(يعيد
المؤرخ.. قراءة التاريخ، ويجيب عن أسئلة كثيرة، منها: من هم السلاجقة؟
ما أصلهم؟ وكيف جاءوا الى العراق.. ثم ما العلاقات التي كانت قائمة
بينهم وبين الصليبيين من جهة، وبين الخوارزميين من جهة أخرى؟
تتصف إجابات هذا الكتاب إضافة الى الجرأة في قول ما يعتقده حقاً
برصانة العالم المحقق وتجردّه).
نقرأ في (كلمة المركز) هذه السطور:
ما سموه (مؤتمر صلاح الدين الأيوبي) الذي جمعه جامعوه في بيروت في
شهر آذار سنة 1994 لم يكن ما قيل فيه إلا اجتراراً طالما أجتره
أمثالهم على مدى العصور. وقد رددنا على ذلك المؤتمر بكتابنا الذي
اسميناه (صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين.
ولما كان في الكثير مما قيل في ذلك المسمى بالمؤتمر ما يحتاج الى
تبيان الحقيقة والرد عليه رداً تفصيلياً لذلك أفردنا هذا الفصول في
كتاب يجلو من الحقائق ما حاول المؤتمر تزييفه، واغتنم فرصة المؤتمر
ليعيد في أواخر القرن العشرين كتابة ما كتبه السفهاء في القرون
المظلمة.
ونقرأ في حقل (السلاجقة) هذه الخلاصات:
أصولهم تعود الى القبائل التركية التي عرفها العرب باسم (الغز)
والتي استطاعت في القرن السادس الميلادي أن تقيم أمبراطورية ذات طابع
بدوي أمتدت من الصين الى البحر الأسود وحين اصطدمت بالصين فضعفوها.
هاجر (الغز) في القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري) متجهين الى
الغرب في الصحارى الواقعة شرق بحر قزوين دون أن يستطيعوا تحقيق
وحدتهم بل عادوا متقاتلين وانتشرت فروعهم متمددة الى البعيد حيث وصلت
الى فارياب على نهر سرداريا (سيحون) ومن هؤلاء تحدّر السلاجقة.(1)
وسبب تسميتهم بهذا الأسم هو انتسابهم الى أحد أجدادهم سلجوق بن
دقاق كما يلقبه ابن الاثير كان وجه الأتراك الغز، على جانب من الرأي
والتدبر فأطاعه قومه وأتبعوه، وولد له سلجوق الذي تقدم عند ملوك
الترك كأبيه.
ثم نقرأ تحت عنوان (السلاجقة في العراق) هذه السطور:
سنة 447 بدت نية الملك السلجوقي طغرل بك في الاستيلاء على العراق،
فأعلن أول ما أعلن أنه يريد الحج وإصلاح طريق مكة ، وقد مهد بهذا
الشعار ليبرر زحفه الى العراق، ولم يكتف بهذا الإعلان بل أضاف إليه
أنه يريد المسير الى الشام ومصر وإزالة المستنصر الفاطمي صاحبها.
وراح يعد لأمر الفتح عدته فأتصل بأنصاره بالدّينور ومرميسين
وحلوان خاصة لقرب هذه المناطق من العراق، كما اتصل بغيرها مما هو
أبعد منها، وأوصاهم بإعداد الميرة وجمع الأقوات والعلوفات والتهيؤ
للتقدم عندما يطلب إليهم ذلك.
ثم لم يلبث أن مشى وانتشرت جماعته في طريق خراسان، وأرسل الى
خليفة بغداد يعلن فيه تابعيته له وطاعته لأوامره، بل وعبوديته.
ومن الغريب – كما سنرى أن دخول طغرل بك الى بغداد، وإعلان اسمه..
كان يعني نهاية الحكم البويهي الشيعي وحلول الحكم السلجوقي السني
مكانه.
وكذلك نقرأ تحت عنوان (بين السلاجقة والصليبين) هذه الأحداث:
سنة 491هـ كانت الصليبيون يحتلون أنطاكية ويتوغلون منها في بلاد
الشام قاصدين القدس.
ويقول ابن الأثير عن حاكم أنطاكية السلجوقي (باغي سيان) أنه بمجرد
أن سمع صوت بوق الفرنج يضرب عند السحر، وكان مع البوق عدد من
الصليبيين لا يزيد على الخمسمائة.. دخله الرعب فخرج هارباً على وجهه..
ويقول ابن الأثير بعد ذلك بسطور: وكان الفرنج قد كاتبوا صاحبي حلب
ودمشق (السلجوقيين) بأننا لا نقصد غير البلاد التي كانت بيد الروم لا
نطلب سواها مكراً منهم وخديعة..
هكذا سلم السلاجقة باب العالم الاسلامي مفتوحاً للصليبيين فدخلوا
منه حتى وصلوا الى القدس!
هرب حامي الباب بسماعه صوت البوق فلم يرم بسهم ولم يجرد سيفاً،
ولم يشرع رمحاً دفاعاً عن البلد، الذي أنفذ فيه سلطانه، واستضفى
أمواله، وعاش فيه آمراً ناهياً مترفاً، فلما جد الجد لم يكن له هم
إلا نفسه ففر هارباً لا يلوي على شيء، ولم يترك البلد وأهله وحدهم
عرضة لمذابح الصليبيين بل ترك حتى اسرته للقتل والسبي والأسر.
وصاحبا حلب ودمشق (السلجوقيان) لم يعنهما أن يحتل الصليبيون
أنطاكية ثم ينطلقون منها الى أولى القبلتين وثالث الحرمين، لم يعنهما
ذلك مادام الصليبيون قد طمأنوهما بأنهم لن يتعرضوا لهما.
وفي السنة التي كان الصليبيون يزحفون فيها على العالم الاسلامي
فيحتلون.. كان السلجوقيون لا يكترثون بهذا وإنما يتقاتلون فيما بينهم.
وفي السنة الثانية من احتلال القدس سنة 492كان السلاجقة في شاغل
عن هذا الاحتلال، وعن مذابح المسلمين في القدس وعن الذل الذي غرق فيه
المسلمون..
الأوصاف:
الطبعة الأولى 1417هـ - 1996م
(319) صفحة من القطع
المتوسط
الناشر:
مركز الغدير للدراسات الاسلامية (بيروت
– لبنان)
|