طالب نواب اصلاحيون في البرلمان الايراني بتعريف
دقيق "للجريمة السياسية" لمواجهة الساسة المتشددين الذين ينفون وجود اي
معتقل سياسي في ايران.
وانهى الرئيس الاصلاحي الايراني محمد خاتمي
سلسلة من النفي الرسمي الايراني بشأن المعتقلين السياسيين باعترافه
باعتقال ايران اشخاصا بسبب افكارهم.
ولكن رئيس السلطة القضائية المتشدد اية الله
محمود هاشمي شاهرودي قال ان من المستحيل الاشارة الى وجود معتقل سياسي
في ايران.
ونقل عنه قوله في صحف يوم السبت "لا يوجد لدينا
اي معتقلين سياسيين في ايران لان عبارة الجريمة السياسية لم يتم
تعريفها في قانوننا."
ولمواجهة هذا الاعتراض دعا نواب الى ان يتضمن
ميثاقا جديدا بشأن حقوق المواطن تعريفا"للجريمة السياسية."
ولابد وان يوافق على هذا الاقتراح الان مجلس
صيانة الدستور وهو هيئة رقابة متشددة تضم ستة رجال دين وستة محامين
اسلاميين . ورفض المجلس عدة محاولة سابقة لتعريف"الجريمة السياسية."
ويسارع الاصلاحيون لإجازة هذا القانون الليبرالي
قبل ان يسيطر المحافظون على البرلمان في وقت لاحق من الشهر الجاري بعد
الفوز الكاسح في الانتخابات البرلمانية في فبراير شباط .
وتنتقد الحكومات الغربية ايران بشكل روتيني بسبب
سجلها في مجال حقوق الانسان. ولكن طهران افلتت في الاسبوع الماضي من
انتقاد لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان للسنة الثانية على التوالي.
لكن السلطة القضائية المتشددة في ايران انها
حظرت التعذيب الذي تقول جماعات حماية حقوق الانسان ان المنظمات الامنية
بايران تستخدمه عادة لانتزاع اعترافات.
ويحظر الدستور الايراني بشكل محدد تعذيب
المعتقلين. غير أن مجلس صيانة الدستور الذي يديره متشددون وقف عقبة في
طريق عدة محاولات من قبل البرلمان الذي يهيمن عليه الاصلاحيون لإقرار
مشروع قانون يحظر التعذيب.
وقال اية الله محمود هاشمي شاهرودي رئيس السلطة
القضائية في بيان تضمن 15 نقطة للسلطة القضائية والشرطة ومسؤولي
المخابرت وحصلت رويترز على نسخة منه "أي تعذيب لانتزاع اعتراف محظور
والاعترافات التي تنتزع عن طريق التعذيب ليست قانونية أو مشروعة."
وقال محامون مدافعون عن حقوق الانسان ونشطاء
سياسيون ان التوجيه الجديد هو اعتراف ضمني بأن التعذيب لا يزال سائدا.
وقال الزعيم الطلابي عبد الله مؤمني "اذا كنا
نريد أن نرى تغيرا حقيقيا في النظام القضائي فلن يكون هذا بتأكيد ما
ينص عليه الدستور بالفعل."
مؤمني الذي قال انه وُضع في حبس انفرادي لأكثر
من ستة أسابيع وأجُبر على الاعتراف بارتكاب أعمال تضر بأمن الدولة
العام الماضي قال ان التغيير لن يأتي ما لم "يلتزم المسؤولون التزاما
كاملا بتطبيق القانون."
ورحبت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن بهذه
الانباء الا انها تساءلت عن مبرراتها.
وقالت متحدثة "منظمة العفو الدولية ترحب
بالاعلان الذي وردت تقارير بشأنه (تفيد) بأن ايران ستسعى من الان
للالتزام بقوانينها الخاصة المتعلقة بالتعذيب. يتعين ان يبدأوا في
تنفيذ قوانينهم الخاصة التي تحظر التعذيب."
واضافت قائلة "لكن سنرى اذا كان المسؤولون
القضائيون او مسؤولو الامن في الحرس الثوري سيضعون هذا موضع التنفيذ."
ولا يوجد سبب واضح لاعلان التوجيه في هذا
التوقيت. ويتعرض السجل الايراني لحقوق الانسان بشكل روتيني لانتقادات
من جانب الحكومات الغربية الا أن طهران أفلتت الاسبوع الماضي من قرار
للجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة يوجه لها اللوم وذلك للعام
الثاني على التوالي.
وأجرى الاتحاد الاوروبي حوارا متعلقا بحقوق
الانسان مع ايران لنحو عامين. غير أن المسؤولين الاوروبيين يعترفون سرا
بأن المحادثات لم تحقق سوى القليل باستثناء تعليق عقوبة اعدام النساء
رجما.
وأعطى شاهرودي تعليمات للمسؤولين بأن "عصب
الاعين وتقييد ومضايقة واهانة المعتقلين أمور يجب تفاديها أيضا أثناء
اعتقالهم والتحقيق معهم واستجوابهم."
وأكد على عدم حرمان المعتقلين من حق الحصول على
محام وتفادي القيام باعتقالات دون داع كما أكد ضرورة أن تكون
الاعترافات مكتوبة وأن يتحقق منها المدعى عليه.
ويبدو أن توجيهاته صدرت في مواجهة معظم
الانتقادات التي وجهتها جماعات مدافعة عن حقوق الانسان ونشطاء سياسيون
في الاعوام القليلة الماضية لكل من النظام القضائي وقوات الامن. غير أن
هذه التوجيهات لم تخلف أثرا قويا لدى المحامين المدافعين عن حقوق
الانسان.
وقال محمد شريف وهو محام دافع عن عدة معارضين
سياسيين "لا يمكن تبرير اصداره توجيها من وجهة نظر قانونية لان كل هذه
النقاط وردت في الدستور بوصفها أمورا ملزمة."
وقال محمد علي أبطحي نائب الرئيس الايراني محمد
خاتمي وحليفه الوثيق والذي كافحت حكومته الاصلاحية من أجل الوفاء
بوعودها المتعلقة بتحسين أوضاع حقوق الانسان في البلاد للصحفيين ان "من
الاهمية بمكان تنفيذ هذه التوجيهات في نظامنا القضائي وفي سجوننا."
وقدم احمد بعتيبي وهو طالب اعتقل في عام 1999
رواية مروعة لمعاملته في السجن.
وكتب في خطاب إثر اعتقاله "ضرب الجنود يدي
وشدوها الى انابيب. ضربوا رأسي ومنطقة البطن باحذية الجنود."
واضاف "أبقوني تحت (بالوعة مملوءة بفضلات بشرية)
لفترة طويلة ولم اكن قادرا على التنفس واستنشقت الفضلات وتسللت الى فمي."
وذكرت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق
الانسان ومقرها بريطانيا في أحدث تقرير عن ايران "لا يزال التعذيب
والمعاملة السيئة مستخدمان وعادة ما يستخدمان في القضايا التي يحرم
فيها مسؤولو الامن والقضاء المعتقلين من الاتصال بمحام أو مقابلة
أقاربهم."
من جهتها قالت الصحف الايرانية ان القضاء
الايراني المتشدد سمح لتسعة من ابرز المعارضين المعتقلين بمغادرة السجن
لعدة ايام في خطوة يقول محللون انه محاولة تقوم بها الجمهورية
الاسلامية لتحسين سجلها في مجال حقوق الانسان.
وكثيرا ما يسمح للمسجونين في ايران بمغادرة
السجن لزيارة اسرهم وقضاء مصالحهم الشخصية. ولكن عدد المعارضين
واهميتهم تجعل من هذا الاجراء امرا نادرا مما دعا المحللين الى اعتباره
مؤشرا.
وقالت صحيفة ايران الحكومية ان من بين المعارضين
الذين سُمح لهم بمغادرة السجن الصحفي الاصلاحي البارز اكبر جانجي وخبير
استطلاع الرأي العباس عابدي الذي سُجن لنشره مسحا يشير الى ان معظم
الايرانيين يؤيدون عودة العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة ان احمد باطبي وهو طالب ناشط
اعتقل في احداث شغب عام 1999 بعد ان التقطت له صور وهو يمسك بقميص ملوث
بالدماء خاص بأحد زملائه كان من بين الذين منحوا فرصة لمغادرة السجن.
ونقلت صحيفة ايران عن القاضي محمود سالاركيا
قوله "اطلق سراحهم لعدة ايام."
ولم ترد اي اسباب لإطلاق سراحهم ولكنه يأتي اثر
بيان غير مسبوق اصدره رئيس هيئة القضاء وهي معقل لرجال الدين المتشددين
تحظر اللجوء الى التعذيب لانتزاع اعترافات وتؤكد على حق المحتجزين في
تعيين من يمثلهم امام القضاء.
كما اطلق سراح ثلاثة منشقين ينادون بالفصل بين
الدين والدولة كانوا قد سجنوا لدورهم في احتجاجات الطلبة في يونيو
حزيران ويوليو تموز الماضيين.
وقال محللون انهم دهشوا من الاجراءات الاخيرة
التي اتخذها القضاء لتحسين صورته التي شُوهت لاعتقال الكثير من
الصحفيين الاصلاحيين واغلاق الكثير من الصحف.
وقال محلل سياسي "اشعر بأن القضاء يبدي المزيد
من المرونة ليقضي على بعض الانتقادات الموجهة له من داخل البلاد
وخارجها."
وفي الاسبوع الماضي طالب الاصلاحيون في البرلمان
الايراني بإيجاد تعريف محدد "للجريمة السياسية" للتصدي للساسة
المتشددين الذين يقولون انه لا يوجد سجناء سياسيون في ايران. |