مع نهاية الانتخابات وسيطرة المحافظين المطلقة
على السلطة تتردد في عالم السياسة في ايران كلمة «النموذج الصيني».
وهذه الكلمة تعبير مختصر عن فتح اقتصاد هذه
الدولة المنتجة للنفط، على العالم الخارجي وبناء علاقات مع الغرب مع
قمع الحرية السياسية والاجتماعية في الداخل. هذا التعبير وضعه
الاسلاميون المحافظون وندد به خصومهم الاصلاحيون.
وقال المحلل امير علي نوربخش «النموذج الصيني
ليس الطريق الملائم لايران».
وقد انتقدت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي
الانتخابات، ولكن لديهما قضايا مع ايران اهم من تقييد الديموقراطية.
وعندما سئل ايرانيون محافظون كيف ان تركيا دولة
اسلامية تزدهر في ظل اصلاح ديموقراطي وتحرر اقتصادي، اجابوا انهم
يفضلون النموذج الصيني.
وتقول مصادر ايرانية مطلعة ان المرشد آية الله
علي خامنئي ارسل معاونين يثق بهم الى بكين في العامين الاخيرين لدراسة
طريقة الجمع بين نظام سياسي متسلط وتحرر اقتصادي.
كما تدارسوا نموذج ماليزيا، الدولة المسلمة، في
الجمع بين الديموقراطية المستأنسة والازدهار الاقتصادي كنموذج محتمل
آخر.
ومن مستشاري خامنئي الذين يميلون الى النموذج
الصيني وزير الخارجية السابق علي ولايتي ونائبه السابق عباس مالكي.
لكن محللين ايرانيين يسوقون مبررات مختلفة للقول
ان النموذج الصيني قد لا يصلح في ايران. ويرى محمود سري العلام استاذ
العلاقات الدولية في جامعة الشهيد بهشتي الوطنية ان من هذه الاسباب ان
للصين وزنا عالميا اكبر بكثير، بسبب حجمها وعدد سكانها ومقعدها الدائم
في مجلس الامن.
وقد بدأ تقارب الصين مع الغرب في بداية
السبعينات عندما كانت بكين تشكل ثقلا موازيا لاحداث توازن مع الاتحاد
السوفيتي، وقبل ان يقوى صوت منظمات حقوق الانسان والديموقراطية في
العالم.
وقال سري العلام: «في التراث الصيني الشعبي يميل
الناس الى الالتزام، بينما العكس في التاريخ الايراني. للشيعة تقاليد
قديمة في الثورة على السلطة».
ويجادل اصلاحيون كثيرون ان الحرية السياسية شرط
مسبق للتحرر الاقتصادي. ويؤكد محمد رضا خاتمي «من دون ديموقراطية
واصلاح لا يمكن لاقتصاد النفط ان يحقق تنمية حقيقية».
هذا وقد اكدت نتائج نهائية اعلنتها وزارة
الداخلية الايرانية على موقعها على شبكة الانترنت الاربعاء ان
المحافظين الايرانيين فازوا ب27 مقعدا من اصل 30 في طهران ما يرفع الى
156 عدد المقاعد النيابية التي حصلوا عليها ما يعني انهم باتوا يحظون
بالغالبية المطلقة في مجلس الشورى.
وتفيد هذه الارقام التي نشرت بعد خمسة ايام من
الدورة الاولى للانتخابات انه سيعاد التصويت في دورة ثانية على ثلاثة
مقاعد نيابية سيتنافس عليها اربعة مرشحين محافظين ومرشحان اصلاحيان.
وهناك خمس او ست سيدات في عداد الفائزين الـ27
في طهران وجميعهن اعضاء في لائحة ائتلاف رواد البناء. ولم تنشر وزارة
الداخلية في البداية اسماء الفائزين ال27.
وبحسب تعداد غير رسمي بات للمحافظين مع اضافة
المقاعد الـ27 في طهران 156 نائبا في مجلس الشورى مقابل 39 للاصلاحيين
و31 للمستقلين وخمسة لممثلي الاقليات الدينية. وهناك 58 مقعدا سيعاد
التنافس عليها.
وافاد غلام رضا جوديني مسؤول اللجنة الانتخابية
في طهران: فيما يخص الاصوات التي فرزت حقق 20 مرشحاً من التحالف من اجل
التقدم في ايران الاسلامية، شروط دخول البرلمان.
أربعون إصلاحياً فقط
وفاز المتشددون بالمقاعد الخمسة للعاصمة السابقة
اصفهان، التي كانت معقلاً للاصلاحيين، وبصورة عامة يبدو ان الاصلاحيين
فازوا بنحو 40 مقعدا فقط بعد ان كانوا يشغلون 190 في البرلمان الحالي.
وعلى النواب الذين هزموا في الانتخابات تسليم
مقاعدهم في نهاية مايو. وقد فاز المستقلون بما وصل الى 30 مقعدا، كما
تحجز خمسة مقاعد للاقلية المسيحية واليهودية والزرادشتية.
وارجأت السلطات الانتخابات في مدينة بم المدمرة
بالزلزال، وتجري انتخابات اعادة على 55 مقعدا لعدم فوز اي من المرشحين
بالنسبة المطلوبة، وهي 25 في المائة.
وشهدت الجلسة الاخيرة للبرلمان الايراني مشادة
بالايدي بين النائب قدرت الله المحافظ من ناحية، والنائب رضا يوسفيان
الاصلاحي من ناحية اخرى، وحدث هرج ومرج حتى ان رئيس الجلسة رئيس
البرلمان مهدي كروبي فضل الانسحاب منها. وتولى النائب الاصلاحي محمد
رضا خاتمي (الذي منع وحزبه من خوض الانتخابات)، ادارة الجلسة لتتم
مناقشة خطة الموازنة.
وفي الاستراحة التي اعقبت اعمال الجلسة الاولى
صرح يوسفيان نائب شيراز، لموفد وكالة انباء الشرق الاوسط الاصلاحية ان
«الانتخابات الحالية ليست نهاية المطاف لنا، والشارع الايراني الذي
انصرف عن الانتخابات الاخيرة يعرف الظلم الذي تعرضنا له».
وكان لافتا خروج النائب محسن ميردامادي في صحبة
مجموعة كبيرة من الاصلاحيين بعد انتهاء اعمال الجلسة الاولى، تلافيا
لمزيد من المواجهات. وقال النائب قدرت الله «لن نسمح بالتشكيك في شرعية
الانتخابات او المساس بالمؤسسات الدستورية»، في اشارة الى مجلس صيانة
الدستور.
وتميزت اعمال الجلسة الثانية بانصراف النواب عن
الاستماع للمتحدثين، واخذوا يتجمعون في حلقات للتعليق على احداث الجلسة
الاولى.. وبدت المقاعد شبه خاوية بعد عاصفة الجلسة الاولى، ولم يبق
الحضور الكثيف الا في المكان المخصص للضيوف والصحافيين.
وتجمع النواب في غرفة الادارة لمتابعة التلفزيون
وهو يذيع الترتيب قبل النهائي للفائزين بمقاعد نواب طهران الثلاثين
والتي خلت من الرموز الاصلاحية.
من جهته انسحب زعيم لائحة المرشحين الاصلاحيين
الى الانتخابات التشريعية الايرانية رئيس مجلس الشورى (البرلمان)
المنتهية ولايته مهدي كروبي من السباق الانتخابي حتى قبل الاعلان
الرسمي عن نتائج الدورة الاولى في طهران كما افاد مصدر برلماني
الاربعاء.
وقال كروبي "اني انسحب انه قرار شخصي لا يضر
بالنظام اليوم" كما ذكرت وكالة الانباء الطلابية. واكدت مصادر برلمانية
هذا القرار لوكالة فرانس برس.
وكان كروبي على راس لائحة التحالف من اجل ايران
مرشحا لشغل احد المقاعد النيابية الثلاثين عن مدينة طهران. وبحسب نتائج
موقتة فقد حل في المرتبة الحادية والثلاثين في الدورة الاولى لكنه
احتفظ بفرص الترشيح للدورة الثانية.
وينص القانون الانتخابي الايراني على ضرورة
الحصول على 25% من اصوات الناخبين للفوز بمقعد نيابي من الدورة الاولى.
المصدر: وكالات |