الذوق الراقي مطلوب إبداؤه عند الإنسان بكل حين ومكان وبالذات لدى
المرأة باعتبارها المخلوق المحور الذي يدور حوله كل أفراد الأسرة.
ما السر الذي يجعل هذا الإنسان مميزاً بتمتعه بذوق رفيع عن غيره ممن
عاش ويعيش ظروفاً مماثلة؟
أكيد أن هناك عوامل كثيرة تلعب دورها في إيصال الذوق الرفيع إلى
ذروته عند إنسان دون غيره ولعل أهم ما في المحرك لتلك العوامل درجة
إنسانية في الذات البشرية وعوامل التربية العائلية والتبكير بالوعي
الموضوعي على المحيط الاجتماعي إضافة إلى المستوى العالي من ضرورة
امتلاك أكبر قدر من استيعاب التجربة الحياتية لذا فإن استقطاب كل هذه
العوامل مرة واحدة في نفسية الشخص تجعله مهتماً بذاته ومعتداً بفكره
الأخلاقي غير القابل لأي سجال يزاود على طيبته، فالإنسان بطبيعته
الاجتماعي التي جُبِلَ على الحرص كي تسود بتفاعل إيجابي بين الجميع
ودون أي مواربة يمكن أن تؤدي أن ينظر إلى غاية الوجود البشري بهذه
الحياة وكأنها صراع مُعلن ودائم.
إن النظرة الأحادية لما هو سائد من تقاليد راقية وأعراف جميلة بين
الناس بقدر ذاتيتها لكنها تراها مندفعة لإثبات نجاحها في امتلاك (الذوق
الرفيع) الذي يتكلم عنه الآخرون.
والمرأة وذوقها مهما علا شأنها فيه فسيكون ذلك أيسر على أن يتعلم
منها كل أفراد الأسرة ما ينبغي تعلمه من الذوق فالمرأة النظيفة تخلق
أولاداً من الذكور والإناث يتسمون بالنظافة في المأكل والملبس والسكن
إضافة لنظافة اللسان الذي لا يتجاوز في نطقه على الآخرين، ومع الاعتراف
أن هموم الناس إذا ما تراكمت في النفس وخلقت معاناة شديدة لديهم تراها
يشطحون قليلاً عن جادة تماسك الأعصاب وعلى اعتبار أن المرأة هي الأضعف
– بصورة عامة – من الرجل في تشكيلة الأسرة فإن المعاناة إذا ما طالت
حياتها فتنعكس الصورة في فقد شيء من بريق الذوق أكثر من الرجل ويظهر
ذلك ملياً على مظهرها الخارجي ومن المؤكد فينعكس ذلك على أوضاع الأولاد
في مدى امتلاكهم لدرجة الذوق ولعل ما يلاحظ أن عوائل كثيرة ممن تعرضت
لنكبات ونكسات اجتماعية وجعلت الأم (مثلاً) تمارس مسؤولية أمومتها
بدرجة شكلية مع أولادها قد نشأوا كحال الأم من حيث الاعتناء أو
اللااعتناء بأنفسهم مع اختلاف الاهتمامات فالمرأة المعاينة إذا ما
أهملت أناقتها في البيت فتلك الحال تنعكس على ابنتها الصغيرة بدرجة أو
بأخرى لعدم اهتمام تلك البنت بمظهرها الخارجي بينما المرأة الأنيقة
الملبس داخل جدران بيتها تؤثر على بناتها فيطلبون مزيداً من النوع
لارتداء ملبس يليق بهن مع أنهن صغيرات السن.
أما عن التحيات التي تلقيها المرأة على صنوها من النساء بقدر ما هي
واجبة إلا أنها ستعفى من أداء هذا الواجب إذا ما تعلق الأمر بالتحية
الاضطرارية على رجل مثلاً زميل محترم في العمل أو جار طيب أو قريب
مصداق وهكذا تخلق مبادئ أساسية عند المرأة لكي تكون عارفة متى تظهر
ذوقها الإيجابي ومتى تحجبه عن الآخرين.
وفي هذا الزمان حيث تتقدم المرأة وكل يوم بجانب ظهورها للسماح
لنفسها كي تكون مميزة بهوية محترمة تفرض احترامها على عائلتها ومجتمعها
ومحيط عملها (مثلاً) فإن في هذا الـ(سماح) معان سامية تجعلها تتبؤا
المكان الأليق في الحياة.
ولعل من ركائز الذوق الرفيع عند المرأة إضافة للنظافة امتلاك
الإيمان بالله (تجلّت أسماؤه الحسنى) في الضمائر والقلوب والخوف من
الله عز وجل خوفاً شديداً إذ يعتبر هذا الإيمان أهم ركيزة لتشذيب الذوق
مع الآخرين فعلى سبيل المثال أن الإيمان بالله عند الإنسان المسلم جعله
أوتوماتيكياً أن يكون نظيف الجسد حيث تملى عليه شروط أداء فرائض الدين
الإسلامي الحنيف أن يكون طاهر البدن حيث أداء الصلاة وعلى مختلفه من
اليوم تبدأ منذ أول الفجر لتنتهي في آخر وقت العشاء لذلك فإن الذوق
الحقيقي يكمن في نفسية المؤمن الحقيقي أو المؤمنة الحقيقية أكثر من حيث
المقارنة مع الغير.
أما عند الناس غير المسلمين الذين يلاحظ على مجاميعهم أنهم لا
يتمتعون بأجساد طاهرة ومن ذاك مثلاً تلك التجمعات الغربية من كلا
الجنسين الذين لا يستعملون الماء كوسيلة للتنظيف بعد قضاء الحاجة قد
جعل هؤلاء الناس لا يعيرون أهمية لامتلاك الذوق بهذا المجال لهذا أقرت
المجتمعات الغربية على المستوى الاجتماعي العام وليس المستوى الفردي –
بتسبيل – الأعضاء التناسلية وما يلحقها على اعتبارها بؤر نجسة ولا
تستحق أن يربط موضوعها بالعفة لذلك ترى أن أهم ما يميز الإنسان الغربي
– عموماً – والمرأة الغربية خصوصاً امتلاك اعتداد فارغ في الشخصية بسبب
الشعور الدائم بعدم نظافة المنطقة الوسطى من أجسادهم.
إن عزم الإنسان والمرأة بالذات على الحضور الدائم عبر تقديم نفسها
تصاحبه ذوق هو العطاء الحقيقي لبناء صروح الحياة السعيدة في المجتمعات
كافة. |