أجرى مراسل موقع النبأ، حوارا هاتفياً
مع نزار حيدر مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، وسأله عن رأيه
بقانون الدولة العراقية الذي وقعه الأسبوع الفائت أعضاء مجلس الحكم
الانتقالي في العراق.
في البدء سأله ما إذا كان القانون يمثل الطموح
الديمقراطي الذي كان يتوق إليه الشعب العراقي؟، وهل يمثل خطوة صحيحة
لمسيرة الإصلاح الديمقراطي التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية في
العراق الجديد؟ .
أجاب نزار حيدر :
إن القانون يتناقض حتى مع نموذج مبادئ
الديمقراطية المنصوص عليها في وثيقة الحقوق الاميركية، كما أنها تتعارض
مع ابسط قيم الديمقراطية في العالم .
وأضاف :
إذا كانت الديمقراطية تعني حكم الأغلبية ــ أية
أغلبية ــ التي يفرزها صندوق الاقتراع على قاعدة (صوت واحد، لمواطن
واحد)، فان النصوص التي وردت في الباب الأول (المبادئ الأساسية) المادة
الثالثة الفقرة (أ)، والباب الخامس (السلطة التنفيذية الانتقالية)
المادة (36) البند(ج)، والباب التاسع (المرحلة ما بعد الانتقالية)
المادة (61) البند (ج)، كلا على انفراد، أو مجتمعة، والتي تتحدث عن حق
النقض (الفيتو) للأقلية ــ أية أقلية ــ، تفرغ الديمقراطية من محتواها
الحقيقي، وتضع الأغلبية تحت رحمة الأقلية، كما أنها :
أولاً ــ ألغت صندوق
الاقتراع .
ثانياً ــ شرعنت
الطائفية (المذهبية أو العرقية، لا فرق) .
ثالثاً ــ كرست مبدأ
التوافق، فألغت بذلك حق الأغلبية ـ أية أغلبية ـ التي سيفرزها صندوق
الاقتراع، في التمتع بحقوقها السياسية، على وجه التحديد .
رابعاً ــ عرقلة
إمكانية سن دستور جديد دائم للبلاد .
خامساً ــ كبل المجلس
غير المنتخب، المجلس الوطني الذي سينتخبه العراقيون.
بحسب نصوص القانون، ما يعني أن اللاشرعية حددت
سقف الشرعية، حتى قبل تأسيسها .
سادسا ــ أفرغت الرأي العام من محتواه الحقيقي،
وجوهر رسالته الحقيقية .
إن كل ذلك، وأكثر، ينسف كل الجهود المبذولة
لإقامة النظام الديمقراطي في العراق الجديد، لأن التوافق ضد
الديمقراطية، وأن إلغاء صندوق الاقتراع، يتعارض مع أبسط قواعد اللعبة
الديمقراطية، بصفته أول وأهم مصاديق العملية الديمقراطية، على الإطلاق
.
عن الأخطار التي يؤسس لها هذا القانون، قال نزار
حيدر:
إن هذه النصوص الواردة أعلاه، وغيرها، تؤسس
لتقسيم العراق ــ جغرافيا وعرقيا ومذهبيا ــ، كما تدفع باتجاه إشعال
حرب أهلية خطيرة، ينبغي أن لا نغفل عن خطورتها بأي شكل من الأشكال .
عن المسؤول عن تمرير هذه الوثيقة، قال نزار حيدر
:
إن الولايات المتحدة الاميركية، إذ تتحمل كامل
المسؤولية القانونية إزاء تمرير هذا القانون المشوه، يستغرب العراقيون
كيف أمكن تمريره وبهذه العجالة التي تنم عن غفلة أو تجاهل للأمور، في
الوقت الذي تقول فيه أنها تسعى لمساعدة شعوب العالم العربي على إقامة
الديمقراطية في بلدانها، مع افتقار القانون إلى ابسط مستويات أسس
الديمقراطية الحديثة .
كذلك فان مجلس الحكم الانتقالي يتحمل كامل
المسؤولية الوطنية والأخلاقية بقبوله تمرير القانون، من دون استشارة
العراقيين، فكيف يا ترى أجاز لنفسه أن يصادق على وثيقة، هي من أخطر
الوثائق في كل بلدان العالم وأهمها على الإطلاق، يحدد فيها مسار أجيال
متعاقبة من العراقيين، ومن دون أي تفويض أو تمثيل شرعي حقيقي، أو حتى
عودة إلى الشعب العراقي، المعني الأول والأخير بها؟
عن الوسائل والطرق التي من الممكن أن يسلكها
العراقيون لإسقاط النصوص الخطيرة في القانون ؟ قال نزار حيدر :
على العراقيين أن يسكوا كل الطرق لإسقاطها، ولقد
بادر عدد من العراقيين هنا في العاصمة الاميركية واشنطن، إلى تشكيل
مجموعة عمل تضم اختصاصات علمية وسياسية وأكاديمية مختلفة، ومن كل شرائح
المجتمع العراقي، تبنت على عاتقها العمل الدؤوب والسريع للعمل مع كل
المعنيين بهذه الوثيقة، لتعديل نصوصها الخطيرة، قبل نهاية تاريخ
الاستحقاق في الثلاثين من حزيران القادم، وهو موعد تسليم السلطة
والسيادة للعراقيين، آخذين بنظر الاعتبار، تحفظات واعتراضات العراقيين،
وبمختلف شرائحهم ومؤسساتهم، لتفادي حدوث أزمات مستقبلية جديدة، تعرقل
سير العملية السياسية في العراق الجديد، برمتها .
نزار حيدر: من مواليد محافظة كربلاء المقدسة،
عام 1959 م.
انتمى إلى صفوف الحركة الإسلامية المجاهدة في
العراق عام 1972 م، ومنذ ذلك الحين واصل معارضته لنظام صدام حسين
الشمولي، حتى سقوطه عام (2003 م) .
رأس تحرير جريدة (العمل الإسلامي) الناطقة باسم
المنظمة في الفترة (1982-1989) كما أن له مساهمات إعلامية وثقافية
وفكرية في العديد من وسائل الإعلام العربية وخاصة صحف المعارضة
العراقية. ساهم في انتفاضة شعبان (آذار) عام 1990 م .
يتميز بعلاقات وطيدة مع مختلف قادة وفصائل
وشخصيات الحركات والأحزاب السياسية العراقية، بالإضافة إلى علاقاته
الوثيقة مع المرجعيات الدينية والشخصيات الاجتماعية والثقافية والفكرية
.
عاد إلى العراق في الأول من نيسان عام (2003 م)،
بعد هجرة قسرية دامت حوالي خمسة وعشرين عاما .
له مقالة أسبوعية في الشأن العراقي، تنشرها
العديد من الصحف اليومية، المطبوعة والالكترونية، منها، صحف الشرق
الأوسط والنهار والسياسة وإيلاف والنبأ، بالإضافة إلى العديد من الصحف
اليومية الصادرة في العاصمة بغداد .
يدير حالياً في
العاصمة واشنطن ـ مركز الإعلام العراقي ـ وهو مؤسسة إعلامية مستقلة . |