الشعارات البراقة التي رفعتها الإدارة الأمريكية قبيل تحرير العراق من
أبشع نظام ديكتاتوري شوفيني في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 و
بعده ، كانت تخليص الشعب العراقي المسكين من النظام الإستبدادي و منح
المرأة العراقية كافة حقوقها و إطلاق الحريات السياسية و الفكرية
وإدخال الحكم الديمقراطي التعددي في العراق ، بحيث يصبح نموذجا مثاليا
يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط .
و بقدرة قادر إلتقت مصالح الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا
بمصالح الشعب العراقي و المعارضة العراقية لإزاحة النظام البعثي الفاشي
عن الحكم الديكتاتوري . إستبشرت جماهير شعبنا المظلومة بعربها و
أكرادها و تركمانها و غيرها من القوميات العراقية بإزالة كابوس الظلم و
الإضطهاد و القمع و الإستبداد عن كاهلها الذي جثم على صدورها طيلة ما
يقارب الأربعين سنة ذاقت خلال هذه الفترة المظلمة الفاسدة أشد ألوان
التعذيب و الإعتصاب و القتل و التسفير و الإبادة الجماعية للشعب
العراقي .
وقد تتلمذ نظام الطاغية المخلوع على يد أسياده الأميركان و الإنكليز و
بلدان أخرى ألمانيا و فرنسا و روسيا و غيرها على أبشع صور التنكيل و
التعذيب لأخذ الإعترافات القسرية من السجناء العراقيين طيلة تلك الفترة
البغيضة .
وكلنا يعلم أن آلاف بل و ملايين من العراقيين قد عذبوا و اغتصبوا و
قتلوا في سجون البعث بطرق رهيبة لم تخطر حتى على أسياد النظام المقبور
. فلم يسلم أحد من السجناء من تلك الأساليب الهمجية الوحشية و الآلات و
المكائن التي استخدمت في تعذيب السجناء و رميهم أحياء في أحواض مملوءة
بالحوامض المركزة ( التيزاب ) حتى موتهم كما فعل ذلك بابن خالي السيد
صادق محمد رضا الطعمة و أولاده الثلاثة و غيرهم من المواطنين العراقيين
.
وبعد سقوط طاغية العصر في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 تم اكتشاف
ماكنة كبيرة ( مفرمة ، مثرمة باللهجة العراقية ) لفرم ( لثرم ) السجناء
العراقيين في سجن الكاظمية و رمي لحومهم إلى الأسماك في نهر دجلة .
و من أساليب التعذيب الأخرى كانت أيضا الإعتداءات اللاأخلاقية
كالإغتصاب و الإعتداء على شرف السجناء بأساليب همجية تشمئز منها القلوب
و ترتعش الأبدان . و قد ذكر الأستاذ حسن العلوي في أحد كتبه بأن مدير
الأمن سابقا ناظم كزار حمل تابوتا على كتفه و بيدة منشار ذهب إلى أحد
سجون العراق و طلب من مدير السجن بأن يجلب له أحد السجناء العراقيين
الذي لم يعترف بشيئ و وضعه وهو مقيدا ، في داخل التابوت ثم أغلق
التابوت و حكمه بالمسامير ثم تناول بيده المنشار و قسم التابوت مع
الشاب إلى قسمين فتلطخت يداه القذرة بدماء الشهيد . و بعد ذلك طلب ناظم
كزار من مدير السجن ليجلب له طعام الغداء و أكل الغداء بيده المتلطختين
بدم الشهيد .
و عند استلام السلطة و السيادة العراقية من قوات التحالف و الإحتلال
سيتم بعد فترة نشر جرائم صدام الموثقة لدى المعنيين بالأمر و عوائل
الشهداء و المعذبين و المسفرين . و لا نبالغ إذا قلنا أن ملايين من
جرائم التعذيب و الإهانات و القتل و الإغتصاب و غيرها ستظهر إلى النور
إن شاء الله ، لكي يطلع العالم أجمع على بشاعة الجرائم و فضاعة
الأساليب و الجرائم التي اقترفها النظام الدموي البائد بحق شعبنا
العراقي و خصوصا بالشيعة و الإخوة الأكراد ، مما يندى لها جبين كل
إنسان شريف على وجه المعمورة .
فلم نسمع لا من الصحف و الفضائيات العربية و لا من جامعة الدول العربية
و المنظمات الدولية أي إحتجاج أو إجراء ضد النظام المخلوع لوقف تلك
العمليات الإجرامية بحق الشعب العراقي المظلوم . و ما هذه الضجة
الإعلامية الكبيرة إلا نفاق و كذب بحق الشعب العراقي . فإذا كانت هذه
الأصوات المرتفعة الآن و الإحتجاجات من قبل الصحف و الفضائيات العربية
، فلماذا لم ترتفع تلك الأصوات و الإحتجاجات بحق أربعة ملايين شهيدة و
شهيد من الشعب العراقي الذين قتلهم المجرم صدام بأبشع الصور و الأساليب
في مقابر جماعية ؟
فقليل من الحياء و الموضوعية و الإنصاف يا عرب !
أما فيما يخص الأساليب القذرة و الإعتداءات الهمجية التي حصلت في سجون
قوات الإحتلال و خصوصا في سجن أبو غريب بحق إخواننا و أبنائنا
العراقيين فإننا نستنكرها و ندينها بشدة و نطالب مجلس الحكم العراقي
الإنتقالي و السيد السفير باول بريمر تقديم المجرمين و إحالتهم إلى
القضاء لينالوا جزاءهم بما اقترفت أياديهم القذرة من جرائم بحق إخواننا
السجناء العراقيين . و لم نكتف بذلك بل و نطالب بتقديم تعويضات مالية
عالية إلى السجناء ضحايا التعذيب و إحالتهم إلى الرعاية الطبية و
المعالجة النفسية لغرض تخفيف آلامهم و أوجاعهم النفسية و الجسدية و
إعادة تأهيلهم .
كما نطالب تعويض أهالي السجناء العراقيين الذين قتلوا بعد تعذيبهم في
سجون قوات الإحتلال .
كما و نطالب مجلس الحكم العراقي الإنتقالي بأن يبعث قضاة و محامين
عراقيين أثناء إستجواب السجناء العراقيين وزيارتهم بين حين و آخر .
نحن لا نريد استبدال أساليب التعذيب و القتل للسجناء العراقيين من قبل
نظام صدام بنفس الأساليب القذرة في السجون لا سيما سجن أبو غريب من قبل
قوات التحالف الإحتلال .
و على الجميع أن يحترم الشخصية و الكرامة العراقية بعد اليوم ، فلا
حاجة إلى منافقين عرب الذين سكتوا و صمتوا لجرائم صدام المخلوع .
فالشعب العراقي وحده قادر على معالجة أوضاعه المريرة و معاملة سجنائه
بالتي هي أحسن .
و نحن واثقون من أن الشعب العراقي العزيز سيضع حدا للإنتهاكات الوحشية
الهمجية ضد كرامة الفرد العراقي .
ماربورغ
adnan_al_toma@hotmail.com |