي لمصالح الأقوياء في ظل عجز الأقل قوة
عن ممارسة أي دور مؤثر في ظل نظام دولي غير متوازن بل لا توجد أي
مؤشرات على توجهه نحو أي توازن منظور، وأشارت المقالة إلى أن أهم وسائل
مواجهة الخلل في هذا التوازن هي ثقافة المشاركة وتعددية الأطراف
المستندة إلى مصفوفة من القيم والمبادئ المشتركة والموجهة نحو إحلال
القانون والعدالة في التعامل بين المجتمعات والدول، أين الديمقراطية من
كل ذلك؟ بجانب الحق إذا قلنا إن في الديمقراطية السليمة، حيث يكون
تطبيقها صحيحاً ما يترك أي مجال للتحفظ عليها، لكن الديمقراطية أصبحت
في أحيان كثيرة، الغلاف الرقيق لاحتواء كل ما يتعارض مع أهدافها
النبيلة وممارساتها المشروعة والحديث حول هذا الأمر طويل ومرير إلا
أننا نطمع ونطمح في أن يكون برلمان الثقافات منبراً لقول كلمة الحق،
ولتفاعل عناصر الخير، ولطرد نوازع العنف والتطرف والشر من سلوكنا
وعملنا ومجتمعاتنا. كما نأمل أن تستمر مسيرة مد الجسور الفهم والتفاهم
والاحترام المتبادل لا بل القبول المتبادل، بين أتباع الأديان
والمعتقدات والثقافات، وحتى المصالح المشروعة من أجل إشاعة أجواء
الاستقرار والسلام وسيادة القانون، المحزن في الموضوع أننا اعتدنا أن
لا تأتي الصحوة إلا بعد الكارثة أما آن لنا أن نصحو من أجل اجتناب
الكارثة؟ |
شبكة النبأ المعلوماتية -
الاثنين 19/7/2004
- 30/
جمادى الأولى/1425 |
|