كان يتمنى أن يكون في صفوف الجيش الأموي، يوم
تعبأ الجنود، واستعدوا وقاتلوا سبط رسول الله (ص)، الإمام الحسين بن
علي، بن فاطمة بنت رسول الله (ص) في العاشر من المحرم الحرام، عام (61
هـ)، ليقتل هاشميا، أو يقطع رأس شهيد، أو يسرق قيراط طفلة هامت بوجهها
في صحراء كربلاء، ليلة الحادي عشر من المحرم، لينال الجائزة والحضوة
عند ابن آكلة الأكباد، الطاغية يزيد بن معاوية، أمير (المؤمنين من
أمثاله).
أما، وقد فاته ذلك، فلماذا لا يقتل أنصار الحسين
(ع)، في يوم الحسين (ع)، في أرض الحسين (عليه السلام) ؟ حتى لا تظل
المشاركة حسرة في قلبه ؟ .
كان الجندي الأموي، الذي لا يمتلك سلاحا يقتل
فيه الحسين (ع)، أو أحد من أهل بيته وأنصاره، يلتقط حجرا من الأرض،
ليرميه على جسد الحسين (ع) ، فيضرب به جبهته الشريفة، مثلا، من أجل أن
يعبر، بكل الطرق، عن حقده الدفين على الدين وأئمته وأهله، وليكشف، من
جانب آخر، عن معدنه وماهيته وحقيقته.
آخر، لم يحصل على رأس شهيد بعد انتهاء المعركة،
فقد توزعت الرؤوس على الزعماء والكبار، ولم يبق منها شئ له، فكيف سيقنع
الأمير، بأنه قاتل قتالا مريرا ضد السبط الشهيد ؟، ومن سيصدقه، وهو
يتكلم بلا دليل مادي ملموس ؟، يجب أن يضبط بالجرم المشهود ليصدقه
الطاغية، فيعطيه الجائزة، أسوة بالآخرين.
تذكر أنه رأى الحسين (ع) ظهر عاشوراء، وقد اختلى
برضيعه عبد الله (علي الأصغر) ليقبره في حفرة صغيرة، بعيدا عن عيون أمه
الرباب، بعد أن ناله سهم مثلث من الأعداء، ذبحه من الوريد إلى الوريد،
بدلا من أن يسقوه ماءا.
أسرع إلى المكان، حفر القبر، واستخرج الرضيع
(وعمره ستة أشهر فقط) ليحز رأسه، ويرفعه على رأس رمح طويل، فرحا
مسرورا، فقد ضمن الجائزة، وهو يصرخ ويقول؛ (إشهدوا لي عند الأمير، فقد
قاتلت السبط الشهيد، وأهل بيته وأصحابه، وها هو الدليل على ما أقول) .
أي نوع من البشر كانوا أولئك ؟، وأي نوع من
البشر هؤلاء، أحفادهم ؟.
منذ اليوم الأول من المحرم، منع المعنيون، دخول
السيارات إلى داخل مدينة كربلاء، تحسبا لارتكاب الإرهابيين، جريمة.
فكر في أن يرمي أنصار الحسين (ع) بحجر من بعيد،
من خارج أسوار المدينة.
رأى انه لا يصيبهم في مقتل، فأطلق عدة قذائف على
المدينة، لتقتل وتجرح المئات، وهو يصرخ ويقول ؛ (إشهدوا لي عند الأمير،
أني أول من رمى في عاشوراء هذا العام) .
وكرر فعلته الشنعاء في الكاظمية المقدسة، عند
مرقد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، كما كررها في أماكن أخرى من
العراق، والعالم.
لم يكن بحاجة إلى دليل مادي ملموس، ليقدمه إلى
الأمير، لينال به رضاه والجائزة، فقد بثت الفضائيات صور الضحايا (رؤوس
وأعضاء ودماء غطت ارض الحسين (ع) في يوم الحسين (ع)) مباشرة، شاهدها
الأمير منتشيا، قال مقربون منه، أنه ارتعش لذة، عندما رأى منظر الدم
والرؤوس المتطايرة، تغطي أرض الطف.
العالم اصطف مع الضحايا، معزيا ومستنكرا.
وحدهم الإرهابيون، هم اللذين تلفعوا بالصمت، فلم
يستنكروا أو يشجبوا أو يعزوا .
ولنتذكر، فإن من يصنع الملاذ الآمن للإرهابيين،
يساهم في جريمتهم، لا فرق في أن يكون (سلفيا) في داخل العراق، أو حاكما
في بلاد الجيران، فهؤلاء جميعا عليهم أن يعيدوا النظر في موقفهم، قبل
أن يضطر العراقيون للإفصاح عن هوياتهم، وأسمائهم، بل وحتى ارتباطاتهم.
أما الشهداء، فستروي دماءهم، شجرة الحق والحرية
والمساواة، لتورق عراقا جديدا، خال من الاستبداد والديكتاتورية والنظام
الشمولي والعنف والإرهاب والظلم والتمييز.
لن ينال الإرهابيون من عزيمتنا، متى ما ضربوا ؟
وأين ما ضربوا ؟ وكيف ما ضربوا ؟ فلقد انكشف أمرهم، وافتضحت نواياهم.
لقد سقطت، بجرائمهم، مقولة المقاومة، الشريفة
منها وغير الشريفة، فكل أنواع الإرهاب، غير شريف بالمطلق.
ضربوا في اربيل، ليثيروا الفتنة القومية،
ففشلوا، وضربوا، قبلها، في النجف الاشرف، ليثيروا الفتنة الطائفية،
ففشلوا، ويضربون اليوم في كربلاء المقدسة والكاظمية المقدسة وفي مناطق
أخرى، وبالتزامن، ليثيروا الحرب الأهلية، وسيفشلون .
اقتلونا أكثر، فسنقوى أكثر، وسنتحد ونحيا بعزم
وإصرار لن يلين، حتى يتطهر العراق من رجسكم، ومن خطركم، أيها الغرباء
الأجانب عن أرض العراق، وثقافة العراقيين، وتاريخهم وواقعهم.
لن تعود عقارب الزمن إلى الوراء، مهما قتلتم .
قد يعيد التاريخ نفسه، إلا أن من المستحيل أن
يعود القهقرى.
وإذا كان دم الحسين بن علي (ع)، قد حفظ الإسلام
من الانحراف، وفضح الطاغوت وأساليبه ووسائله، فإن دماء أنصاره التي
أريقت يوم أمس، ستحفظ العراق من خطر الانزلاق، في مهاوي الديكتاتورية
والاستبداد، من جديد، وستفضح الإرهابيين، وجماعات العنف والتعصب
الأعمى، وستحصن العراقيين من الرضوخ لحكم الأقلية، أيا كان نوعها.
فسينهزم الجمع ويولي الدبر؛ (ويمكرون ويمكر
الله، والله خير الماكرين).
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM |