يؤكد أخر تقرير لصندوق الأطفال التابع للأمم المتحدة (اليونسيف) أن
اكثر من مليون طفل يباعون في العالم سنويا للقيام بأعمال تمثل نوعا
جديدا من العبودية وان هذا الأمر المقلق لا يتعلق فقط بالدول الاكثر
فقرا في العالم و إنما أيضا ببعض الدول الأوروبية وفي طليعتها رومانيا
التي تحضر نفسها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2007.
وتؤكد صحيفة (زيارول دي ياشي) الرومانية أن محرريها الذين كانون يجمعون
معلومات عن هذه المسألة في شرقي رومانيا للاستفادة منها في مقال
يكتبونه قد مثلوا دور رجال أعمال يريدون (شراء) الأطفال لثلاثة أشهر
حتى يعملوا لديهم بجمع البطيخ الأحمر وقد كانت المفاجأة ليس فقط في أن
الأهل أرادوا مقابل (فلذات أكبادهم) ما بين 25ـ 50 يورو فقط وإنما أن
بعض الأهالي عرضوا عليهم الأطفال مجانا كي يوفرا على أنفسهم مهمة
إعاشتهم.
وتؤكد الصحيفة أن معظم الأطفال الذين عرضوا (للبيع) كانوا يعانون من
قلة التغذية وتثبت هذه الواقعة الجديدة صحة الاتهامات العديدة الموجهة
لرومانيا في هذا المجال من قبل العديد من المنظمات الدولية والتي تتهم
السلطات الرومانية بأنها لا تفعل ما هو مطلوب منها لإيقاف عمليات
الاتجار بالأطفال الجارية منذ عدة سنوات.
وتركز هذه المنظمات انتقاداتها على نظام التبني الروماني ففي الفترة من
1999ـ 2001 تم تبني اكثر من عشرة آلاف طفل روماني من قبل أجانب وحسب
بعض التقديرات الدولية فان الأطفال الرومانيين يشكلون نحو ثلثي عدد
الأطفال الذين يتم تبنيهم عالميا .
وفي الممارسة العملية تبدو القضية بيع حقيقي للأطفال اكثر منها تبني
بالمفهوم الإنساني صحيح أن اغلب الذين يقومون بالتبني هم من الأزواج
الأوروبيين الغربيين والأمريكيين الذين ليس لديهم أطفال إلا أن
الوكالات المتخصصة التي (تؤمن) الأطفال والتي يديرها عادة رجال العالم
السفلي يبيعون الأطفال لهم بمبالغ تتراوح بين 20ـ 30 ألف دولار أما هم
فقد حصلوا على هؤلاء الأطفال من بيوت اليتامى ومن أهاليهم الفقراء
مقابل مبالغ زهيدة جدا وبالتالي أصبحت العملية ليس فقط غير أخلاقية
وانما أيضا تجارة.
ويضغط الاتحاد الأوروبي على رومانيا كي تضع حدا لهذه المسالة إذا ما
أرادت الدخول إلى النادي الأوروبي الأغنى وقد اجبر الاتحاد الحكومة
الرومانية عام 2001 على إعلان حظر على تبني الأطفال من قبل أجانب إلى
أن يتم سن القوانين التي تؤمن شرعية وشفافية هذه العملية غير أن
الممارسات العملية استمرت وحسب الصحف الرومانية فقد تم وعبر الطريق
الرسمي واستنادا إلى استثناءات أعطتها الحكومة تبني نحو 1000 طفل في
الفترة الأخيرة فقط.
وأمام هذا الواقع اقترح نواب من البرلمان الأوروبي في شباط الماضي
تعليق المفاوضات الخاصة بانضمام رومانيا إلى الاتحاد غير أن هذا
الاقتراح لم ينجح .
وعلى خلاف البرلمان الأوروبي فان الولايات المتحدة وإيطاليا حيث يتجه
اغلب الأطفال الرومانيين يمارسون ضغوطا على بوخارست للاستمرار في
عمليات التبني متذرعة بان الأطفال الرومان يعيشون بعد تبنيهم في ظروف
افضل
ولا تقتصر عمليات بيع الأطفال على رومانيا بطبيعة الحال فعلى الإنترنت
يوجد أيضا إعلانات عن بيع أطفال أو (تأجيرهم) في روسيا و أوكرانيا ودول
أفريقية وتايلاند وملدوفيا
وبالطبع فان الذين يتم تبنيهم لا يعيش سوى القليل منهم في ظروف افضل
أما الأغلبية فيتم استخدامهم كالعبيد في أعمال مختلفة ويتم الإساءة لهم
جنسيا كما سجلت الكثير من الحالات حيث استخدم هؤلاء الأطفال كقطع غيار
لبعض الأعضاء الحيوية التي كانت تلزم أطفالا من عائلات غنية
وتؤكد اليونيسيف أن ضمير أوروبا غير نقي في هذا المجال فأوروبا
الغربية غدت هدفا للاتجار بالنساء اللواتي يبعن هناك ويجبرن على ممارسة
الدعارة وحسب بعض المنظمات المتابعة لهذه المسالة فان نحو نصف مليون
امرأة من أوروبا الشرقية يتم بيعهن إلى الغرب وبينهن عدد غير قليل من
الفتيات القاصرات والفتيات الصغيرات في العمر وتؤكد اليونيسيف أن آلاف
الأطفال الألبان يباعون إلى اليونان وإيطاليا لأشخاص يقومون بتشغيلهم
هناك بأعمال الشحاذة أو للقيام بأعمال السرقة . |