قبل عام على وجه التقريب طُلب مني أن أبدي رأيي
فيما صرح به بعض الرسميين من أن الحرب الأمريكية على العراق يمكن أن
تؤدي إلى ظهور مائة بن لادن جديد و يومها كتبت (أنه إذا كان هؤلاء
السادة عاجزين عن الحفاظ على استقلالنا و إذا كان السبيل الوحيد للحفاظ
على هذا الاستقلال هو ظهور ألف بن لادن جديد فليكن) متصورا أن ابن لادن
في طبعته العراقية سيكون إنسانا واعيا متوجها نحو هدف أوحد هو الغازي
المحتل بل و ذهبت في تصوري الطوباوي إلى أن هذا يمكن أن يشكل نواة
للوحدة بين الشيعة و السنة!!!.
أعترف الآن أني أخطأت يومها في التصور و لا شك
أن الحدث الذي أزاح هذا التصور من ذهني تماما كان استشهاد السيد محمد
باقر الحكيم رضوان الله عليه نهاية أغسطس الماضي متمثلا قول الشاعر
السيد/ مصطفى جمال الدين
وهيهات تجلو سحنة العبد غاسل و هل طهر البحران
من دنس كلبا
و لا شك أن الإنسان مهما حاول هو أو حاول الوسط
المحيط به أن يرده إلى الضوابط الأخلاقية و الإنسانية العامة فلا شك أن
الطبع غلاب.
اليوم جاءتني رسالة من أحد الأشخاص متحدثا عن (تشويه
صورة الإسلام) من قبل المحتفلين بعاشوراء الحسين عليه السلام.... إنها
مسرحية الصور و الإسقاط البصري التي تتغافل عن واقع حضاري جلله هؤلاء
الأماثل بالخزي و العار فسادا و رشاوى لم تترك أحدا و لا حتى أسرة زعيم
الأمة السابق الذي يدين هؤلاء الأماثل بالتعبد على مذهبه السياسي
الغوغائي هذا الواقع الذي شهد و ما زال يشهد سفكا لدماء الأبرياء
بالملايين و دياثة أخلاقية تصمت على المقابر الجماعية و تبرز صورة
إنسان بريء آذى نفسه و لم يؤذ غيره من البشر إنسان كان و لا زال
مستهدفا بالقتل بسبب دينه و معتقده تماما كأصحاب الأخدود (و ما نقموا
منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد).
كان من المنطقي أن يطلبوا منه أن يوجه هذا
السكين و نصله الحامي إلى هؤلاء القتلة المرتشين الذين لا يخجلون لا من
تاريخهم و لا من حاضرهم الذي جلبوه لنا بعهرهم و فسادهم الأخلاقي وهم
الذين لم يرحموا أحدا وقع تحت سكينهم الحامي سواء باسم الدين أو باسم
القومية و هم الذي لم يفكروا يوما ما من التوبة أو الاستقالة من هذا
الخزي و أقل ما يتوجب عليهم عمله هو أن يقتلوا أنفسهم على طريقة بني
إسرائيل (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم
فاقتلوا أنفسكم) ولو كان عند هؤلاء المرتشين و مصاصي دماء الشعوب و
جمهورهم المتخلف و المعتوه أدنى ذرة من حياء لقتلوا أنفسهم على الأقل
سياسيا و اعتزلوا سيادة و ريادة هذه الأمة و لكنهم مصممون على التربع
على رؤوسنا و رقابنا حتى ينضب مخزونهم من (التي إن تي) المخصص لنسف
الأبرياء تارة في أربيل و أخرى في كربلاء و لازال حبل غسيلهم الوسخ على
الجرار.
نقول لكل هؤلاء أن الله تبارك و تعالى عندما
يأذن بهلاك قوم و بوارهم النهائي و خروجهم من مسرح الأحداث إلى مزبلة
التاريخ يملي لهم (و أملي لهم إن كيدي متين) (إنما نملي لهم ليزدادوا
إثما) (فلما آسفونا انتقمنا منهم) و نحن ننبه هؤلاء إلى أن خروجهم
النهائي إلى هذه المزبلة قد أصبح وشيكا و ما هي من الظالمين ببعيد و
أننا قد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من مرحلة لن يكون فيها حلول وسطى (بل
تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها و لا هم ينظرون) (ما ينظرون إلا
صيحة واحدة تأخذهم و هم يخصمون فلا يستطيعون توصية و لا إلى أهلهم
يرجعون).
5-3-2004 |