عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: قال
والدي:
(والله لأصالح بعض ولدي وأجلسه على فخذي وأكثر
له المحبة، وأكثر له الشكر وأن الحق لغيره من ولدي.. ولكن محافظة عليه
منه، ومن غيره لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف إخوته.. وما أنزل سورة يوسف
إلا أمثالاً لكي لا يحسد بعضنا بعضاً، كما حسد يوسف أخوته وبغوا عليه).
الغيرة بين الأبناء من المشكلات الطبيعية، وقد
يكون لها أثر إيجابي في دفع الابن إلى الأمام، ليكون أفضل وأحسن مما هو
عليه حيث تخلق لديه روح المنافسة والتقدم، لكنها في بعض الأحيان قد
تخرج عن حد الاعتدال، وتأخذ مظاهر حادة، كالغضب بمظاهره المختلفة من سب
وضرب، أو تخريب وثورة ونقد، أو ميل للصمت والانسحاب والانطواء، أو فقد
للشهية، كما ينعكس التأثير النفسي لها على الصحة الجسمانية لصاحبها، إذ
قد ينقص وزنه، أو يشعر بالتعب، أو يصاب بالصداع.
ومن أهم الأسباب لتأجيج نار الغيرة التمييز بين
طفل وآخر في المعاملة والحب والعطف والتقبيل والاهتمام، فعدم الاعتدال
والمساواة بين الأبناء في الاهتمام بهم يؤدي إلى نتائج سيئة جداً.
والعلاج يكون بالعدل فعن النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم)
(اعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يعدلوا بينكم
في البرّ واللطف..)
لأنه إذا كانت مشاعر القلق والخوف وضعف الثقة
بالنفس والتفريق في المعاملة من أهم العوامل التي تولد الإحساس بالغيرة
لدى الطفل فإن إزالة أسباب هذه المشاعر تعتبر من أولى الخطوات لعلاج
الغيرة، ويصبح من الضروري إعادة أو زيادة الثقة في نفسه، وإسناد بعض
المهام التي في استطاعته القيام بها، والثناء عليه عند النجاح.
وكذلك على الأم والأب أن يكونا حكيمين في تربية
الولد، وذلك باتباع أنجح الوسائل في إزالة ظاهرة الغيرة من نفسه، فإذا
كان مجيء مولود جديد في الأسرة يشعره بفقدان محبة أبويه وعطفهما، فعلى
الأبوين أن يبذلا جهدهما في إشعاره أن هذه المحبة باقية ولن تزول..
لأنه عندما ترزق الأسرة بمولود ثان، يشعر الطفل
الكبير بالغيرة ويبدأ في جذب الاهتمام بطرق قد تزعج أسرته مثل التبول
في ملابسه، أو الإصرار على أن تحمله أمه وأن تحتضنه بشدة وأحياناً نجده
يقلد المولود في بكائه وحركاته العفوية.. مما يسبب الحيرة للاسرة
فتساءل: كيف تتعامل معه؟؟ تجيب د. الهام حسني أستاذ طب الأطفال بجامعة
عين شمس بأن الحب والاهتمام هو أنجح وسيلة للعلاج وأكثر فعالية من
العقاب واللوم.. لأن الطفل قد يفسر مقدم المولود الجديد على أنه نوع من
الخيانة ويتهم أمه في نفسه بالكذب لأنها كانت دائماً تقول له أنها تحبه
ولكنها الآن تحتضن وترضع وتبتسم للمولود الجديد، لذلك فمن الضروري
تهيئة طفلك مسبقاً لاستقبال هذا الحدث المهم في حياة الأسرة، واتباع
الخطوات التالية:
* شجعيه على التحدث عن أحاسيسه ومخاوفه بصراحة
واستمعي له دون نقد أو سخرية، واحكي له تجربة استقباله كمولود أول
للأسرة والترحيب، واستعيني بصورة من ألبوم الأسرة.
* احرصي على عدم إلحاق طفلك بالحضانة أو الروضة
في نفس توقيت ميلاد الطفل الجديد حتى لا يظن أنك تريدين التخلص منه
بسبب توقفك عن حبه.. وإذا كان هذا الإجراء ضرورياً بسبب ميعاد الالتحاق
بالمدرسة.. هنا لا بد من التمهيد له مسبقاً قبل ميلاد الطفل والتشويق
له.
* يجب ألا يشاهدك طفلك في أول لقاء بعد الولادة
وأنت تحتضنين المولود، بل يجب التفرغ تماماً ولو لعدة دقائق كذلك أحرصي
عند عودتك إلى المنزل أن يقوم شخص آخر بحمل المولود حتى تكون ذراعاك
مفتوحتين ومستعدتين لاستقبال الطفل الأكبر واحتضانه.
* في اللقاء الأول للطفل مع أخيه المولود يمكنك
وضع إحدى أصابعه بلطف في كف الوليد، حيث يقبض كف المولود على أصبع أخيه
الأكبر (كفعل انعكاسي لا إرادي للجهاز العصبي).. فيشعر طفلك بأن
المولود يتمسك بأصبعه ويرحب به مما قد يشعره بالفرح والحب تجاهه.
* أشركي طفلك في رعاية المولود الجديد مع الحرص
على سلامة الوليد وأطلبي معونته في احضار ما تحتاجينه من ملابس وأدوات
أثناء اعطاء الوليد حمامه اليومي ولا تتركي طفلك الكبير مع الوليد
بمفرده بدون رقابة فقد يؤذيه بدون قصد أو يحاول حمله بطريقة خاطئة
وأخيراً فإن دور الأب مهم إذ يمكنه مصادقة الطفل الأكبر ومشاركته اللعب
ويصطحبه لأماكن جديدة لم يزرها من قبل. |