في مؤشر على حالة الضعف التي اصبح عليها التيار
الاصلاحي في ايران بعد خسارته المعركة السياسية امام التيار المحافظ
على خلفية ازمة المستبعدين من خوض الانتخابات التشريعية المقررة هذا
الشهر، اعلن رئيس الحملة الانتخابية للائحة الاصلاحية الموحدة علي اكبر
محتشمي بور ان اللائحة الاصلاحية تذهب الى الانتخابات وهي «تدرك سلفا
انها خاسرة»، مشيرا الى ان رفض اعداد كبيرة من الاصلاحيين للانتخابات
ادى الى عدم ايجاد ما يكفي من المرشحين الاصلاحيين للتنافس في كل
الدوائر الانتخابية، يأتى ذلك فيما شن المثقف الاصلاحي البارز هاشم
اغاجاري المحكوم عليه بالاعدام بتهمة التجديف هجوما عنيفا على الرئيس
الايراني محمد خاتمي، قائلا ان «مأساة» فشل الرئيس الايراني في مواجهة
المحافظين ستضع حدا للاصلاحات داخل النظام. وقال محتشمي بور الذي شغل
سابقا منصب وزير الداخلية والنائب الحالي في مجلس الشورى (البرلمان) «ستكون
لنا اقلية في البرلمان مؤلفة من اناس اكفاء ومن اصلاحيين ومن مستقلين
ندعمهم.
واوضح محتشمي بور الذي رفض ان يشارك شخصيا في
الانتخابات القادمة مع نحو 550 اصلاحيا اعلنوا اول من امس الاول
انسحابهم من الانتخابات انه بعد الازمة التي تسبب بها رفض مجلس صيانة
الدستور بكثافة لترشيحات الاصلاحيين، «لم نتوصل الى اقفال لائحتنا الا
اول من امس، ولم نتمكن حتى الآن من طباعة ملصق انتخابي واحد لتقديم
لائحتنا الى الناخبين..
وقال خلال مؤتمر «لقد عرفنا اللائحة النهائية
للمرشحين الذين اعتبروا مؤهلين لخوض الانتخابات في 11 فبراير (شباط)،
وعملنا منذ ذلك الحين وتوصلنا الى لائحة تضم 26 مرشحا من اصل ثلاثين في
طهران و192 مرشحا في المحافظات الاخرى»، من اصل 5000 مرشح يخوضون
الانتخابات لشغل 290 مقعدا. واضاف «بين مرشحينا هناك اصلاحيون ومستقلون
ونحن نطلب من ناخبينا ان يقترعوا لهم لكي لا يقدموا مجلس الشورى هدية
للمحافظين». واعتبر محتشمي ان «هذه المنافسة غير عادلة» وقال «هناك قوى
غير متناسبة والمحافظون حشدوا امكانات كبيرة لدرجة ان فوزنا بمقعد واحد
سيكون نجاحا لنا وهزيمة للمحافظين». لكنه اعرب مع ذلك عن الامل في «التوصل
الى اقلية اصلاحية قوية..
وللتدليل على ضعف امكانات الاصلاحيين، اشار محتشمي
الى ان هؤلاء لم يستطيعوا استكمال لائحتهم للعاصمة طهران، وظلت هذه
اللائحة تقتصر على 26 من اصل 30 مرشحا. واوضح ان التيار الاصلاحي لم «يستطع
ان يجد مرشحين لسبعين مقعدا في انحاء البلاد» لكنه اضاف «اذا استطاع
الناخبون ان يتعرفوا على مرشحين مستقلين في الدوائر التي لم نتمثل فيها
فاننا ندعوهم الى ان يصوتوا لهم.
ويضم ائتلاف الاصلاحيين الذي يرأسه رئيس البرلمان
مهدي كروبي 18 حزبا اصلاحيا، من بينها جبهة الثاني من خورداد التي تدعم
الرئيس محمد خاتمي وجمعية علماء الدين المقاتلين ـ روحانيون مبارز ـ
وحزب ائتلاف كوادر البناء.
في المقابل قررت جبهة المشاركة التي تعتبر اكبر
الاحزاب الاصلاحية برئاسة رضا خاتمي شقيق الرئيس الايراني ومكتب تعزيز
الوحدة وهو يمثل ابرز التنظيمات الطلابية مقاطعة الانتخابات.
الى ذلك، دعا الصحافي الايراني الاصلاحي هاشم
اغاجاري الذي ينتظر في السجن تأكيد او الغاء الحكم باعدامه بتهمة
التجديف الى اعتماد اسلوب «المقاومة السلبية» في مواجهة ما سماه «انتخابات
تشريعية مزيفة.
وهاجم اغاجاري فى رسالة كتبها من سجنه ونشرتها
وكالة الانباء الطلابية الايرانية «ايسنا» امس «النزعة الشمولية»
و«اسلام طالبان» اللذين يمثلهما بعض المسؤولين الايرانيين. كما انتقد
ايضا وبشدة الاصلاحيين الذين وصفهم «بعدم الشجاعة وفقدان الارادة» وعلى
رأسهم الرئيس محمد خاتمي نفسه.
وتابع اغاجاري في رسالته «مرة اخرى، وكما فعل في
الثاني من خورداد ـ تاريخ انتخاب خاتمي لولايته الاولى 1997 ـ فان
الشعب الايراني يجب ان يقول هذه المرة ايضا لا للشموليين، معتمدا سبيل
المقاومة السلبية». واضاف «خلال وقت قصير سيتحول الوجه الديمقراطي
للدستور الايراني الى وجه متسلط»، داعيا الى «اسلام متحرر والى احترام
حقوق الانسان والحريات والديمقراطية والمساواة والسلام في مواجهة اسلام
طالبان والاستبداد والشمولية والعنف والحرب والارهاب». وتحدث اغاجاري
عما وصفه «بمأساة خاتمي الرئيس الذي عرفه لا الايرانيون وحدهم بل
العالم بأسره من ابرز المدافعين عن الحقوق المدنية وعن الحرية
والديمقراطية والذي خيب آمال من راهنوا عليه لانه لم يكن بامكانه ان
يفعل غير ما فعل او لانهم منعوه من ذلك». وقال اغاجاري اخيرا ان
الانتخابات المقبلة «ستضع حدا نهائيا للاصلاحات داخل النظام.
وكان قد حكم على اغاجاري بالعقوبة القصوى بتهمة
التجديف كما حكم عليه بالسجن ثمانية اعوام وبالجلد في السادس من نوفمبر
(تشرين الثاني) عام 2002، بعد ان وصف المسلمين بأنهم «كالقرود» لانهم «يتبعون
شيوخهم كالعميان». وقد نقض الحكم بالاعدام على اغاجاري بفعل موجة
الاحتجاجات العارمة لكن مصيره ما زال لم يتقرر بعد. |