لا يمكن أن يتعزز موقع المرأة في مجتمعها إلا
إذا منحت الحقوق الإسلامية الكاملة فبدون ذلك فإن أي التكلم عن أي حقوق
للمرأة لا يعدو أكثر من سراب في سراب. ولذا فإن الحاجة تنبع من تكون
المرأة غير المسلمة أن تحصل هي الأخرى على الحقوق المماثلة التي أقرها
الإسلام للمسلمات لأن في ذلك حفظ كرامتهن الحقيقية في الحياة.
لكل بداية نهاية ولكل الطروحات الوضعية التي
قيلت عن المرأة أو تم التعامل معها سواء على مستويات الأفراد أو
المجتمعات قد أخفقت في تحقيق ما في الذات النسائية من آمال تحاكي
المشروعية كي تعيش الفتاة أو المرأة محترمة عن حق وحقيق وتحصل على درجة
من احترام الشامل بين الناس وبالذات داخل المجتمعات المعاصرة التي تتسم
بكونها مجتمعات للرجولة (أي التي يسيطر فيها الرجل على المرأة) ولكن
بصور غير متكاملة الجوانب.
ولعل هذه الحال قد رفعت المرأة وهي في حالة شبه
يائس لتقليد نساء آخريات من غير بني جنسها وتحديد تقليد المرأة الغربية
بكثير من جوانبه المعيشة والتواجد الاجتماعي بعدما أحيطت المرأة
الشرقية عموماً والتواجد الاجتماعي بعدما أحيطت المرأة الشرقية عموماً
والمرأة في البلاد العربية والإسلامية خصوصاً لهالات من الدعايات
الإعلامية التي صورت المرأة في الغرب وكأنها الوحيدة التي حققت ذاتها.
لكن تلك الصورة قد فضحها الإعلام الغربي نفسه حين قدم نموذج المرأة
الغربية في بعض أجهزة الإعلام بصيغة النموذج الرخيص الذي ينال منه
الرجل بسهولة لإشباع غرائزه الجنسية منها.
والإشكالية الممكن أن تتخذ كـ(درس) مما حصل
للمرأة في الغرب أنها لم تتعدى دائرة العبث بترخيص جسدها فحسب حتى أصبح
الرجل القوام على العائلة (سابقاً) في عموم الغرب قد فلت منه زمان
السيطرة في تحديد حركة نساء بيت في المجتمع فالفتاة بعد سن (18 سنة)
أجازت لها الأعراف الجديدة وبحماية قانونية رسمية ليس أن تغيب عن بيت
أبويها لعدة أيام أو أسابيع تقضيها مع شاب أو أكثر ممن يغويها أو
يغووها برضاها ولكن دون اعتراض وهذا ما يتنافى مع قوة الوعي عند أي
فتاة عاقلة، لذا اقتضى التنبيه من أن ظاهرة الانفتاح الاجتماعي قد
أصبحت مهلهلة أمام حالة افتقار المجتمع الغربي لصون وتعزيز منزلة
المرأة فيه.
إن إعطاء أكبر قدر من الحقوق للمرأة يتوجب أن لا
يتم تجاوز خط الخطر الذي فيه إغفال فك الرقابة عن الفتاة لكونها قد
وصلت إلى عمر الحلم وأصبحت حليمة تعرف التصرف كما يقال فالمرأة مهما
كبر سنها تبقى بحاجة فعلية لحمايتها ذاتياً واجتماعياً مقابل الحذر
الدائم المطلوب من أي يستغل الرجل الذي عُرف في مجال علاقته بالمرأة
بمنتهى الانتهازية والخسة على أكثر مراحل التاريخ إذ تدل التجارب أن
الرجل كان دوماً وسيبقى كذلك المبادر لإقامة العلاقة مع المرأة ومن ثم
إغوائه لها وليس إغوائها له (إلا ما ندر).
إن مشاركة المرأة في الحياة مع الزوج على أساس
التكافؤ الإسلامي هو الأمر الوارد تماماً ولكن ليس على حساب تسيبها أو
تسييبها وأن المرأة منذ عهد طفولتها يفضل أن تتسلح بثقافة معرفة الرجل
وكيف ينصب شباكه لها تحت دعاوى (الحب المغشوش!) بأكثر الأحيان فإذا ما
صادف أن الفتاة (على نياتها) فإنا تكون فريسة سهلة لمثيل نموذج مثل ذلك
الشاب الوغد.
يمكن القول أن المرأة قد حققت بصورة عامة خلال
القرن العشرين المنصرم ما يسمو للاعتراف الطبيعي الذي يقره لها العرف
الإنساني لذلك فإن المساواة بين المرأة والرجل كمبدأ ما ينبغي أن
يتجاوز دائرة تعزيز الموقع العال للمرأة في حياتها داخل جدران البيت
وخارجه بالاستناد إلى قيمومة الرجل عليها، إذ هما متساويان تماماً في
الجانب الإنساني عرفياً وضميرياً ودينياً، على أن يكون هناك اهتمام
استثنائي للفتاة وهي طفلة فعسى أن تربى تربية إسلامية حسنة وتحصل
المرأة على كافة حقوقها، ولعل أول الطريق لذلك بهذا المجال أن تكرم
المرأة بتحجيبها وهي في عمر مبكر ثم أن تلعب الثقافة الإسلامية دورها
لترسيخ مفاهيم العفاف لديها التي عادة ما تبادر إليها العوائل في تربية
الفتيات.
ولعل من الأسلحة الماضية لخلق فتاة واعية في
المجتمع أن تسلح كل فتاة بالعلم وفضائل الأخلاق والابتعاد قدر الإمكان
عن أماكن تواجد الرجال ففي ذاك تنمية عظمى لروحيتها وتركيزاً فضلاً
لشخصيتها.
ومن الأخبار المحيرة ما ورد مؤخراً من أن أي
توجيه ينتقص من قيمة المرأة كأن يحتسبها الرجل بأنها في دونية عن مركزه
هو إذ أن ذلك فيه نكوص عن خط الإنسانية والبقاء ونكران للحقيقة الدافعة
من أنه لولا المرأة لما جاء الرجل إلى الحياة.
بعض الرجال الذي ينظرون إلى المرأة على كونها
مخلوق أدنى منهم حين يجبرون أنفسهم فجأة وقد ترأست امرأة المسؤولية
الأولى في دوائر عملهم تراهم يقرون تلك الحالة وبالذات حين يلاحظون أن
تلك المرأة جديرة أن يكونوا تحت مرؤسيتها، ولا شك أن الشرق بقدر ما
يجدر أن يتبقى منطلقاً لمساواة إنسانية أفضل ما بين المرأة والرجل فيه
لكن تعميق مثل هذا الفهم ينبغي أن يكون فيه الشرق سباقاً لتثبت هذا
المبدأ إذ من الثابت من الواقعية توضح أن مركز المرأة الاجتماعي في
الدول الشرقية رغم كل المحن الجارية على النساء الشرقيات هو مركز أفضل
من حيث مصداق الشعور في قلب الرجل الشرقي نحو المرأة الشرقية مقارنة مع
نفس الحال في مناطق أخرى من المعمورة. حيث أصبح الرجل غير الشرقي يعيش
مع امرأة ولكن قلبها ليس معه وقلبه ليس معها، وتلك إحدى صور الكارثة
العاطفية والعائلية والشخصية البنائية التي طغت كـ(ظاهرة) اجتماعية
بالعديد من البلدان غير الملتزمة بأصول الدين وما يؤكد عليه من ضرورة
حفظ الجسد من أي دنس. |