في لُجة التغييرات الثقافية والتطورات العلمية وتبدل الأعراف
والتقاليد والنماذج الفكرية في بنية المجتمعات وظهور أجيال جديدة ذو
مطالب وأفكار واتجاهات جديدة عن الواقع لا بد من إشراك المرأة ومنحها
نصيبها من الحداثة إذ المرأة نصف المجتمع وشريك الرجل بل الركن الأساسي
من التركيبة البشرية (الزوجان).
فزمن عبودية المرأة وحرمانها من حقوقها والعنف ضدها ووأدها في
التراب وتحقيرها وإذلالها على الظاهر انتهت، إذ لا تسكت المرأة عن
حقوقها وكرامتها بل تطالبه وتناضل من أجله، لكن الحقيقة مرّة تخالف
الظاهر إطلاقاً، مع ازدياد نسبة الذكاء وارتفاع نسبة التفكير بُدء بوضع
أيدلوجيات جديدة ومعاصرة لاستغلال المرأة والأمَرّ من ذلك قبول المرأة
لهذا الاستغلال ومساعدتها في تكريسه وانتشاره وإضفاء الشرعية عليه
نتيجة خداعها بأثواب الحداثة وبريق المادة، فأصبح شغلها الشاغل
المطالبة بالحرية ومساواة الرجال وأية حرية هذه؟ حرية العريّ واللبس
الفاضح والجنس والعلاقات والعمل أياً كان، المهم أن لا يكون هناك قيوداً
على أهوائها، وحتى يتم التخلص من تبعات التقاليد والأديان، فأغلب
اهتماماتها على أدوات التجميل واللباس والشعر والعطورات لتكون في خدمة
الزبائن لدى الشركات الكبرى المسيطرة على الأسواق العالمية، فتتصدر
الإعلانات التلفزيونية والأفلام السينمائية وصفحات المجلات والجرائد
والمبيعات بشتى أنواعه من بسكويتة ومواد غذائية إلى صناعات منزلية إلى
سيارات وإطارات وما شابه طبعاً بشرط أن تكون ذات مظهر لائق وملابس
دعائية شفافة تظهر مفاتنها ولا يتجاوز العمر (20) عاماً وهذا المعدل
أخذ يتراجع شيئاً فشيئاً إذ أصبح المطلوب الآن فئات عمرية أقل حسب
حالات السوق والأذواق.
فعلى هذا الحال لم تستطع المرأة أن تجني ثمار نضالها ومطالبتها
لحقوقها ترى ما هو سبب ذلك؟.
هل هو جهلها بطبيعة حقوقها وما يُسعدها؟ لكن المرأة أذكى من أن يمرّ
عليها اللوابس، وهي قادرة على نزع حقوقها من مضطهديها إن أرادت.
هل هو عواطفها الجياشة مما تجعلها تصدّق المخادعين؟
أم هو تركيبتها النسوية الميالة إلى الرقة والجمال وإن كان مزيفاً؟
أم هو بُعدها عن القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية؟
أم لأنها في عالم مضطرب مليء بالمتناقضات لا تدري ما تختار فتستسلم
للواقع المجهول وهي في حالة تخدير؟
أم لم يعد للأمومة والمحبة والعطف والحنان والسكينة والهدوء لديها
أي قيمة تذكر مقابل طغيان المادة على كل شيء؟.
أم هذه هي الأيديولوجية النسوية العالمية في عصرنا الحالي عصر
الحداثة؟
على كل حال فأي كانت الأسباب لا ينبغي اليأس فثمة شرائح نسوية فعالة
وحركية تسعى لبناء المجتمع وشد أواصر المحبة فيه، والقيام بأدوارها بكل
إخلاص.
وهناك جانب لا بد من الإشارة إليه وهو أنه إعداد المرأة المعاصرة أو
المستقبلية يجب أن يكون على نحو يوافق مستواها مكاناً وزماناً، بحيث
يكون إعداداً مكافئاً أو كفؤاً لجدارتها وتطلعاتها الحديثة وتوجهاتها
المستقبلية الآتية.
فينبغي إعداد الأم المستقبلي أو الأمومة المستقبلية بشكل تكون قادرة
على تربية أطفال المستقبل، وإعدادهم بالتربية المستقبلية الصالحة
والمسايرة للعصر الحديث مع التأهب للمستقبل الأفضل، تربية ذو اتجاهين:
اتجاه يتقن المعاصر والحديث واتجاه ينظر ويحلل ويستنتج للمستقبل. |