على الرغم من العنف المتصاعد في العراق إلا أن
المحتلين بقيادة الولايات المتحدة يصرون على أن التحول إلى الديمقراطية
الذي يخططون له هو أفضل ما شهدته البلاد منذ عقود.
ويأملون أن تسهم حملة اعلانية بتكلفة 5.8 مليون
دولار في المساعدة في اقناع العراقيين بصحة رأيهم مع بقاء أقل من ثلاثة
أشهر قبل انتقال السلطة.
ومن المقرر أن تسلم سلطة الاحتلال التي تقودها
الولايات المتحدة السيادة لحكومة عراقية يوم 30 يونيو حزيران المقبل في
بداية عملية تستمر 18 شهرا من المقرر أن تنتهي باجراء انتخابات
ديمقراطية.
وتصاعدت حدة المقاومة للاحتلال وتقاتل قوات
الاحتلال مقاتلين من الشيعة والسنة في معارك متفرقة في وسط وجنوب
العراق أسفرت عن سقوط أكثر من 200 قتيل منذ يوم الأحد الماضي.
ويصر الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة على
أن المقاومة لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من العراقيين. ويقول الجيش إنه
سيسحق المقاومة وتأمل السلطة المدنية في أن تسهم حملة الاعلانات في
توجيه رسالة مفادها ان نقل السلطة السياسية سيتم في موعده المقرر.
وقال دان سينور المتحدث الامريكي الرئيسي في
العراق يوم الاربعاء "العمليات تستهدف نسبة ضئيلة من الشعب العراقي."
وأضاف "إنهم يمثلون أفرادا ومنظمات لها رؤية
مختلفة بشكل أساسي عن رؤيتنا والرؤية التي نتصور أنها لدى غالبية
العراقيين عن مستقبل العراق."
وسيبدأ هذا الشهر بث الاعلانات التي تهدف في جزء
منها إلى اطلاع العراقيين على كيف سيتم نقل السلطة لكنها تهدف في
الاساس إلى كسب قلوب العراقيين وإشاعة شعور بالكرامة الوطنية واثارة
حماس الشعب.
وقال المارا بلك من مكتب الاتصالات الاستراتيجية
التابع لسلطة التحالف المؤقتة في العراق "يمكننا الاستمرار في الارشاد
والتوعية... لكننا الآن نحتاج لتشجيع (احساس) العراقيين بالكرامة
الوطنية لإثارة حماسهم على المشاركة."
وتابع "لدينا بالفعل صور ومنشورات وبيانات صحفية
لكن هذه الاساليب تنقل المعلومات فقط. هناك عنصر آخر.. يتعين اثارة
المشاعر."
وهذه الحملة الجديدة التي مازالت تفاصيلها محاطة
بالسرية ليست الأولى التي تقوم بها سلطة التحالف. فلوحات الاعلانات في
مختلف ارجاء العراق تظهر الوجوه الباسمة لقوات الأمن الجديدة أو تحمل
شعارات مثل "كلنا نشارك في العراق الجديد."
وتوزع القوات الامريكية كذلك منشورات توعية
وتدير السلطة الأمريكية ورش عمل للديمقراطية وتنشر دعايتها في الصحف
والمحطات الاذاعية التي تمولها.
وتأمل سلطة التحالف أن تتمكن عن طريق تشغيل
محترفين وبث الاعلانات على المحطات الفضائية العربية التي يشاهدها
غالبية العراقيين ويثقون فيها من الوصول إلى عدد أكبر من المشاهدين
سواء في العراق أو في العالم العربي بأسره.
ومنح عقد الحملة الاعلانية لمجموعة شركات تضم بل
بوتينجر كوميونيكيشنز ومقرها لندن وبيتس بان جالف التابعة لمجموعة
دبليو.بي.بي وبالوتش اند رو ومقرها بغداد.
وقال مارك ترنبول من شركة بل بوتينجر إن الهدف
هو حمل الناس على الاعتقاد بأن الديمقراطية قادمة بالفعل. ويتعين أن
توجه الرسالة كذلك بشكل بعيد عن الدعاية الامريكية المباشرة.
وقال في مقر سلطة التحالف في بغداد "بالطبع هناك
شكوك عميقة في دوافع وشرعية سلطة التحالف المؤقتة ومجلس الحكم (الذي
عينه الامريكيون)."
وأضاف "الأمر لا يتعلق بتلفيق الروايات بل
برواية قصة يصدقها الناس ونشرها وهي أنه سيأتي يوم لأول مرة في تاريخ
هذا البلد يمكن فيه للناس الخروج والادلاء بأصواتهم وأن يكون لهم رأي
مسموع."
ولم يخطيء ترنبول عندما قال إن شكوكا عميقة تسود
الشارع العراقي. فالعراقيون الذين أهانهم الاحتلال وأفزعتهم القنابل
والعنف الذي لم يهدأ منذ اندلاع الحرب والذين اعتادوا على حكومة لا
تستمع إليهم متشككون بدرجة كبيرة.
والعنف الدائر الآن في أغلب ارجاء البلاد قد
يمثل أقوى أشكال المقاومة لكن العديد من العراقيين لا يثقون بدرجة
كبيرة في الخطط الامريكية لمستقبلهم.
فالكثيرون لم يقرأوا الدستور ولا يثقون في مجلس
الحكم الذي أقره. والبعض لا علم له بالموعد المقرر لتسليم السلطة في 30
يونيو وآخرون لا يشعرون أنهم طرف في القرارات السياسية التي تتخذ نيابة
عنهم.
حتى المتابعون للسياسة بدرجة أكبر يتشككون في
صدق نية الولايات المتحدة في تسليم السلطة.
قال الصراف ثروت خليل "حتى إذا طبق الدستور فانه
لن يطبق بشكل سليم... إنه دستور يأتي من الخارج. به بعض الجوانب
الايجابية لكنه وضع لخدمة الامريكيين."
وأضاف "لن يتغير شيء بعد 30 يونيو الأوضاع ساءت
بالفعل عما كانت عليه من قبل. الاحتلال لن ينتهي سيبقون هنا بعد خمس
سنوات."
ولدى العراقيين مخاوف كثيرة. فهم قلقون من أن
تؤدي الفيدرالية إلى تقسيم البلاد ومن الا تترك القوات الامريكية
البلاد ومن أن تحدث فوضى إذا خرجت القوات الامريكية. والشيعة يريدون أن
يعكس تمثيلهم في الحياة السياسية وضعهم كأغلبية سكان البلاد وتخشى
الاقليات من التهميش.
وتدعو الاحتجاجات إلى إجراء انتخابات وانهاء
الاحتلال ووضع أمني أفضل. والناس سعداء بحقهم في التعبير عن أنفسهم وهو
ما يشكل في حد ذاته بادرة على الديمقراطية التي يجري العمل على اقرارها
في العراق لكنهم مازالوا يشككون في قدرة الناخبين.
وتأمل حملة الاعلانات التي ستبث باللغتين
العربية والكردية وتدعم بمنشورات وبيانات اذاعية في اقناع العراقيين
بأن الاوضاع يمكن أن تتغير.
وقال ترنبول "مهمتنا هي محاولة اقناع (العراقيين)
بأن ما سيحدث في هذه الانتخابات هو أهم شيء في تاريخ هذا البلد وأن لا
شيء سيحدث دون مشاركتهم."
وتابع "هذه الحملة تتعلق في جزء منها بشرح
العملية لكنها تتعلق بدرجة أكبر باشراك الناس فيها. نحتاج لحمل الناس
على المشاركة والاخذ بزمام مستقبلهم بأيديهم."
المصدر: (رويترز) |