بين الاحتلال والتحرير، تباينت مواقف العراقيين
أزاء ما أنجزته الولايات المتحدة الاميركية في العراق، في التاسع من
نيسان من العام المنصرم، عندما نجحت في إسقاط نظام الطاغية الذليل صدام
حسين الاستبدادي الشمولي .
ترى، أهو إحتلال أم تحرير ؟ .
قبل الإجابة على السؤال، أرى أن من المفيد أن
أذكر هنا حقيقة في غاية الأهمية، وهي ؛ أن
البعض يعتبر أن لواشنطن كامل المنة على الشعب العراقي، لأنها هي التي
خلصتهم من نظام المقابر الجماعية، وان العراقيين سيظلون مدينين
للاميركيين، لا زالوا ينعمون بالحرية في ظل غياب النظام الشمولي البائد،
إذ لولاها لما سقط النظام، ولما تخلص العراقيون من شروره، ولظلت
المقابر الجماعية في ازدياد مضطرد إلى ما شاء الله، من الزمن القادم .
شخصيا، لا أميل إلى هذا التفسير جملة وتفصيلا،
إذ أعتقد بأن أميركا اتخذت قرار إسقاط النظام، للتكفير عن بعض الذنوب
والخطايا، بل والجرائم، التي ارتكبتها بحق العراقيين، فهي التي صنعت
هذا النظام نهاية الستينيات من القرن الماضي، وهي التي أمدته بكل أسباب
الحياة والاستمرار والصمود بوجه العراقيين على مدى (35) عاما عجاف، إذ
ظلت، حتى السنوات الأخيرة من عمره، تقدم له الكشوفات السرية، بأسماء
وعناوين قادة التحركات المناهضة له والتواريخ المحتملة لتنفيذها، والتي
كانت تستهدف إسقاطه، وتغيير الأوضاع في العراق، بجهد عراقي وطني بحت .
كما أنها تعتبر السبب الحقيقي والمباشر، الذي
يقف وراء المقابر الجماعية التي امتلأت بها أرض العراق من أقصاه إلى
أدناه، بعدما حنث الرئيس الاميركي جورج بوش الأب بوعده للعراقيين
بمساعدتهم على التخلص من النظام، وانه سيمنعه من قمعهم إذا ما ثاروا
ضده، وذلك بعيد حرب تحرير الكويت، وانه سوف لن يتخلى عنهم مهما كانت
الظروف، ولما تبين له، ولعدد من الأنظمة العربية، أن الرياح تجري بما
لا تشتهي السفن، أوعز للنظام بان يستخدم كل ما يملك من أنواع الأسلحة
الثقيلة والخفيفة لقمع المنتفضين في (15) محافظة من اصل (18) هي مجموع
المحافظات العراقية، عندما أعطى الضوء الأخضر لقادة فيالق قوات الحرس
الجمهوري، التي حافظت عليها أميركا من انفراط عقدها أو التدمير في حرب
الكويت، لساعة العسرة، لدرجة أن وزير الدفاع العراقي آنئذ (سلطان هاشم)
فتح فاه مندهشا، وهو يصغ إلى قرار القائد الاميركي شوارزكوف بالسماح له
باستخدام الطائرات السمتية ضد الانتفاضة، والتي كانت محرمة على النظام
استخدامها .
كما أن أميركا هي المسؤولة المباشرة عن جريمة
النظام في حلبجة، والتي راح ضحيتها (5) آلاف شهيد وأكثر من (150) ألف
جريح ومشوه ومعاق ومشرد ترك أرضه التي ماتت فيها الحياة بسبب إستخدام
النظام للسلاح الكيمياوي، تلك الجريمة التي ظلت تتستر عليها واشنطن
سنين طويلة قبل أن تأذن للإعلام بالحديث عنها وتحميل النظام مسؤوليتها
.
وهي المسؤولة، قبل ذلك، عن ضحايا حروب النظام ضد
شعبنا الكردي والانتكاسة التي أصيبت بها حركة التحرر الكردية عام
(1975) والتي راح ضحيتها الآلاف من الضحايا والمشردين .
وهي المسؤولة عن حرب النظام ضد الجارة الشرقية
إيران طوال (8) سنوات، كان ضحيتها مليون قتيل ومعوق، بالإضافة إلى
المرض المزمن الذي أصيبت به ميزانية العراق، والذي لا زالت تئن تحت
وطئته حتى الآن والى ما شاء الله .
وهي ... وهي ... وهي ...
إن أميركا هي التي صنعت النظام البائد، وهي التي
أسندته بكل السبل، وهي التي أسقطته في نهاية المطاف، مثله في ذلك، مثل
كل تجاربها مع الأنظمة الاستبدادية والشمولية التي تصنعها وتدعمها، ومن
ثم تغيرها متى ما انتهت مصالحها معها، أو تكشفت عوراتها بشكل لا يسمح
التغطية على جرائمها .
فليس لأميركا منة، إذن، على العراقيين، وان
الشعب العراقي لا يرى أن في رقبته أي دين يلزمه أن يؤديه لواشنطن في
يوم من الأيام، بل على العكس، أرى أن الولايات المتحدة الاميركية ستظل
مدينة للعراقيين، كما أنها ستظل خجلة مطأطئة الرأس أمام دماء الأبرياء
وأنين الثكالى وعويل الأيتام الذين ذبحهم النظام البائد بسكينها، أو
خنقهم أحياء في المقابر الجماعية أو بالسلاح الكيمياوي الذي أهدته إليه
طوال العقود التي سبقت أزمة الكويت .
ولا أريد هنا، أن أتحدث عن دوافع واشنطن في
قرارها إسقاط نظام صدام حسين، طبعا ليس من بينها، بالتأكيد، عطفها على
العراقيين، أو لسواد عيونهم، أو إحساسها بالذنب إزاء ما اقترفت من
جرائم بحقهم، فما هو معروف، أن المستكبر لا يحن على المستضعف، والشبعان
لا يتحسس آلام الجياع، وان القصاب لا يصغ إلى صراخ ضحاياه، وان المذنب
(المنتصر) لا يفكر بالاعتذار من أحد أو يطلب العفو أو المغفرة من أحد،
طرفة عين أبدا، فمثله كمثل فرعون الذي ظل ينصب العداء لنبي الله موسى
(ع) ويكفر بربه عز وجل، حتى إذا أدركه الغرق قال : (آمنت انه لا اله
إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين) ولذلك جاءه الجواب من
السماء بقوله عز وجل: (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ؟) .
نقطة هامة أخرى، أود الإشارة إليها هنا وهي ؛ أن
واشنطن سعت طوال عمر النظام البائد إلى الإمساك بخيوط التغيير المحتمل
في بغداد من تلابيبها، للحيلولة دون نجاح أية عملية تغيير محتملة بعيدا
عن السيطرة ولو عن بعد، بدءا من قصة الانقلاب العسكري المعروفة نهايات
العام (1969) عندما أوعزت ألـ (سي آي أي) إلى جهاز المخابرات السرية
الإيراني (السافاك) تسليم قائمة الانقلابيين الذين حاولوا تغيير النظام
بمساعدته، إلى شخص الطاغية صداد حسين الذي كان آنئذ مسؤول ما يسمى بـ (مكتب
العلاقات العامة) في القصر الجمهوري (جهاز المخابرات فيما بعد)،
وانتهاءا بالكشوفات التي قدمتها إلى الطاغية في العام (1996) عندما
حاول عدد من كبار ضباط الجيش العراقي، وبالتعاون مع عدد من قادة حركة
المعارضة العراقية آنئذ، الاعتماد على واشنطن لتنفيذ خطة انقلاب عسكري
تغير الأوضاع، وتضح حدا لاحتمالات الحرب والغزو والاحتلال، تلك الخطة
التي تبين أنها كانت (استدراجية) وقع المخططون في شباكها، بعد أن تبين
للاميركان بان ليس من المصلحة تنفيذ مثل هذه الخطة في الوقت الحاضر .
إن كل المعلومات الخاصة والموثقة تدل على أن
واشنطن أجهضت كل المحاولات الوطنية التي رمت إلى تغيير النظام في
العراق، ليس فقط رغبة في استمرار النظام لحين حلول موعد قطافه حسب
الرؤية والمصلحة الاميركية، في محاولة منها لتدجين الشعب العراقي وقواه
الوطنية، من جانب، والاستمرار في ابتزاز دول المنطقة (الخليجية منها
على وجه التحديد)، من جانب آخر، فحسب، وإنما كذلك للاحتفاظ بأوراق
اللعبة بيدها بالكامل، لتتصرف كيف تشاء، ومتى تشاء، وبالطريقة التي
تشاءها هي دون غيرها، لحين أنها اختارت طريقة الغزو العسكري والاحتلال،
بعد أن أوحت للمغفلين، وكأنها الطريقة الوحيدة الممكنة لإنقاذ الشعب
العراقي من مخالب النظام الديكتاتوري، ولا سبيل لإسقاطه سوى الاحتلال .
نعود إلى السؤال، أهو تحرير أم إحتلال ؟ .
برأيي الشخصي، فانا أعتبر أن يوم التاسع من
نيسان عام (2003)، يوم للتحرير، لم تسقط فيه بغداد، وإنما سقط فيه
النظام الشمولي .
هذا من جانب، ومن جانب آخر، إنه يوم احتلال
العراق، طبعا بغض النظر ــ كما قلت آنفا ــ عن الدوافع والأسباب أو أي
شئ آخر .
انه يوم التحرير، إذ بسقوط الصنم، انعتق
العراقيون من ربقة نظام استبدادي ديكتاتوري، هو الأسوأ من بين كل
الأنظمة الشمولية في العالم، إذ كان يجب أن يتم وضع حد له مهما كان
الثمن، وللأسف الشديد .
فلأول مرة بعد (35) عاما، استطاع العراقيون أن
يشموا نسيم الحرية، ويجدوا أنفسهم، ويتحسسوا شخصيتهم، ويتمكنوا من
السؤال عن ضحاياهم والبحث عن رفاتهم وقبورهم، بالرغم من أن الثمن كان
غاليا جدا، إذ لا احد كان يتمنى، قيد أنملة، أن يسقط النظام بهذه
الطريقة ويتم تدمير البنى التحتية للدولة العراقية وينهار كل شئ، ولذلك
فعل العراقيون المستحيل من اجل إسقاط النظام على أيديهم وبجهد وطني
داخلي، إلا أن الإسناد الدولي، والاميركي على وجه
التحديد، والدعم العربي اللامحدود الذي ظل
يتلقاه النظام حتى آخر لحظة من عمره، بالإضافة إلى أسباب عديدة، هي
التي حالت دون تحقيق هدف إسقاط النظام بإرادة عراقية بحتة .
لم يكن أحد يرغب بالغزو العسكري والاحتلال
كطريقة لتغيير النظام في بغداد، سوى النظام البائد والاميركان، كل
لحاجة في نفس يعقوب أراد قضاها .
واليوم، وبعد مرور عام على سقوط النظام الشمولي،
ما الذي يلوح في الأفق ؟ بالاعتماد على قراءة دقيقة ومتأنية، لخريطة
الواقع العراقي، خلال العام المنصرم ؟ .
لا شك أن العراقيين تحملوا كل شئ حتى الآن في
سبيل استبدال النظام الشمولي بآخر وطنيا وديمقراطيا يحترم الإنسان
ويمنح المواطن كامل حقوقه .
إلا أن تمرير واشنطن لقانون إدارة الدولة
العراقية الذي وقعه مجلسها في (8 آذار) الماضي في بغداد، أصاب
العراقيين بالإحباط الشديد .
إنهم تلقوه بمثابة الإعلان الرسمي الاميركي عن
حقيقة نواياها والأهداف التي رسمتها من جراء احتلال العراق، وانه
إعلانا رسميا عن موت الديمقراطية في رحم الأم .
كما أنه بمثابة تتويج لكل الأخطاء الاستراتيجية
التي ارتكبتها سلطة التحالف في بغداد، منذ التاسع من نيسان من العام
المنصرم، تلك الأخطاء التي ظن البعض أنها لم تكن متعمدة أو مقصودة،
فلقد كشفت واشنطن عن نواياها السيئة إزاء العراق والعراقيين، وبذلك
تكون قد فقدت، مع سبق الإصرار والترصد كما يقولون، ثقة آخر عراقي
بديمقراطيتها المزعومة عندما قالت أنها ذاهبة إلى بغداد لإسقاط
الديكتاتورية ومساعدة العراقيين على إقامة النظام الديمقراطي .
لقد زرع الاميركيون ريحا سوداء في العراق، سوف
يحصدون عاصفتها، إن عاجلا أم آجلا، وإذا كانت الريح التي زرعتها واشنطن
في أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي بصناعتها ودعمها للمدعو
بن لادن وتنظيمه الإرهابي الموسوم بـ (القاعدة)، حصدتها عاصفة هوجاء في
(11 سبتمبر) عام (2001) في نيويورك، فإنها ستحصد الريح العراقية، عاصفة
من نوع آخر ستدمر ما بقي من سمعتها وصدقيتها ومصالحها في العالم العربي
والإسلامي، بل وفي العالم أجمع .
لقد تمنى العراقيون أن يفي الاميركان ببعض
وعودهم للشعوب، ولو لمرة واحدة، ليصدقوا بادعائهم العمل على إقامة نظام
ديمقراطي في العراق يكون نموذجا لشعوب المنطقة والعالم العربي
والإسلامي ــ هكذا يقولون ــ إلا أن تمريرهم للقانون مع قدرتهم على
التأثير عليه، لما يتمتع به السيد بول بريمر من حق النقض (الفيتو) لكل
ما لا يروق لإدارته، كما فعل مع القرار (137) مثلا أو كما فعل بلائحة
وكلاء الوزارات العراقية التي ألغاها من دون نقاش، أو غيرها الكثير،
والذي توج الكم الهائل من الأخطاء التي ارتكبوها، دليل قاطع على أنهم
لا يريدون مساعدة، لا العراقيين ولا غيرهم على استبدال الأنظمة
الديكتاتورية بأخرى ديمقراطية، أو في أحسن الفروض أنهم ندموا على
التصريح بما ذهبوا من أجله إلى العراق، فلا هم عثروا على أسلحة الدمار
الشامل، والتي كانت حجتهم أمام العالم والمجتمع الدولي لشن الحرب، ولا
هم ينوون الآن إقامة الديمقراطية، والتي كانت حجتهم لإقناع العراقيين
على الصبر على ثمن الاحتلال واستحقاقاته .
فبعد عام من سقوط النظام الشمولي، لا زالت ملفات
الأمن والاقتصاد المنهار وانعدام فرص العمل بالمطلق تقريبا والتعليم
والخدمات الأساسية والفساد الإداري والمالي وغيرها الكثير، هي الشغل
الشاغل للمواطن العراقي .
لقد نجحت واشنطن في إسقاط صنيعتها النظام
الشمولي، إلا أنها فشلت في تحقيق كل الأمور المعلنة الأخرى، وبقيت
الديمقراطية موالا يغنيه الاميركيون على الأطلال في العراق، من دون أن
يرى العراقيون أي نور حتى الآن في نهاية النفق .
حتى ابسط قواعد الديمقراطية تجاوزت عليها واشنطن،
بإسكاتها للصوت الإعلامي الوطني والمعتدل في بغداد عندما أصدر رئيس
سلطة التحالف السيد بريمر الأسبوع الفائت، قرارا يقضي بإغلاق صحيفة
تيار الصدر المتعاضم لمدة شهرين، بحجة أنها تحرض على العنف، ما يعني أن
النموذج الديمقراطي الذي تريده للعراق، هو الذي يجب أن نسمع منه صوتا
واحدا ورأيا فريدا هو الذي يجامل الاحتلال على حساب الثوابت الوطنية،
أما الرأي الآخر فممنوع ومقموع في ظل هذا النموذج الديمقراطي الاميركي
المشوه، ناسيا بريمر أو متناسيا انه رفض التوقيع، قبل ذلك بمدة، على
قرار مجلس الحكم الانتقالي الذي قضى بإغلاق مكاتب إحدى الفضائيات
العربية التي تحرض على العنف والإرهاب في بغداد، وقد كانت حجته أن
القرار يتعارض ومبادئ حرية وسائل الإعلام في العمل الصحفي .
فبعد أن أسقط نموذجها المرتقب، صندوق الاقتراع
وأفرغ الانتخابات من محتواها الحقيقي وألغى مبدأ الأغلبية والأقلية
التي يفرزها صندوق الاقتراع على قاعدة (صوت واحد، لمواطن واحد) وترك
الأكثرية تئن تحت رحمة الأقلية، جاءت اليوم لتعتدي على حرمة حرية
الصحافة ما يعني بداية، إلغاء السلطة الرابعة مع إقرارها بأهميتها
الحيوية في بناء المجتمع المدني وتشييد دعائم النظام الديمقراطي .
إن فشل الديمقراطية في العراق، سيصيب صدقية
الولايات المتحدة الاميركية بالصميم، كما انه سيكون سببا مباشرا لدعم
الإرهاب والأنظمة الشمولية الاستبدادية التي ستشمت بأصدقائها، كما انه
سيشجع العنف والتطرف في العراق على وجه التحديد، لأن من يشعر بالغبن
بعد كل هذه المآسي التي تحملها طوال حكم النظام البائد، وعلى مدى عام
من الاحتلال وما رافقه ويرافقه من تحديات جسام، سوف لن يسكت أبدا وهو
يرى أن كل صور التضحيات والمقابر الجماعية وقتل العلماء والفقهاء
والمرجعيات الدينية، وإبعاد اوتشريد أكثر من أربعة ملايين عراقي منذ (4
نيسان عام 1980) في إطار حملة التهجير القسري التي تعرض لها العراقيون
وعلى وجه التحديد الكرد الفيلية، لم تنجح في انتزاع حق من حقوقه،
فلماذا السكوت إذن ؟ .
إن أمام إدارة الرئيس بوش مدة ثلاثة اشهر فقط
لتصحيح مسار العملية الديمقراطية في العراق، والتي انحرفت عن مسارها
يوم (8 آذار) المنصرم، وذلك من خلال المساعدة في تصحيح قانون إدارة
الدولة العراقية، والذي سيخدع نفسه من يتصور أنه مؤقتا .
إنه حجر الزاوية، التي ستشاد عليه كل الخطوات
القادمة للعملية السياسية برمتها، ولذلك جاء مفصلا وشاملا لكل الجزئيات
السياسية .
إن واشنطن ليست بحاجة إلى تشكيل لجان ما أسمته
بتصحيح صورة أميركا لدى العرب والمسلمين، كما أنها ليست بحاجة إلى صرف
الملايين لصناعة الإعلام الموجه لتحقيق هذا الغرض، إذا كانت خطواتها
العملية على الأرض خاطئة وغير صحيحة، أو كاذبة ومخادعة ومراوغة .
إن بامكانها أن تصحح الصورة بثمن اقل إذا نجحت
بالفعل في مساعدة العراقيين على إقامة الديمقراطية، أما إذا انقلبت على
شعاراتها وعادت تعتمد على الأقلية، مهما كان نوعها، في تمشية خططها في
العراق، كما كان ديدنها دائما طوال العقود الماضية سواء في العراق أو
في غيره، فإنها ستستعدي الأكثرية والأقلية على حد سواء، وعندها فسوف لن
تنفعها لا الملايين التي تصرفها على الإعلام الموجه، ولا كل اللجان
التي شكلتها لغرض تحسين الصورة، لان الناس ينظرون إلى أفعالها ولا
يصغون إلى أقوالها .
لقد قال رئيس الوزراء البريطاني تشرشل ذات مرة،
إن بريطانيا ليست بحاجة إلى أعداء عندما يكون لها صديق كفرنسا، فهل
ستضطر واشنطن العراقيين إلى القول بأنهم ليسوا بحاجة إلى أعداء عندما
تكون الولايات المتحدة الاميركية صديقتهم ؟ .
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM |