ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

نضير الخزرجي لشبكة النبأ: قانون الدولة العراقية المؤقت .. خلطة يصعب هضمها

قال الاستاذ نضير الخزرجي*  لشبكة النبأ المعلوماتية..

ان بعض بنود القانون تحمل معها معاول هدم لحمة الشعب العراقي وتفتيت وصلته..

جاء ذلك خلال مقابلة اجرتها الشبكة معه ضمن استطلاعها لاراء العراقيين حول قانون ادارة الدولة الانتقالي المؤقت

وسألته شبكة النبأ أولاً:

النبأ: هل يمثل القانون الانتقالي الطموح الحقيقي الذي كان يتوق اليه الشعب العراق نحو الحرية والديمقراطية؟

** الخزرجي: شهد العراق وشعبه العزيز على مدار قرن من الزمن عددا من الحوادث الكبيرة, بانت مع الزمن قرون اكاذيبها, وانه اريد بها ركوب التيار وكسب الشارع العراقي لبرهة من الزمن, ومن ذلك خدعة (القوات التي جاءت محررة لا فاتحة) التي تكررت مرات عدة, عاصرها اجدادنا مع احتلال القوات البريطانية للعراق في الحرب العالمية الاولى, ويعيش جيلنا الكذبة ذاتها وربما الجيل القادم.

فالحرية والديمقراطية التي تضمنهما منطوق السؤال لا تستقيمان مع واقع الاحتلال ابدا مهما تم تسويغ مبرراته, خصوصا وان العراق كان خاليا من اسلحة الدمار الشامل, ولا استبعد ان اميركا كانت على علم بذلك, وانها أقدمت على احتلال العراق بعد تيقنها من ذلك.

وبالنسبة لقانون ادارة الحكم المؤقت الذي اقره مجلس الحكم الانتقالي, فانه لا يرقى بشكل عام الى طموح الشعب العراقي في الحرية والديمقراطية, لكون الحرية ملازمة للتعددية السياسية, التي هي نتاج التعارف لا التباغض وفق المنطوق القرآني (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) مع ملاحظة ان الشعب العراقي ضمن الخارطة السياسية يمثل شعبا واحدا متكون من عدة قوميات وطوائف قاسم غالبيته العظمى الاسلام (97 بالمئة) , لكن بعض بنود القانون تحمل معها معاول هدم لحمة الشعب العراقي وتفتيت وصلته, وهي ليست من الحرية المسؤولة الداعية الى ان يعمل {كل على شاكلته} ولكن ضمن قاعدة {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}.

مقدمات غير سليمة

وقد جرت في تمرير بعض مواد القانون وتفريعاته, مناورات ولوي اعناق, فكيف نضمن تطبيقا سليما لبنود القانون, فالمشكلة اساسها في التطبيق, وهذه مشكلة العراقي مع الانظمة السابقة, فالبعض يرى ان مواد قانون الادارة المؤقت هي افضل بكثير من مثيلها في عهد نظام صدام حسين, وهي افضل بكثير مقارنة بدساتير الدول العربية والاسلامية قاطبة, بالطبع لم يطلع اعضاء مجلس الحكم على كل دساتير المنطقة حتى يكون هناك وجه كامل للمقارنة او للمقاربة, ثم ان المشكلة ليست في حصافة بنود الدستور مؤقتا كان او دائما, وانما قلب الازمة في التطبيق, وهنا مربط الفرس, فلم يكن الدستور العراقي في عهد صدام كله عورة, ولم يكن كذلك في العهد الملكي, وليست الدساتير العربية بقاصرة كليا, لكن عند التطبيق يعرف المستبد من الشوروي, ولا انسى موقفا لسماحة الفقيد الراحل السيد محمد الشيرازي, فقد كنا ثلة من الشباب في غرفته المتواضعة في بيته المتواضع في قم المقدسة في مطلع الثمانينيات, وانبرى احدنا ينتقد نظام صدام حسين, بعنفوان الشباب ويمتدح المعارضة السياسية ونضالها في الوقت نفسه, فتوجه رحمه الله الينا بعد ان انهى المتكلم حديثه قائلا: وهل تضمن ان تكون على خلاف صدام حسين لو اتيح لك استلام الحكم؟ فبهتنا من كلام الفقيد الراحل, خصوصا وان المتحدث لم يكن شاكا بمقدرته الادارية والايمانية, فعقب رحمه الله مباشرة بالقول: ليس المهم ما تحمل من افكار او عضويتك في حركة سياسية اسلامية, الاهم هو ان تعمل بما تؤمن, وتطبقه على نفسك قبل غيرك ليسهل عليك اقناع الغير بما تؤمن, وحتى يؤمن بك الناس وبأفكارك فانك بحاجة الى سنوات من العمل الجاد ونشر الوعي في صفوفهم, وربما لو اتيح لك الحكم الان لسرت بسيرة صدام.

كان حديث الفقيد الراحل صدمة, ولكنها صدمة مشرعة أبوابها على باحة الحقيقة المرّة.

النبأ: هل يعطي هذا الدستور مصداقية لمسيرة الاصلاح والمشروع الديمقراطي الذي تقوده الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط؟

** الخزرجي: في الواقع ان اميركا اليوم تختلف عن اميركا قبل قرن من الزمن حينما كانت تنظر الى الحروب عن بعد خلافا لما كان عليه حال الدول الاوروبية في ذلك الوقت, فاميركا التي دخلت في الحرب العالمية الثانية متأخرة كعامل انقاذ ليس اقل من وجهة نظرها, تورطت فيما بعد في حروب لا طائلة منها كحربها في فيتنام (1961-1975) التي حصدت ثلاثة ملايين فيتنامي, وابادت ارواح 58 الف عسكري اميركي, ودعمها لحكومات مستبدة في نقاط مختلفة من العالم ضمن دائرة الحرب الباردة بالضد من الاتحاد السوفيتي القديم.

الديمقراطية وسوق السلاح

وبالطبع دخلت الكثير من الحروب تحت مدعى حماية حقوق الانسان مرة, وبذريعة نشر معالم الديمقراطية ثانية, وهذه المرة تحت زعم محاربة الارهاب ورسم خارطة جديدة للشرق الاوسط, شرق اوسط معولم على الطريقة الاميركية.

واذا وضعنا ظنوننا جانبا واحسنا الظن بالرسالة المسيسة دينيا التي تقدمها اميركا للشعب العراقي بعد اسقاط نظام صدام, بانها خلصتهم من نظام مستبد لضمان عالم يسوده الامن والامان, فان محصلة قانون ادارة الدولة المؤقت الذي اقره مجلس الحكم الانتقالي المعين يتنافى في جانب منه مع الف باء النظام الديمقراطي, ومجرد قبول سلطة التحالف بهذا القانون يعطي الانطباع العام بان الساسة في اميركا وبشكل دقيق الرؤساء والمدراء العامون للشركات والكارتلات الاميركية انما هم في العراق والمنطقة بحثا عن شيء آخر غير الديمقراطية, وانما الديمقراطية مجرد حصان طروادة كما كانت اكذوبة اسلحة الدمار الشامل خدعة كبرى لخلق جاهزية جماهيرية لدى الغرب لتبرير الاحتلال.

واميل الى وجهة نظر الباحث الفرنسي (ايمانويل تود) بقوله: "لقد مأسست كل من الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة, الدور التاريخي لأميركا, الذي يحمل, في آن واحد أبعاده, خطرا مزدوجا على راعيته نفسها, فماذا لو سادت الديموقراطية في كل مكان في العالم؟ ان النتيجة الحتمية, شديدة الغرابة لهذا الامر, أن الولايات المتحدة سوف تصبح, كقوة عسكرية, غير نافعة للعالم, وعليها ان تستسلم لواقع انها أصبحت ديموقراطية بين الديموقراطيات الاخرى".(ما بعد الامبراطورية.. دراسة في تفكك النظام الاميركي, ايمانويل تود, دار الساقي, لندن, 2003, ص36).

واضيف اليه ان الديموقراطية المستقرة, تعني فيما تعنيه خسارة لاحد اسواق السلاح, وسوق السلاح هو واحد من مصادر الدخل القومي الاميركي او بالاحرى لمعظم قادة حزبي الفيل والحمار, وانت تجد ان اميركا عندما تذهب الى بلد ما تحت يافطة نشر الأمن تعمل على تدمير كامل اسلحته بصورة غير مبررة ومن ثم تفتح اسواقها له كما فعلت في البوسنة عندما دمرت السلاح الروسي وفتحت امامها سوق الأسلحة الاميركية وباموال الدول المانحة, وهي ما فعلته في العراق عندما تركت مخازن الاسلحة نهبا للسرقة والتدمير والخراب, في محاولة مكشوفة لاخلاء العراق من السلاح غير الاميركي, وعند اعادة تسليحه فسيكون من الترسانة الاميركية والغربية. وبالاساس فان تاجر السلاح لا يختلف في آلية العرض والطلب عن تاجر الفاكهة والخردة, فانه يظل يبحث عن اسواق جديدة ويجدد القديمة بوسائله الخفية, فعرض السلاح مقدم على عرض الديمقراطية!, بل ان منطقة الشرق الاوسط ينظر اليها كسوق عامرة, فكيف تتجانس الديمقراطية مع سوق السلاح؟

النبأ: ماهي الاخطار الحقيقية التي يتضمنها هذا الدستور على مستقبل العراق واستقراره وتحقيق الديمقراطية فيه؟

** الخزرجي: عند القراءة المستفيضة لمواد قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت تلمس في بعض خلطات غير متجانسة يصعب هضمها, فعلى سبيل المثال نجد في مكان يدعو الدستور الى اخذ الاصوات بالاغلبية دون تخصيصه باغلبية بسيطة او مطلقة, وفي مكان اخر باغلبية كبيرة وثالثة باغلبية الثلثين ورابعة باغلبية ثلاثة ارباع النواب, فتشتيت المواطن العراقي او اعضاء مجلس الامة او البرلمان بتعدد الاغلبية ومناسيبها يفقد للاغلبية مصداقها, حيث تسالم العقلاء في احسن الفروض ان الاغلبية هي بزيادة الواحد على الخمسين, على ان الامر واضح وجلي, فاختلاف مناسيب الاغلبية من بند لاخر يوحي ان الاختلاف خاضع لاعتبارات طائفية وقومية وهو اشبه بفيتو ولكن من العيار المتوسط, غير الفيتو من العيار الثقيل الذي تبناه البند ج من المادة 61, الذي فوض الحق لخمس الشعب العراقي الحكم على اغلبيته خلافا لكل الموازين الديمقراطية ناهيك عن الموازين العقلائية التي تحكم ببطلان مثل هذا النقض, وان كان الذي اصر على هذا البند غير العقلائي اراد وضع العصي امام اي استفتاء لرفض الفيدرالية في حال عرضها على الشعب العراقي, على اني ارجح ان تعرض القضية على المجتمع العراقي قبل الاستفتاء حتى يفهمها ويستسيغها, لان الكثير من العراقيين لا يفهم معنى الفيدرالية او الكونفيدرالية لا من جانبها العلمي ولا من جانبها الحقوقي, فقبل كل شيء تطرح المسألة على كل الشعب العراقي من باب التثقيف بها للوقوف عليها فربما رفضها الكرد قبل العرب او قبلها التركمان قبل الكرد, فمعرفة الشيْ السبيل السليم لتبينه أو لفظه.

الفيدرالية.. معرفتها أولا

صحيح ان المجلس الوطني لكردستان العراق قد حدد في الرابع من تشرين الاول (اكتوبر) العام 1992 شكل العلاقة بين اقليم كردستان العراق والسلطة المركزية على اساس الاتحاد الفيدرالي ضمن عراق ديمقراطي برلماني يؤمن بتعدد الاحزاب, ولكن المعارضة العراقية حينذاك لم يكن لها الحق في قبول القرار او رفضه لانها لم تنتخب من قبل الشعب وهي خارج الحكم اصلا, وحتى وهي في الحكم اليوم, فانها موجودة بقرار من الحاكم الاميركي المدني, وليس بتفويض من الشعب العراقي, كما لم يكن لاكراد العراق ان يقرروا هذه العلاقة الا بعد ان شكلوا مجلسهم الوطني, فمادام القرار اتخذ من قبل المجلس الوطني لكردستان العراق, فان المنطق يقضي بان القرار سيكون ملزما ايضا اذا تم تمريره على الشعب العراقي او ممثليه في المجلس الوطني, وليس على المعارضة السابقة اعضاء مجلس الحكم الحالي من مستعتب اذا تحفظوا عليه لانه ما كان لهم ان يبتوا في الامر من دون اذن الشعب او ممثليه.

ثم ان الفيتو صياغة القوي على الضعيف فرض في مجلس الامن الدولي, ونرى نتائجه الوخيمة على قضايا الشعوب, وخاصة القضية الفلسطينية, بل وقضية حصار الشعب العراقي لثلاثة عشر عاما, فليس من المعقول ان نستورد صيغة غير عقلائية يرفضها المنطق السليم.

ومن الغريب ان يكون المؤقت حاكما على الدائم وهذا لعمري في الديمقراطية قبيح, فضلا عن ان المعين لا يكون حاكما على المنتخب, وهذه بديهية يعرفها العامي قبل المتعلم, واذا اريد له ان يكون حاكما فهذا محتاج الى رغبة الشعب نفسه لا رغبة المعينين من سلطة معينة تثقل بجنازيرها الشارع العراقي.

وحتى في مسألة تشكيل اقليم جديد فان البند (ج) اشترط فيه: (موافقة اهالي المحافظات المعنية بواسطة استفتاء), ولم يقل البند عن حجم النسبة التي ينبغي تقبلها, أهي نسبة بسيطة او مطلقة او بالثلثين, وو!

الأمة تشرفت بالاسلام ولغته

بالطبع لا نتحدث عن الاسلام الذي يغطي معظم المجتمع العراقي, والذي يجب ان يكون هو المصدر الاول للدستور, فاحترام ارادة الشعب العراقي يكون باحترام دينه وعقيدته, وهذا لا ينتقص من عقائد الاديان الاخرى وفق المنطوق القراني (لكم دينكم ولي دين), (ولا اكراه في الدين), ولا نتحدث عن احزاب معارضة لهذا المصدر لانها تظل احزاب خاضعة لبورصة السياسة بين افول وظهور, ولكن الدين يجري في المرء مجرى الدم في العروق, فلا يمكن تغييره بجرة قلم او محاولة الانتقاص منه تحت تأثير المحتل, لقد بقي العراق وذهب الاستعمار البريطاني, بقي الدين وذهبت الاحزاب, فانظر لمن البقاء.

ولا ادرك معنى ان يفرض خمس السكان اللغة القومية على لغة القرآن, وهو الكتاب الذي يقرأه الخمس الى جانب الاربعة اخماس, نعم يكون الامر مقبولا اذا تحدث الخمس بين اهليهم بلغتهم فهذا حق مشروع, اما ان تفرض اللغة على الكل, والكل الى جانب الخمس يشرفهم القرآن, فهذا مما لم يأتنا خبره في كتب الديمقراطية الغربية, كيف والقرآن بين اظهرنا ناطق بلسان عربي مبين يهدي للتي هي اقوم, يتوق الى تعلمه الأعجمي قبل العربي.

للراشد حق الاقتراع والترشيح

ولا افهم معنى ان يكون المرشح لعضوية المجلس الوطني قد بلغ الثلاثين, ولا اشتراط المرشح لعضوية الرئاسة بلوغ سن الاربعين, او اشتراط رئيس الوزراء بلوغ سن 35 عاما, فهذا خلاف حرية البالغ الراشد, فلماذا يكون للبالغ الراشد مثلا حق الاقتراع لانتخاب عضو برلماني او رئاسي ولا يكون له الحق نفسه في الترشيح, بل في اعتقادي ان شرط السن احد العقبات في طريق التعددية السياسية والحزبية, فهو يحرم الحزب من ترشيح اعضائه دون الثلاثين لعضوية المجلس وان كان يجد فيهم الكفاءة, وهكذا للمستقلين, نعم يكون لهذا الشرط قبولا اذا عرض على الاستفتاء ووافق عليه الراشدون نساء ورجالا, ويكون حينها من باب الالزام والناس عند شروطهم, لا من باب الفرض بلا قبول مسبق.

استعارة في غير محلها

اما الأسوأ فهو في تحديد الرئاسة في مجلس مناوب, وان تكون قرارته بالاجماع, وهي صيغة مستوردة من البوسنة والهرسك المستقلة عن يوغسلافيا بعد ان غال اوروبا وهالها ان يكون بين اظهرها دولة ذات غالبية مسلمة لتكون سابقة خطيرة في القرون الاخيرة, ففرض على مسلميها الحرب وفرض على شعبها المجلس الرئاسي الثلاثي ليحكم بالتناوب بلد غالبيته من المسلمين, ولو كان العراق قد دخل في حرب طائفية وقومية لامكن ايجاد مبرر لهذا الطرح ولو من مكان قصي, فلا معنى لهذا الطرح, نعم يمكن تقبل قيام مجلس رئاسي يكون مشرفا على اداء الحكومة يغطي التوليفة الطائفية والقومية للعراق ضمن استحقاقات النسب, هذا اذا تنازلت الاكثرية عن حقها في ادارة الدولة خصوصا وانها تمثل اكثر من ثلثي الشعب العراقي, على ان الاصل في المسألة برمتها هي اصوات الناخبين, فلربما اختار الناخبون كرديا او تركمانيا او عربيا لرئاسة الدولة, ولا ادري لماذا ينظر في مادة من مواد القانون من منظار قومي, وفي اخرى من منظار مذهبي, أليس بين الاكراد من هو من مذهب الاغلبية, وأليس بين التركمان من هو من مذهب الأغلبية!

ظلموا المرأة والرجل

وعند مقارنة مواد القانون المعد قبلا والمعدل بعدا, نلاحظ تهافتا في حصة المرأة العراقية فقد انخفظ من (40) بالمئة الى (25) بالمئة, وهذا هو الاخر خلاف الحرية الشخصية, لان الحصة اذا نظر للمسألة من باب النسب, مخالفة لحجم الوجود النسوي, حيث تشكل المرأة نحو نصف المجتمع العراقي, ان لم تكن هي الأكثر, فنسبة الربع ليس لها معنى وهي مخالفة للاسس الديمقراطية من وجهتين:

الاولى: اذا كان ولابد وضع نسبة لترشيح المرأة في انتخابات المجلس الوطني فينبغي ان يكون متناسبا كليا مع نسبتها في المجتمع العراقي, اي اكثر من الربع, فالربع خلاف النسبة وخلاف الحرية الشخصية.

الثانية: فلا معنى لتحديد الربع, لانه لو اشترك خمسة من المرشحين في دائرة انتخابية وفاز الاربعة من الرجال حسب التسلسل الرقمي, فيفرض قانون ادارة الحكم المؤقت صعود المرأة الى البرلمان وازاحة الرابع من الرجال رغم انف اصوات الناخبين, ولو كان المتقدمون الاربعة قد فازوا باصوات الناخبين تباعا لذكرين وانثيين, فعلى الرابعة ان تذهب الى بيتها بخفي حنين وتترك كرسيها للرجل لانها فوق نسبة الربع, وقس على ذلك.

فالمحاصصة بهذا الشكل اخلال بطبيعة الحياة وناموسها, وظلم للمرأة وظلم من وجه اخر للرجل, ويفسد عملية المنافسة الحرة, وينتقص من شعار (الشخص المناسب في المكان المناسب), ويطعن في اصوات الناخبين الذين صوتوا لهذه المرأة دون الرجل, فتحرم لان القانون يمنعها من تبوء ما ادى اليها جمهور الناخبين من حق.

التعداد السكاني قبل الانتخابات

وعلى ذكر الدوائر الانتخابية, فان الدستور المؤقت لم يشر الى كيفية تعيينها وتوزيعها على المحافظات, خصوصا وان العراق بحاجة الى تعداد سكاني يسبق الانتخابات حتى يتم فرز الدوائر الانتخابية وفقا للنسب السكانية على ان يكون الاحصاء السكاني شاملا لكل العراق من جنوبه الى شماله بلا استثناء, وليس من الصحيح الاعتماد على التوزيع الذي كان يستخدمه نظام صدام, لانه توزيع غير عادل, بصمت عليه كل المعارضة العراقية السابقة بالعشرة, فمما يجدر ذكره ان نظام صدام كان قد قسم العراق عام 2000 الى 54 منطقة انتخابية تضم (220) عضوا بواقع (99560) عراقيا لكل نائب, اي ان نفوس العراقيين في ذلك الحين بلغ نحو 22 مليون نسمة دون حساب المنطقة الكردية التي كانت واقعة ضمن خط العرض الشمالي المحمي من قبل قوات الائتلاف. (راجع: مجلة الرأي الآخر, مركز التثقيف الاسلامي بلندن, العدد 45, ص5).

ولكن حين مقارنة توزيع المناطق والدوائر الانتخابية على المدن بعدد نفوسها نجد ان النظام تعمد زيادة الدوائر الانتخابية في مدن على حساب اخرى، فعلى سبيل المثال قسم الموصل الى اربعة دوائر انتخابية تضم 24 نائبا, وبحساب اصوات الناخبين فان نفوس الموصل في هذه الحال يكون نحو مليونين وثلاثمائة وثمانين الف نسمة, في حين ان سكان الموصل حسب احصائية عام 1987 يشكلون نحو 715 الف نسمة, فليس من المعقول ان يزداد نفوسهم الى الضعفين خلال اثني عشر عاما, فيما حضيت البصرة بثمانية عشر نائبا مع انها ثاني مدينة من حيث السكان بعد بغداد التي مثلها في هذه الانتخابات 62 نائبا (اي عدد نفوس بغداد عام 2000 كان اكثر من ستة ملايين عراقي), وكمثال اخر فان محافظة صلاح الدين (تكريت وسامراء وضواحيهما) حظيت بعشرة نواب اي نحو مليون نسمة, في حين ان احصائية عام 1987 سجلت نفوس تكريت المدينة وحدها اكثر من عشرة الاف نسمة, وبضم سامراء ونفوسها نحو 70 الف حسب احصاء عام 1987, الى جانب المدن الصغيرة الملحقة بتكريت (صلاح الدين), فان نفوس صلاح الدين في ذلك الوقت وفي احسن التقديرات هو اكثر من مائة الف نسمة, اي انها تستحق نائبين بالكاد, وليس من المعقول ان السكان تكاثروا عشرة امثالهم خلال عقد, مع ملاحظة ان نفوس العراق بما فيه المنطقة الشمالية حسب احصاء 1987 يساوي 18,644,000, في حين بلغ نفوس العراق عام 2000 نحو 25 مليون نسمة.

(Iraq-Demographic and ethnic.Distribution.U.S.Government, Data ME/oil/223-099-887) وانظر:العراق .. الواقع وآفاق المستقبل, وليد الحلي, ص317.

من هنا فان اي اصرار على قيمومة هذه الدوائر التي ابتناها النظام السابق من عندياته وتبناها دون الرجوع الى الواقع السكاني, يعني عين اللعب بمشاعر العراقيين بكردهم وعربهم وتركمانهم, وتناغم مع سياسية النظام السابق المناطقية المقيتة الذي تنكرت لها كل الفعاليات السياسية المعارضة, ومن هنا ايضا تزداد الحاجة وبالحاح الى اجراء تعداد سكاني لنضمن سلامة في الانتخابات القادمة والخروج من دوامة الشكوك والظنون والتلاعب بمقادير الناس ومشاعرهم (للمزيد, انظر: دراستنا في مجلة "النور" الصادرة بلندن, العدد 153, بعنوان: "قراءة في التركيبة السكانية لعراق خال من الاستبداد").

الضمان الاجتماعي.. ضمان الاستقرار

ولما كنا نتحدث عن العدالة في التوزيعات الانتخابية, فان من العدل ان يشمل قانون الضمان الاجتماعي كل العراقيين, وليس من الصحيح ان يغطي شريحة دون اخرى, واعتقد ان الذين وضعوا بند الضمان الاجتماعي تأثروا بالمشرع الاميركي, وليتهم تأثروا بالمشرع البريطاني او الدانماركي او السويدي, ليشمل الضمان الاجتماعي ذوي المداخيل القليلة, على ان الضمان الاجتماعي في الاسلام فاق كل المشرعين الغربيين, لكن المشلكة في التطبيق, ولو قرأ البعض التاريخ الاسلامي والتشريع الاسلامي, لوجد محاسن هذا الدين الذي جاء لخدمة الامة كل الامة وبالخصوص الطبقة العاملة والطبقة الفقيرة, وكمثال على ذلك, فان الاعمى العاجز في صدر الاسلام كان يصرف له راتبا تقاعديا مدى الحياة, وفوق ذلك كانت الدولة الاسلامية قد اسندت الى من يعين الاعمى في تحركاته راتبا مادام في خدمة الاعمى, وكذا المعقد العاجز, وكان الاستشفاء بالمجان, ولو خسر العامل عمله والتاجر تجارته يصرف له من بيت المال الى حين رفع الضرر وتوفر العمل, ويكون الصرف وفق احتياج المحتاج وشأنيته وهذا ما لا نجده حتى في الديمقراطيات الغربية التي تعطي بالتساوي للغني اذا افتقر والعامل اذا فقد العمل, وغير ذلك كثير.

وفي اعتقادي ان تطبيق الضمان الاجتماعي يعتبر احد الكوابح التي تمنع الانقلابيين بالتفكير مجرد التفكير بالقيام بأي انقلاب عسكري او مدني, لان الانقلابيين عليهم ان يضمنوا لطبقة كبيرة من العاطلين وذوي المداخيل القليلة لقمة العيش والسكن كما هو عليه اصل الضمان الاجتماعي غير المطبق كليا في بلداننا الاسلامية, فلو طبق كل بلد بنود الضمان الاجتماعي لفكر كل انقلابي الف مرة قبل ان يقدم على خطوته, ولكن والحال هذه, فان الشهية مفتوحة على كل انقلاب وفي كل آن, لان الانقلابيين ما عليهم الا ان يستبدلوا الرئيس بآخر ماداموا يدركون انهم غير معنيين بمعيشة الناس, واعتقد جازما لو ان بريطانيا على سبيل المثال الغت قانون الضمان الاجتماعي دون بدائل, فان الملايين سيضطرون للعيش على قارعة الطريق, ولماجت بريطانيا باهلها وساخت الديمقراطية بجريرتها, وهنا لنا ان نتذكر القول الشافي للصحابي الغفاري في وجه المدني والشامي: عجبت للفقير كيف لا يشهر سيفه!

حق التملك والسكن

وما دمنا نتحدث عن السكن فان البند (ج) من المادة (16) قابل للتأويل لانه اعطى للمواطن العراقي الحق الكامل غير المشروط بالتملك في كافة انحاء العراق بلا قيود, ولم يشر هل يحق له السكن فيه او في غيره, ربما يستدرك البعض بان حق التملك يتضمن حق السكن, ولكن اقول قولي هذا لان هناك دعوات لطرد قطاعات من سكان كركوك وخانقين وغيرهما من حيث جاء اباءهم رغم ان كثيرين منهم يسكنون في اراض مملوكة للدولة (تمليك) حتى يقال بحتمية استعادة المنازل منهم واعادتهم الى مدنهم القديمة, وهذا يعني انه بالامكان تأويل النص وتخصيصه بالتملك دون السكن.

سباق مع الزمن

واذا امكن تأويل هذا النص, فان البند (أ) من المادة 25 يتعارض مع البند (و) من المادة (33), أو ربما تعمد واضع النص على ان يكون المؤقت حاكما على الدائم في هذه النقطة على وجه الخصوص, فالاول خص الحكومة العراقية الانتقالية (غير المنتخبة) بـ (رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها وابرامها ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية وسياسات الاقتراض السيادي), في حين ان الثاني خص الجمعية الوطنية المنتخبة: (وحدها سلطة ابرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية), وليس هناك من تفسير واضح الا ما يذهب اليه المشككون بان واشنطن تسابق الزمن لاحكام العراق بمجموعد معاهدات عسكرية وامنية واقتصادية تكون بمثابة لجام تحرك السياسة العراقية وفق البوصلة الاميركية, ولعل احد اسباب تخلف اميركا عن اجراء تعداد سكاني ومن ثم اجراء انتخابات عامة هو رغبتها الشديدة بشكم العراق بمجموعة معاهدات يصعب على العراق الفكاك منها, واعتقد ان المادة 25 ستكون عامل شد وجذب بين السلطة المركزية والادارة الاميركية لسنوات طويلة.

ثم لا نفهم معنى ان يتوسل العراقي اذا كان حقا يتمسك بعراقيته بالامين العام للامم المتحدة لبيان امر الحدود الادارية في البلد الواحد اذا اختلف حولها, كما في البند (ب) من المادة (58), مع ان العامل بالسياسة يعرف قبل غيره ان الامم المتحدة تفصل بين الحكومات والدول المتنازعة, وهذا البند يوحي ان واضعه يبت النية لاثارة ازمات ادارية والاستفادة من هذا البند لاقحام الامم المتحدة في قضية داخلية.

وهناك امور اخرى قابلة للنقاش.

النبأ : كيف يمكن اسقاط المواد السلبية لهذا الدستور التي قد لاتمثل طموحات الشعب العراقي؟

الخزرجي: ولو تسالمنا على وجود مطبات كبيرة في هذا الدستور وهو الحاصل فعلا, فان منطق العقلاء يحكم بتصحيح الخلل قبل تفاقمه, لا التعامي عنه, لان التعامي بمثابة الغام مزروعة نمشي عليها او بجوارها لا نعرف متى تنفجر.

 


* نضير رشيد الخزرجي

من مواليد مدينة كربلاء المقدسة (1/1/1961)، في منطقة باب النجف، لأب كربلائي وأم كظماوية.

- نال شهادة الاجازة في علوم الشريعة الاسلامية (بكالوريوس) من الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية بلندن (كلية الشريعة الاسلامية)، عام 1997م.

- نال شهادة ماجستير فلسفة من الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية بلندن عام 2003م.

- عمل محررا لسنوات ثلاث في صحيفة الاحداث اليومية الصادرة في لندن.

- عمل لسنوات سبع في قسم التحقيقات بدائرة المعارف الحسينية بلندن.

- مؤسس ورئيس تحرير مجلة (الرأي الآخر) التي صدرت في لندن عام 1996م حتى العام 2001م.

- كتب أو حرّر في العديد من الصحف والمجلات منها: مجلة النور (لندن)، صحيفة السياسة (الكويت)، صحيفة بغداد (لندن)، صحيفة المؤتمر (لندن).

- له العديد من المؤلفات المطبوعة والمخطوطة منها: المسلكية الاخلاقية في العمل الحزبي، نظم القصيد في مرآة السنّة النبوية (رسالة دبلوم)، دائرة المعارف الحسينية للكرباسي، مشروعية العمل الحزبي في الاسلام (رسالة ليسانس), مؤمن الطاق .. طائر لا يُقص، التعددية السياسية والحرية في الاسلام (رسالة ماجستير).

شبكة النبأ المعلوماتية - الجمعة 23/4/2004 - 3/ ربيع الأول/1425