(حينما تتعدد كفاءات الإنسان وعطاءاته النوعية
والمتميزة يصعب على الآخرين تنميطه واختزاله في قوالب جاهزة، حيث أن
هذا الإنسان بعلمه وإبداعه المتواصل، يتمكن من كسر كل الحلقات والجهود
والمحاولات التي تتجه إلى غرسه في بيئة واحدة لا يتعداها، وكسر محاولات
التنميط ليس يافطة ترفع أو شعار تلوكه الألسن، بل هو جهود متواصلة
وعطاءات كبرى، تتجاوز كل الحواجز، وتتواصل بعمق مع كل الاهتمامات
والآمال)
من تقديم الشيخ محمد محفوظ
نقرأ في (مقدمة المؤلف) هذه السطور:
بديهي أن يتأثر الفرد منا بما تلقنه وتربى عليه،
ممن يرى فيهم المثل الأعلى في الحياة، ونحن بلا ريب، قد نهلنا الكثير
من الرؤى والأفكار والمواقف والسلوكيات، التي ربانا عليها المرجع
الكبير الإمام الشيرازي (قدس سره) لذا نظل بحاجة ماسة لنشر أفكاره
ونظرياته ورؤاه، التي اقتبسها من هدي القرآن الكريم، وتعاليم وسيرة
الرسول الأكرم وأهل بيته (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ونقرأ في الفصل الأول – الكتاب في المشروع
النهضوي للإمام الشيرازي – هذه الإشارات:
وقد لا نعدو الحقيقة لو قلنا بأن الإمام
الشيرازي هو نابغة الدهر ونادرة التأليف، بل هو سلطان المؤلفين، كما
وصفه بذلك الدكتور أسعد علي، فقد تجاوزت مؤلفاته الألف إصدار، بين
موسوعة وكتاب وكتيب وكراس، فسماحته لا يفتأ عن مسك القلم ليكتب ما فيه
خير وصلاح لهذه الأمة، وقد (لا نخطى إذا قلنا أن الهدف الذي نستنبطه من
كتابات الإمام الشيرازي يكاد لا يتجاوز تحقيق سعادة الناس، ووحدة
المجتمع الإسلامي، ولكنه ويعطي لمفهوم سعادة الإنسان بعداً أخروياً، أي
أن الهدف هو رضوان الله جل وعلا).
ثم نقرأ تحت العنوان الفرعي (المسلمون والكتاب)
من ذات الفصل الآنف هذه التعابير:
لو نظرنا لأمتنا الإسلامية لعرفنا السر في كونها
أمة ميتة، وما ذلك إلا لأنها أمة نبذت الكتاب وراء ظهرها، واشترت به
ثمناً قليلاً، فبئس ما تشتري. فقد (ضعفت علاقة المسلمين بالكتاب بالرغم
مما له من تأثير في تطوير اللغة ونشر المعارف والعلوم وبالرغم من أنه
أهم وسيلة لتثقيف وتوعية الأمة، وهو الوسيلة الوحيدة التي تمتلكها
الأمة، بينما سائر الوسائل التثقيفية بيد الحكومات).
إن المسلمين – اليوم – في فقر مدقع من جهة
الإعلام والنشر والتأليف بينما الفئات المضادة للإسلام أخذت بهذه
الأزمة فخنقت الإسلام حتى في وطنه وبين أهله، ولذا نرى أن أكثر شبان
المسلمين لا يعرفون من الإسلام إلا الاسم، فالواجب تظافر الجهود
المخلصة لإنقاذهم وإنقاذ سائر المسلمين.
ومما يؤسف له أن أغلب الحكومات في بلداننا
العربية والإسلامية تخلت عن دورها المأمول، الذي يتمثل في قيامها ببث
الثقافة والعلم والكتاب، وما هي إلا محاولات منها لقتل الوعي في صفوف
الجماهير، اللهم إلا قيامها بتقديم القشور والفتات، والتي يخيل للمرء
أنها الماء الزلال، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً!!
فماذا يشاهد المواطن العربي والمسلم غير المنع
والكبت وتكميم الأفواه؟ ومصادرة الكتب والأفكار؟ وزج مؤلف الكتاب
وحامله في مقر السجون والمعتقلات؟ إن لم يصل الأمر لدرجة الإعدام
والاغتيالات!! ومما يحز في النفس ويبعث على الأسى أن يجابه المواطن
العربي في بعض حدود بلداننا العربية، بكلمة مفادها: إن الكتاب أخطر من
المخدرات، من قبل مسؤول في الجمارك، انغمس في الجهل إلى أن ملأه من
رأسه حتى أخمص قدميه، وهو لا يكاد يحسن قراءة عنوان كتاب!!
فالكتاب بعد لم يرق عندنا إلى منزلة الرغيف فنحن
لا نزال نعيش حالة من التخلف الحضاري والدولة في بلداننا تتحمل مسؤولية
كبيرة تجاه هذا الوضع فالدولة التي تحرص – كما يفترض – على الارتقاء
بفكر مواطنيها من خلال ربطهم بالكتاب بإمكانها أن تلعب الدور الأكبر في
هذا الشأن فهي القادرة على استنهاض الرغبة في المطالعة لدى كافة أبناء
الشعب – إن هي أرادت ذلك – بما تمتلك من قدرات وإمكانات هائلة، لا
يمتلك المجتمع الأهلي منها إلا النذر اليسير، إضافة إلى أن معظم
المؤسسات الرسمية في أوطاننا هي بيد الدولة لا بيد الشعب.
المؤلف:
حسن آل حمادة
سمات
الكتاب: الطبعة الأولى
1424هـ - 2004م
(183) صفحة من القطع الكبير
الناشر:
دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع (بيروت – لبنان) |