سجل فشل فعاليات اليوم الثاني من اللقاء الوطني السعودي الثالث
للحوار الفكري، تراجعاً حقيقياً، للأهداف التي أعلن عنها القيادة
السعودية، وتالياً أعادت إلى الذهن حجم القضايا والموضوعات التي شكلت
متراساً لبعض القوى المحافظة من خلال إقصاء الآخر، وعدم الاعتراف
بالحقوق الشرعية للمرأة المسلمة؟ يذكر أن الدكتور محمد العريفي
الإسلامي المتشدد قد وجه الاتهام إلى بعض المعلمات في المدارس بقوله
يقمن بالتدريس وهن لا يلبسن اللباس اللائق المحتشم؟! مشيراً إلى إعادة
بعض النساء إلى الجامعات اللواتي تم إيقافهن عن العمل في الجامعات لمدة
عامين بسبب قيادتهن السيارات في سنة 1991 في الرياض متسائلاً كيف
نستأمن هؤلاء على بناتنا؟!! وأضاف العريفي (إن بعض من درسوا في الغرب
عادوا يحاولون فرض الأفكار الغربية التي تأثروا بها على الناس) ملمحاً
إلى بعض الشخصيات المشاركة في اللقاء الوطني.
وتصدت له مباشرة الدكتورة وفاء الرشيد التي تحدثت باحتقان ولم
تتمالك نفسها حتى انهارت وأصيبت بنوبة بكاء ليخيم الحزن على بعض
المشاركين والمشاركات، وأوضحت الرشيدة أنها مستاءة جداً من مداخلات
العريفي واتهاماته غير المبررة للمرأة مشددة على أنها كـ(أم) أصبحت
تخشى على أبنائها طالما التفكير المهيمن هو هذا الفكر المتشدد، وحاولت
رد الاتهام عن النساء والأكاديميات السعوديات إلا أنها لم تستطع
استجماع ذاكرتها لترد على كل ما قاله الدكتور العريفي وكان العريفي
أشار في اليوم الأول من اللقاء إلى أن عمل المرأة يتشكل في منزلها
وتربية أبنائها لافتاً إلى ان المضيفات في خطوط الطيران استخدمت في
فترات لأغراض أخرى؟ وشاركت الدكتورة سهام الصويغ، وهي إحدى النساء
اللاتي شاركن في تظاهرة قيادة السيارات في الرياض 1991م في الرد على
العريفي ومطالبة منه أن لا يستخدم المنبر الحواري للتأليب وتصفية
الحسابات والتشنجات وتقديم الاتهامات غير الصحيحة، معبرة عن أسفها لأن
المعلمة يتم تقويمها على أساس الشكل من دون النظر إلى كفاءتها ومستواها
العلمي بسبب سيطرة الفطرة المتشددة على بعض النواحي التعليمية واعتبار
الآخر دائماً على خطأ وأضافت لا نقبل أن يتعرض العريفي لنساء الوطن
ويحاول التقليل من شأنهن والحط من قيمهن (متسائلة) ألا يعرف حجم
مساهمتهن في تنمية الوطن وانتمائهن الحقيقي لبلادهن؟ فيما أوضح الدكتور
محمد الأحمري أن الحوار لن يكون فاعلاً إذا لم يبن على ثقة واحترام
للآخر من دون نزعة إقصائية واصفاً موقف العريفي تصفية حسابات، مؤكداً
أنه لا يزال مصراً على أن يسمع اعتذار العريفي إلى نساء المملكة عن
الاتهامات التي كالها لهن إذا أراد أن يستمر الحوار بشكل حضاري، وبرأي
الدكتور عمر باقص أن الحوار فشل في الوصول إلى غاياته، مشيراً إلى أن
ما فهمه من غرض المؤتمر هو تأسيس رؤية إيجابية مشتركة تمكن المرأة
السعودية من القيام بدورها الفاعل في المجتمع، وعز الفشل إلى وجود
أجندة تقليدية متشددة تصر على إقحام الرؤية الدينية في كل شأن يخص حياة
المرأة بحيث لا ترى دوراً منتجاً لها سوى المنزل وتربية الأولاد وخدمة
الزوج، فيما أشار الدكتور خالد الدخيل أن الخلاف ليس حول موقف الدين
الإسلامي وإنما تكمن الإشكالية في واقع المرأة والقمع المفروض عليها،
موضحاً أنه لا تتم مناقشة مواضيع واقعية سائدة، وتطرقت فوز الكردي في
بحثها المرأة والتعليم إلى أن توحيد مناهج البنين والبنات المطبق في
بعض المراحل الدراسية أغفل جانباً مهماً يتمثل في اختلاف الوظائف بين
المرأة والرجل، وكشفت دراستها عن القصور والعجز عن مواكبة متطلبات
التربية لاعتماد التعليم على أنماط تقليدية كالتلقين، مشيرة إلى افتقار
الواقع التعليمي إلى الأنشطة الموجهة والبرامج التطويرية الضرورية
للمعلم لتنمية الشخصية الإيجابية للمرأة السعودية، وحصر الدكتور يوسف
مكي هموم المرأة السعودية في أشياء ثلاثة هي: قوانين الأحوال الشخصية
والتعاميم التي تحجب عنها الكثير من الحقوق والثقافة والتقاليد
والأعراف السائدة التي تحول دون مشاركتها في معظم الأنشطة وغياب
المؤسسات التمثيلية التي تحتضن المرأة وتعالج مشاكلها وتبنى الدفاع
عنها نتيجة غياب مؤسسات المجتمع المدني، لقد عرف الإسلام أكثر من شخصية
نسوية شاركت بفاعلية وإيجابية في أنماء مجتمعاتها، وثمة نساء شاركن
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الكثير من الأعمال لنشر الدعوة
الإسلامية الحقة، يقيناً أن طرح الفكر الظلامي والمتعصب وخاصة في قضية
المرأة المسلمة في هذه الظروف عائق أمام شرح مواقف الإسلام الحقيقي من
قضية إنسانية المرأة وأهمية تطبيق الشرع الإسلامي بما يحقق للمرأة
المشاركة في مسيرة التطور والتقدم، وما الدعوة إلى إقصاء دور المرأة
سوى تعطيل القسم الأكبر والأهم في المجتمع من حقه في فهمه لمسؤولياته
وواجباته. |