أخفقت الولايات المتحدة باستثمار ضغوطاتها على أكثر من محور لإحالة
الملف الإيراني إلى مجلس الأمن لاحتمال فرض عقوبات على إيران في حال
عدم استمرارها في عدم التعاون يذكر أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا، قد
ضاعفت ضغوطها على إيران، متجاهلة مدى تعاون إيران مع مجلس محافظي
الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ وجاء في النص الأصلي للقرار أن مجلس
محافظي الوكالة الدولية (يأسف لحقيقة أنه بشكل عام، لم يكن التعاون
الإيراني كما ينبغي أن يكون، كاملاً وفي حينه ويتسم بالمبادرة) وتضمن
القرار مطالبة طهران بمزيد من التعاون كي يتمكن المفتشون الدوليون من
إتمام تحقيقاتهم المستثمر منذ 15 شهراً بشأن النشاطات النووية
الإيرانية؟! وعلى رغم أن مسودة القرار لا تهدد بإحالة الملف الإيراني
إلى مجلس الأمن فإن الموقف الأمريكي اتسم كما سبق بالعداء المكشوف حيث
صعدت واشنطن لهجتها ملوحة بإبلاغ المجلس بانتهاكات إيران لالتزاماتها
الدولية باعتبار أن لديه سلطة فرض عقوبات اقتصادية على إيران، وفي جلسة
مغلقة قال كينيث بريل السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة أمام مجلس
محافظي الوكالة مازالت الولايات المتحدة تعتقد بأن عدم التزام إيران
المثبتة بالوثائق، يجب أن يبلغ إلى مجلس الأمن الدولي، وأن برنامجها
النووي يمثل تهديداً للسلام والأمن الدوليين وكانت واشنطن قد اتهمت
إيران استناداً إلى صور التقطت عبر الأقمار الصناعية، بتدمير منشآت
لإخفاء نشاطات نووية محظورة؟ ودولة الكيان الصهيوني تسعى لإقامة متحف
لنشاطها النووي؟!! فيما قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ريتشارد
باوتشر أنه أمر مؤسف لكنه ليس مفاجئاً أن تصل خداع إيران إلى حد تدمير
مواقع بكاملها بالجرافات لمنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اكتشاف
أدلة على برامجها للتسلح النووي؟ ترى هل وصلت الحماقة لدى مسؤولي
الإدارة الأمريكية لطلب الموافقة على تحرك أي جرافة في إيران وغيرها؟
للتأكد من عمل الجرافة؟!! وكان دبلوماسي غربي قد أشار أنه لا يمكن
اعتماد الصور دليلاً لإدانة إيران، لإدراك الوكالة محدودية هكذا صور،
ومن جهته رد وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي منتقداً قرار الوكالة
باعتباره سياسياً وحذر من أن طهران لن تقبل بأي شرط جديد يفرض عليها،
لكن ستواصل احترام واجباتها الدولية، مضيفاً أن الوكالة الدولية لم
تحصر عملها بالناحية الفنية، بل تصرفت تحت ضغط بعض الأوساط السياسية
وعلى الأخص الأمريكية، مستدركاً لو نظرت إلى الأمور من جانبها الفني
حصراً، لكانت أغلقت الملف الإيراني، مشيراً إلى أنها اهتمت فقط بمشكلات
صغرى سعت إلى تضخيمها وتسميم الأجواء مع إيران، وكان حميد آصفي الناطق
باسم الخارجية الإيرانية أعرب قبل ساعات من صدور القرار عن أمل بلاده
في أن يقوم على أساس الوقائع والحقائق وتعاون إيران الصادق محذراً من
أنه إذا صدر قرار لا يتسم بالواقعية ولا يتفق مع هذه الوقائع والحقائق
فإننا سنراجع حينئذ تعاوننا مع الوكالة فيما قال آية الله محمد قاشاني
خلال خطبة صلاة الجمعة (لن نقبل أي قرار يحرم إيران من حقها المشروع في
أن تكون لها تقنياتها النووية السلمية) وهذا موقف اجتمعت عليه الدولة
وأشار إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا بصفة الأعداء وأضاف أنه يتعين على
أوروبا أن تحافظ على كرامتها بدلاً من الخضوع للضغط الأمريكي، ورأت
الأوساط الإصلاحية في تلويح المحافظين بالانسحاب من معاهدة الحد من
انتشار الأسلحة النووية تهديداً جدياً لا يمكن تجاوزه وأكد علي أكبر
محتشمي مستشار الرئيس الإيراني أن هذه الأصوات جدية في تهديداتها إذا
استمرت الولايات المتحدة في ممارسة ضغوطها، ومن الطبيعي حينها ألا
يصادق البرلمان الإيراني على البروتوكول الإضافي للمعاهدة لكن عملية شد
الحبال بين الجانبين الأمريكي والإيراني لن تؤدي إلى وقف التعاون بين
طهران والمفتشين الدوليين، ورأى مراقبون في عدم إشارة القرار إلى إمكان
إحالة الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن، نقطة إيجابية لمصلحة
طهران، وقد تدفعها إلى التعاون أكثر شفافية مع الوكالة، وتحدثت مصادر
إيرانية على إصرار الجانب الإيراني على أمرين 1- أن يكون التعاون
متبادلاً وليس من طرف واحد، وصولاً إلى مرحلة إقفال الملف النووي
الإيراني، وسحبه من جدول أعمال مجلس حكام وكالة الطاقة الذرية.
2- استمرار إيران في مشاريعها النووية للأغراض السلمية، لبناء
مفاعلات نووية وتشغيلها في مقابل استمرار طهران في تجميد عمليات تخصيب
اليورانيوم. |