رقص الايرانيون في الشوارع وأطلقوا الألعاب
النارية في السماء ليل الثلاثاء بعد ان سمحت السلطات علنا ولأول مرة
منذ 25 عاما للمواطنين بالاحتفال بمهرجان قديم للنار في الاسبوع الأخير
من العام الفارسي.
منع المهرجان منذ قيام الثورة الاسلامية في
ايران عام 1979 واعتبره المحافظون منافيا للمباديء الاسلامية لكن هذا
العام اعترفت طهران رسميا بمهرجان (الاربعاء الاحمر) وخصصت البلدية
عشرات الحدائق والمتنزهات للمحتفلين بالمهرجان الصاخب.
وتدفق عشرات الآلاف على شوارع العاصمة الايرانية
وأطلقوا الألعاب النارية في الهواء احتفالا بيوم الاربعاء الأخير من
العام الفارسي.
ويرجع الاحتفال إلى ازمنة ما قبل الاسلام في
ايران ويعتقد انه يرجع إلى التقاليد الزرادشتية وتعاليمها والتي تعطي
مكانة خاصة للنار.
ويبدأ العام الفارسي الجديد يوم 20 مارس اذار
ويتزامن مع بداية فصل الربيع.
وخلافا لما حدث العام الماضي حين سدت الشرطة
الايرانية الشوارع ونزل متشددون اسلاميون لملاحقة وضرب المحتفلين
بالمهرجان لم يكن لقوات الامن وجودا محسوسا هذا العام.
وشارك الكبير والصغير في الاستمتاع بحرية
الاحتفال الجديدة.
وقال رجل الأعمال الايراني محمود افشار بينما
اخذ أطفاله الصغار وجيرانه يتقافزون حول نار أشعلوها في غرب طهران "لقد
حاولوا منع هذا التقليد لكنه لن يمت ابدا.
"أعتقد انهم ادركوا الان انه كلما زادوا من
القيود التي يفرضونها على المجتمع كلما جاء ذلك بتأثير سلبي" مشيرا إلى
انه واسرته تعرضوا لمضايقات من الشرطة حين حاولوا المشاركة في
الاحتفالات الاعوام السابقة.
وفي تقليد لتقييد قوى الشر وتوفير فأل طيب للعام
الجديد يشعل الايرانيون النيران ويقفزن حولها وهم يقولون "اعطيني لونك
الوردي الجميل وخذي عني شحوبي."
ويعد الايرانيون في هذا الاحتفال حساء خاصا
يتقاسمونه مع الجيران والاصدقاء ويوزعون على المارة البندق والفواكه
المجففة.
وأثار قرار مجلس بلدية طهران الذي هيمن عليه
المتشددون في الانتخابات الاخيرة السماح بالاحتفال بنهاية العام
الفارسي دهشة كثيرين.
وشرح عضو في المجلس طلب عدم نشر اسمه أسباب
القرار قائلا "البعض يعارض الاحتفال بالاربعاء الاحمر على اسس دينية
لكنه تقليد راسخ لا يمكن لاحد ان يلغيه. ولذلك قررنا انه من الافضل
تخصيص بعض الاماكن للاحتفال به."
وغضب عدد من رجال الدين من القرار.
وقال اية الله لطف الله صافي جولبيجاني "الاحتفال
بالاربعاء الاحمر هو تكريس للخرافات ولا يتسق مع كرامة الامة الاسلامية
الايرانية.
"على المسلمين ان يبقوا يقظين...ويفهموا أهداف
العدو في احياء هذا التقليد الميت الذي عفا عليه الزمن."
وتوفر الاحتفالات الليلية فرصة للشبان
الايرانيين من الجنسين للاختلاط في دولة تقيده.
في أحد شوارع غرب طهران اخذ الشبان يرقصون حول
النار بينما صدحت الموسيقى من المنازل القريبة والسيارات المارة.
وشعر البعض بان سماح السلطات الايرانية
بالاحتفال بنهاية العام الفارسي هو حيلة لذر الرمال في الأعين بعد ان
فاز المتشددون في الانتخابات البرلمانية الايرانية التي جرت الشهر
الماضي وشكك الاصلاحيون المطالبون بحريات سياسية واجتماعية أكبر في
نتائجها.
وقال مهران ازادي (28 عاما) وقد سد اذنيه ليحجب
الصخب والضوضاء "انهم يريدون تشتيت انتباه الشبان حتى لا ينشغلون
بالسياسة."
من جهتها افادت مصادر طبية ان شابا في السابعة
عشرة من العمر قتل فيما اصيب حوالى مئة شخص ليل الثلاثاء الاربعاء في
طهران خلال احتفالات عيد النار الوثنية التي يسمح بها استثنائيا والتي
اصبحت كل سنة تزداد خطورة.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن مدير
مستشفى توحيد انه بين الجرحى المئة هناك اربعة في حالة خطرة.
وحسب افادات من الحاضرين فان شابا (17 عاما)
بترت ساقه من جراء متفجرات فيما اهتزت واجهات متاجر مجاورة من جراء قوة
الانفجار. ويخشى المسنون في طهران من المخاطر المتزايدة سنة بعد اخرى
لهذا العيد.
ومنذ عقود درج الايرانيون على عادة القفز فوق
النار مع ترديد عبارات شعائرية الليلة قبل اخر اربعاء من السنة التي
تنتهي 2004 في 19 اذار/مارس. ولم يخالفوا هذا التقليد مساء الثلاثاء
لكن المفرقعات وخصوصا المتفجرات التي غالبا ما تصنع يدويا تجاوزت
بحدتها ما شهده الايرانيون عام 2003.
وكانت السلطات الايرانية تلقي في كل عام القبض
على عشرات الشبان لتنظيمهم احتفالات بشكل غير رسمي بالشوارع عشية يوم "شهرشنبه
سوري" Chaharshanbeh Suri او ما يعرف باسم "الاربعاء الاحمر" وهو عيد
ايراني قديم يرجع تاريخ الاحتفال به الى قرون سابقة قبل دخول الاسلام
الى ايران.
وقوبلت الاحتفالات التي يشعل خلالها الناس
الالعاب النارية ويقفزون فوق النيران لطرد الارواح الشريرة بالرفض
التام من جانب القادة الدينيين الجدد عقب ثورة 1979 الاسلامية الذين
اعتبروا مثل تلك الاحتفالات وثنية وغير اسلامية.
ونقلت صحيفة تو سي عن قائد قوات الاطفاء في
طهران احمد ضيائي قوله "يسمح لسكان طهران بالاحتفال بشهرشنبه سوري بشكل
منظم في المتنزهات لتلبية رغبتهم في الاحتفال."
وقال ضيائي ان القرار الخاص بتنظيم استعراضات
منظمة بالالعاب النارية واشعال النيران يهدف الى تقليل اعداد الجرحي
الذين يصابون كل عام بسبب الالعاب النارية المصنعة يدويا.
واوضح ضيائي في تصريحاته "سنحاول تقليل اعداد
الحوادث والمصابين من خلال الاحتفالات المنظمة."
ومنذ عام 1979 جازف الكثيرون بخطر القاء القبض
عليهم او باثارة غضب العناصر الدينية بالتجمع في الساحات او الشوارع مع
غروب الشمس عشية شهرشنبه سوري.
وبعد ذلك يبدأون في ايقاد شعلات صغيرة ثم يقفزون
فوق السنة النيران وهم يصيحون "لتمنحيني لونك الاحمر الجميل وتأخذي
بدلا منه لوني الشاحب المريض."
وتجري الاحتفالات بيوم شهرشنبه سوري مساء
الثلاثاء الاخير في ايام السنة الايرانية طبقا للتقويم الفارسي القديم.
وفي ذلك اليوم يتم اعداد نوع خاص من الحساء
لتوزيعه على الجيران والاصدقاء ليشاركوهم تناوله. كما توزع المكسرات
والفواكه المجففة على المارة في الشوارع.
وتقليد اخر في هذا اليوم هو ان يتنبأ المرء بحظه
خلال العام القادم من خلال تأويل عبارات المارة التي يستمعون الى
محادثاتهم اثناء سيرهم بالشوارع.
ويعتقد ان الاحتفالات بهذا العيد تعود الى
التقاليد الزرادشتية القديمة التي كانت تضفي على النار صفات خاصة.
وتتيح الاحتفالات التي تقام مساء ذلك اليوم ايضا
فرصة للشباب من الجنسين كي يلتقوا ويتبادلوا عبارات الغزل في بلد يحظر
على الجنسين الالتقاء علانية ما لم يكن بينهم علاقة رسمية.
ويأتي القرار الخاص بالسماح بتنظيم تلك
الاحتفالات رغم انها تتعارض في هذا العام مع الذكرى السنوية لمقتل
الامام علي بن الحسين السجاد الامام الشيعي الرابع والتي تحل يوم 17
مارس.
وتابع ضيائي قائلا "انصح سكان طهران ان يحترموا
القيم الاسلامية اثناء احتفالهم بشهرشنبه سوري وخاصة عشية الذكرى
السنوية لمقتل الامام السجاد."
ولكن العديد من السكان قالوا انهم لايزالون
يفضلون الاحتفال بمناسبة شهرشنبه سوري في المنزل بدلا من الشوارع.
ويقول رويا وهو طالب جامعي عمره 18 عاما القي
القبض عليه خلال احتفالات العيد العام الماضي "افضل ان احتفل باليوم
بدون ان اجد بعضا من الباسيج (حرس الثورة) وهم يقومون بمراقبتي."

 

المصدر: وكالات |