أثار تبني البرلمان الفرنسي بأغلبية ساحقة قانونا
يحظر الحجاب الإسلامي والرموز الدينية في المدارس موجة واسعة من
التنديد داخل وخارج فرنسا. وأعرب رئيس اتحاد المنظمات الفرنسية
الإسلامية الحاج تامي بريزيه عن أسفه "أن تكون الأمة مشغولة بقطعة قماش".
واعتبر أن تبني هذا القرار لن يحل المشكلة، إذ من
سيقرر ما هو رمز ديني واضح وما هو ليس رمزا واضحا. وأوضح بريزيه أن
الاتحاد سيحث تلميذات المدارس على اللجوء إلى ارتداء غطاء رأس محتشم
كمنديل الرأس أو القبعة معربا عن أمله أن يكون هذا مقبولا في المدارس.
وقال ممثل المحامين المسلمين في أوروبا حاج أحمد
طومسون إن الفرنسيين بحظرهم للحجاب يخرقون قوانينهم بأيديهم، ما دام
غطاء الرأس لا يمثل تهديدا لأحد.
من جانبه اتهم عمدة لندن كن ليفينغستون الرئيس
الفرنسي بممارسة لعبة خطرة تشجع على معاداة الإسلام. جاء ذلك في مؤتمر
صحفي عقده تحالف جديد يضم ممثلين عن مختلف الديانات، سعيا إلى تشكيل
جبهة مناهضة للقانون الجديد.
ودعا المشاركون من المسلمين واليهود والسيخ
والكاثوليك في لندن إلى التظاهر ضد القرار الذي يستهدفهم، مشيرين إلى
ضرورة المقاومة للحفاظ على الحريات الدينية.
وفي واشنطن استبق 47 عضوا بالكونغرس المصادقة على
القرار واحتجوا لدى السفير الفرنسي الاثنين في رسالة قالوا فيها إن "القانون
المقترح يهدد الحقوق الدينية للأطفال الفرنسيين بإرغامهم على الاختيار
بين المدرسة والممارسات الدينية التي هي محورية بالنسبة لقيمهم".
وقد تظاهر ما بين ستة وثمانية آلاف من طلبة وطالبات
جامعة الإسكندرية في مصر، استباقا لمصادقة البرلمان الفرنسي على
القانون. واحتشد الطلاب سلميا داخل أسوار الجامعة للتضامن مع المسلمات
الفرنسيات.
وشاركت في التجمع طالبات غير محجبات ولكنهن ارتدين
الحجاب مؤقتا للتضامن مع زميلاتهن المحجبات.
وردد الطلاب هتافات تندد بالتوجه الفرنسي نحو منع
الحجاب، كما رفعوا لافتات تدين ما وصفوه بالاعتداء على حرية العقيدة في
فرنسا.
وفي كوالالمبور بماليزيا تظاهر العشرات من أنصار
الحزب الإسلامي المعارض الرئيسي أمام السفارة الفرنسية احتجاجا على
القانون.
وينص القانون الفرنسي على طرد كل من يصر على
مخالفته، سواء بارتداء الحجاب للمسلمات أو القلنسوة اليهودية أو
الصلبان الكبيرة. وسيحال القانون إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه، قبل
إعادته إلى الجمعية الوطنية لإقراره نهائيا وتطبيقه اعتبارا من منتصف
شهر مارس/ آذار المقبل.
ولم يتضح ما إذا كان القانون سيحظر أيضا ارتداء
عمامات طائفة السيخ الهندية التي يقول السيخ البالغ عددهم خمسة آلاف في
منطقة باريس أنها ليست دينية لكنها غطاء عملي للرأس لأنهم لا يحلقون
شعورهم.
ويرى معارضو المشروع الذين ينتمون إلى تيارات
مختلفة تبدأ برجل الدين وتنتهي باليسار الراديكالي ودعاة حماية البيئة
أن القانون يمكن أن يزيد من التوتر بين المجموعات الدينية في فرنسا
التي تضم أكبر جالية مسلمة في أوروبا (بين خمسة وسبعة ملايين شخص)
وأكبر جالية يهودية (بين 600 و700 ألف).
ويأتي هذا المشروع الذي أثار جدلا حادا ومعارضة
شديدة من المسلمين والمسيحيين داخل فرنسا وخارجها، تلبية لرغبة جاك
شيراك في إعادة تأكيد مبدأ العلمانية الذي يشكل أحد أسس التعليم
الحكومي في المجتمع الفرنسي. |