(لقد
مرت على ثورة الحسين (ع) في كربلاء قرون عديدة ونحن نشاهدها كل يوم
تزداد رسوخاً وشمولية حتى أصبحت القضية التي تشغل العالم وقد فرضت
نفسها بقوة على جميع الصعد).
نقرأ في الـ(تقديم) بقلم السيد عبد الله الغريفي
هذه الاستهلال:
فالدراسة الماثلة بين أيدينا واحدة من الدراسات
الجادة الأصيلة، إن في مادتها المنتقاة بأمانة وإن في موضوعها المتفرد،
وإن في لغتها الميسرة الواضحة، وهذه الدراسة محاولة ناجحة، ومعالجة
متأنية واعية توفرت على قراءة شاملة لكل العوامل والأسباب التي تفاعلت
في تكوين الخلود والبقاء والديمومة للثورة الحسينية، مقتحمة كل مراحل
التاريخ لتتحول إلى (حضور دائم) (وشهود مستمر) في حركة الأمة ومسيرة
الأجيال.
ونقرأ في (المقدمة) هذه السطور:
إن ثورة الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين (ع)
حققت أكبر الانجازات للإسلام والمسلمين، بل إن عطاء هذا الثورة العظيمة
نهل منه الكثير من المسلمين ولذا فإننا نسمع الشاعر المسيحي والزعيم
الهندوسي وغيرهما من أبناء الملل الأخرى يعبرّون عن هذا التفاعل، عبر
قصائد وكلمات مضيئة يقول أحد الأدباء.
هو الدين الذي لا لبس فيه له بين الديانات
احترام.
كما نقرأ في محور (العامل الأول) ذو العنوان:
الإرادة الربانية تخلد ثورة الحسين (ع) هذه الكلمات:
كما نعلم أن الله عز وجل بيده كل شيء وهو القاهر
فوق عباده وهو الذي يحول بين المرء وقلبه، وكما نعلم أن الله تعالى
ينصر أولياءه ومبادئهم الحقة وقد فعل ذلك أكثر من مرة مع نبيه المصطفى
(ص) لاسيما في معركة بدر التي درات رحاها بين الرسول وأصحابه وبين
المشركين في مكة ولم تكن المعركة متكافئة بين الطرفين من حيث العدد
والعدة ولكن الله تعالى نصر المسلمين فيها من خلال الملائكة وتثبيت
أقدام المؤمنين وإنزال السكينة عليهم وقذف الرعب في قلوب أعدائهم..
ومما نقرأ في محور (العامل الرابع) ذو العنوان
الرسول محمد (ص) يخلد ثورة سبطه الحسين (ع) هذه التعابير:
كان رسول الله (ص) يحدث أمته عن الحسين ومستقبله
وما يلاقيه في حياته والحسين لازال طفلاً يدرج وكان (ص) يدافع بقوة عن
مبادئ سيد شباب أهل الجنة كما أنه كان يكشف عن بعض الأسماء من خصوم
الحسين (ع) وبذلك وضع النقاط على الحروف وكشف الحقيقة، ولم يترك لأحد
عذراً أن يتفوه بكلمة سوء ضد سبطه ومن تقوّل على الحسين بشيء سلبي فهو
متهم في دينه وهو في عداد أعداء محمد (ص).
ولنترك المجال لرسول الله (ص) يحدثنا عن سبطه
وعن خصومه وما يجري عليه.
1- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (ص):
من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي.
2- عن أبي هريرة قال رأيت رسول الله (ص) وهو
حامل الحسين بن علي وهو يقول: اللهم أني أحبه فأحبه.
وكذلك نقرأ في محور (العامل السادس) ذو العنوان:
السيدة زينب والإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) يخلدان ثورة الحسين
(ع) هذه الحقائق:
لقد عملت السيدة زينب (ع) بكل قوة على فضح
الأمويين وسلب الشرعية عن خلافاتهم وتحريك الأمة للثورة عليهم.
مع علمها بالرد العنيف من قبلهم كانت تستخدم في
خطبها ألفاظاً لها مداليل سلبية على بني أمية في ذهن الأمة مثل ابن
آكلة الأكباد وحزب الشيطان، والطلقاء وغيرها إذ قالت ليزيد: أمن العدل
يا ابن الطلقاء، والطلقاء هم مسلموا ما بعد الفتح المكي وهؤلاء حرّم
رسول الله (ص) الخلافة عليهم.
فقد ورد عنه (ص): (الخلافة محرمة على الطلقاء
وأبناء الطلقاء) ولعل الحديث النبوي (إذا رأيتم معاوية على منبري
فاقتلوه، يعني الموقف الإسلامي من الطلقاء وأبنائهم.
لعل الحوراء (ع) أرادت هذا المعنى عندما عبرت عن
يزيد بأنه ابن الطلقاء..
نقل المؤرخون: أنه جاء شيخ من أهل الشام إلى
الإمام السجاد فقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح البلاد من
رحالكم وأمكن أمير المؤمنين – يزيد – منكم فقال علي بن الحسين (ع): يا
شيخ هل قرأت القرآن؟ قال: نعم قال: فهل قرأت هذه الآية: (إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال الشيخ قد قرأت
ذلك فقال: نحن أهل البيت الذين خصنا الله بآية الطهارة يا شيخ.
قال الراوي فبقى الشيخ ساكناً نادماً على ما
تكلم وقال: يالله إنكم هم، فقال (ع) تالله إنا لنحن هم من غير شك وحق
جدنا رسول الله (ص).. فبكى الشيخ ورمى عمامته ثم رفع رأسه إلى السماء
وقال: اللهم إنا نبرأ إليك من عدو آل محمد (ص) من جن وأنس، ثم قال: هل
لي من توبة؟ فقال: نعم، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا، فقال أنا تائب
فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فأمر به فقُتل.
المؤلف:
الخطيب الشيخ محمد الهنداوي
مواصفات
الكتاب: الطبعة الأولى
1425هـ - 2004م
(303) صفحة من القطع الكبير
الناشر:
دار المحجة البيضاء (بيروت – لبنان) |