في اليقظة والمنام لا تحلم فاطمة بن عياد بأكثر
من أن تستطيع كتابة اسمها وبعض آيات القران التي تحفظها.
تتردد فاطمة (44 عاما) على فصول محو الامية التي
تعمل في اطار برنامج شنته الحكومة المغربية التي تسعى لاقامة علاقة
شراكة اقتصادية مع الاتحاد الاوروبي.
وتطمح الحكومة المغربية من برنامجها لمحو الامية
الى تخفيض نسبة الامية التي تصل الى 53 في المئة وتوفير عمالة مغربية
مؤهلة للمنافسة في الاسواق العالمية.
في أواخر العام الماضي أعلنت الحكومة أنها تسعى
الى اجتذاب نحو مليون شخص الى فصول محو الامية التابعة لوزارة التعليم
في العام الدراسي 2003-2004 بدلا من 700ألف شخص في الوقت الحالي.
وأوضحت كاتبة الدولة في شؤون محو الامية
والتربية الغير النظامية نجيمة غزالي طاي طاي أن وزارة التعليم تأمل من
خلال فصول الدراسة التابعة لها والاخرى التابعة للجمعيات الاهلية بأن
تخفض نسبة الامية الى 35 في المئة بحلول عام 2010 والى 20 في المئة في
المدى المتوسط.
وتقول طاي طاي ان الامية لا تؤثر على حجم
الانتاج بل على مستوى جودة الانتاج. وأضافت قائلة لرويترز "لا بد من
عمالة تتوفر على حد أدنى من التعليم حتى تواكب المستجدات وهذا هو
الرهان الحقيقي خاصة في وقت أصبحت فيه الدراية بالتكنولوجيات الجديدة
للتواصل والمعلوميات من اهم عناصر الانخراط في النظام الاقتصادي الجديد."
وتابعت "في السابق كان التوفر على اليد العاملة
الرخيصة هو المعطى الحاسم. أما التنافسية اليوم فقد أصبحت تعتمد على
الجودة ولتحقيقها لابد من التوفر على يد عاملة متعلمة."
شن المغرب منذ حصوله على الاستقلال في الخمسينات
حملات متقطعة للقضاء على الامية لكن نسبتها لا تزال مرتفعة في المجتمع
المغربي الذي لا يبعد عن اوروبا سوى 14 كيلومترا.
وفي هذا الصدد قال أستاذ الاقتصاد التربوي عز
الدين القصبي "لاحظنا أن الحكومة المغربية كثفت في السنوات الاخيرة من
حملاتها لمحاربة الامية. لكن رغم ذلك تبقى هذه النسبة مرتفعة ولم تعط
الا نتائج جد متواضعة وهو ما يكشف عن خلل ما اما أن هذه المحاولات ليست
جدية أو غير كافية."
ويهدف برنامج الحكومة المغربية الى اجتذاب
الفئات العمرية التي تتراوح بين سن 15 و45 سنة والذين ليس لهم مهن
محددة. لكن هذا لا يمنع انتظام أي مواطن في فصول محو الامية.
في احدى المدارس بضواحي العاصمة الرباط وقف
الحاج ادريس (52 عاما) وهو يحمل دفترا وقلما بانتظار الدخول الى الفصل
يراوده الامل في تعلم القراءة والكتابة. يقول ادريس "السن غير مهم."
ويضيف أنه يكفيه تعلم كتابة اسمه وقراءة عناوين
سكنى أقاربه وأصدقائه. وأرجع ادريس وهو مزارع من منطقة تبعد نحو 200
كيلومتر جنوبي العاصمة عدم تعلمه في الصغر الى نشأته في البادية قائلا
انه كان "رجل البيت وسط أخواته البنات" حيث اضطر الى ممارسة الزراعة
وتربية الماشية لمساعدة والديه بينما أخواته البنات يقمن بأشغال البيت.
وتابع "لم يكن والداي مؤمنين بجدوى القراءة.
كانا يعتبرانها ضياعا للوقت وتؤدي الى انحراف الشباب فما بالك بالفتيات.
كان ينظر اليهن كمنحرفات ويتعرضن أحيانا الى الضرب لو طالبن بذلك وتنبذ
الفتاة التي تواصل تعليمها في القرية هي وعائلتها."
وتنتشر الامية أساسا في المناطق الريفية. وترجع
دراسات أسباب الامية في المغرب في كثير من الاحيان الى الفقر خاصة حين
تضطر العائلات المعوزة الى تشغيل أبنائها ومنعهم من اتمام دراستهم.
تقول فاطمة زعيتر (35 عاما) وهي من قرية عين
بيضة على مسافة 240 كيلومترا شمالي العاصمة "لا أريد أن يكون أبنائي
مثلي. حلمي الكبير أن يكون أبنائي الخمسة متعلمين بمن فيهم الفتاة
الوحيدة بل أريدها أن تتفوق على الذكور لابرز للظالمين أنهم
مخطئون".(رويترز) |