تتزايد تفاعلات الموقف من المهاجرين في أوربا
وأمريكا، وبين موقف متعصب لا إنساني لا يتوقف عند أسباب الإنسانية
للهجرة إلى موقف يعتبر المهاجر إنسان أولاً وليس بمنتج خيرات فقط.
حيث تبرز أصوات تحاول أن تعيد للمهاجر الوضعية
الكريمة للإنسان الحر، من خلال استراتيجيات مستقبلية لاندماج المهاجرين
الأجانب في المجتمعات الغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ميولاً واضحة
لعدم التهاون بشأن الهجرة الإسلامية تحت ذريعة وجود كثير منهم ينادون
بالحرب المقدسة ضد الغرب، وبرزت حدة الموضوع وخاصة في إيطاليا حيث أثار
القانون الخاص بمنح المهاجرين حق التصويت في الانتخابات المحلية و(ينص
المشروع على منح المهاجرين الأجانب من خارج دول الوحدة الأوربية حق
التصويت والترشيح في الانتخابات المحلية الإيطالية بشرط استقرار
إقامتهم الشرعية على أراضي البلاد لمدة 6 سنوات متصلة دون انقطاع
وللمهاجرين الحاصلين على تصاريح إقامة دون حد أقصى للتجديد والذين
يثبتون حصولهم على دخل كاف لإعالتهم وإعاشة ذويهم مع دفعهم لأقسام
التأمينات الاجتماعية والضرائب وبشرط ألا يكونوا ممن صدرت بحقهم أحكام
قضائية أو أوامر قبض من أي جهة أو محكمة إيطالية) أثار هذا المشروع
زوبعة عنيفة إذ تقدم به إلى البرلمان جانفرانكوفيني، نائب رئيس الوزراء
الإيطالي ورئيس حزب التحالف الوطني، وبين رئيس الوزراء بيرلسكوني الذي
يحاول في كل مرة الدفاع عن بوصي وتنفيذ رغباته من تطبيق النظام
الفدرالي.
وإصلاح نظام المعاشات والتشدد مع المهاجرين،
وبدوره وكعادته شن بوصي هجوماً عنيفاً على فيني والقانون الجديد الذي
وضعه بأنه مبادرة غير موفقة من الهجرة والمهاجرين بعد موافقة البرلمان
بصورة نهائية في العام الماضي. ويتضمن قانون الهجرة المعمول به حالياً
والذي شدد على اشتراط منح الأجانب المهاجرين تصاريح الإقامات لمن يحمل
منهم عقد عمل موثقاً من السلطات المختصة مع الطرد الفوري للموجودين على
أراضي البلاد بصورة غير شرعية وتوقيع عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنة
وأربع سنوات في حالة تكرار محاولة دخول البلاد بصورة غير شرعية للمرة
الثالثة مع ضرورة تسجيل بصمات الأصابع مع اختصار حق السماح للمهاجرين
لاصطحاب أقاربهم على الأولاد القصر فقط أو البالغين ممن يعانون الإعاقة
الكاملة؟! كما سمح القانون باستخدام القوات البحرية والسفن الحربية في
عمليات مراقبة السواحل واعتراض سفن المهاجرين غير الشرعيين وهو القانون
الذي يطلق عليه قانون /بوصي / فيني نسبة لواضعيه والذي لقي ويلقى حتى
الآن معارضة شديدة من جانب بعض أحزاب الأغلبية والأحزاب اليسارية
والفاتيكان حيث انتقده الكاردينال كامبلورويني رئيس مجلس الأساقفة في
إيطاليا ويرى رويني أن فلسفة القانون مثيرة للجدل إذ لا يمكن اعتبار
الأجنبي على أنه خصم ومصدر للتهديد، ولا يجب الربط المباشر والتلقائي
بين تصريح الإقامة وعقد العمل) يذكر أن إيطاليا في حاجة دائمة للعمال
الزراعيين وللممرضات التي تفتقد إيطاليا لهذه المهنة حيث تشير التقارير
إلى أن إيطاليا ينقصها 100 ألف ممرضة، اعتبر بوصي إن انتقال موقف فيني
يعتبر نقلة نوعية من العيار الثقيل لموقفه من الهجرة والمهاجرين وهدد
بانسحاب الرابطة من ائتلاف الأحزاب الحاكمة والعمل على إسقاط الحكومة
وإجراء انتخابات عامة مبكرة فيما أعلن فيني إصراره على المضي حتى
النهاية واصفاً بوصي بأنه يتصرف مثل الفاشيين الجدد أما بيرلسكوني فقد
بذل محاولات مضنية لفك الاشتباك العنيف بينهما وخاصة إن بوصي تقدم
بمشروع قانون جديد للبرلمان يزيد من صعوبة حصول المهاجرين الأجانب على
الجنسية الإيطالية ورفع مدة إقامتهم الشرعية في البلاد إلى 10 سنوات
فضلاً عن إقامة امتحانات للمهاجرين أمام لجان مختصة لإثبات معرفتهم
للغة والثقافة والتاريخ الإيطالي وفي نفس الوقت عاد اليسار الإيطالي
لإحياء مشروع القانون القديم الذي تقدم به منذ سنتين وسقط لنهاية
الفترة التشريعية والذي ينص على تعديل المواد 48، 50، 51، 57 من
الدستور وترتئي منح حق الترشيح والتصويت للمهاجرين الأجانب المقيمين
إقامة شرعية لأكثر من خمس سنوات، في انتخابات البلديات والمديريات،
وذهب مقترح اليسار إلى أبعد من ذلك بأن يسمح لهم بالمشاركة في الحياة
السياسية والديمقراطية المحلية، وقد قام سكرتير الحزب اليساري
الديمقراطي بزيارة إلى المركز الإسلامي والثقافي بالعاصمة للترويج
لمشروعه ومساندة المشاركة السياسية للمهاجرين.
أنه خيار مهم للأخلاقيات السياسية واحترام
التقاليد الديمقراطية الإيطالية ويذكر أن مواطني دول الاتحاد الأوربي
المقيمين في إيطاليا يحق لهم المشاركة في الانتخابات المحلية استناداً
إلى اتفاقية (ماسترنخثيت) وأشار تقرير إلى أن نسبة المهاجرين الأجانب
في إيطاليا بعد تصحيح أوضاعهم الأخيرة تصل إلى 4% من إجمالي تعداد
السكان الذي يصل إلى 60 مليون نسمة أغلبهم يقيمون في المدن الكبرى مثل
روما وميلانو وتورينو وبولدينا وأخيراً إن القانون المعمول به حالياً
قانون فيني بوصي، ينطوي على الكثير من العيوب من وجهة النظر الدستورية
والإدارية ويدل على ذلك أكثر من 400 طعن بعدم الدستورية التي مازالت
المحكمة العليا تدرسها وتبحثها حتى الآن، إن مقترح فيني ، مفيد على
الصعيد الأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي وهو خطوة في الاتجاه الصحيح
لمعالجة أثار القوانين التعسفية بحق المهاجر الإنسان. |