تعيش إيران وهي تحتفل بالذكرى الخامسة والعشرين
لقيام الثورة الإسلامية حالة احتقان سياسي شديد جراء عملية الشد والجذب
بين جناحي السلطة المتمثلين في تياري الإصلاحيين والمحافظين.
ويتأجج هذا الصراع بين الجناح الإصلاحي الذي تمثله
رئاسة الجمهورية في شخص محمد خاتمي والجناح المحافظ الذي يمثله مجلس
صيانة الدستور وهو مؤسسة قوية وغير منتخبة تعنى أساسا بمسألة
الانتخابات.
وقد تصاعد التوتر بين المعسكرين على خلفية رفض مجلس
صيانة الدستور منع مئات من المرشحين الإصلاحيين من ترشيح أنفسهم
للانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها في 20 فبراير/ شباط
الجاري.
وفي أحدث فصل من التوتر الذي يطبع الحياة السياسية
الإيرانية قدم ما يزيد عن مائة نائب إصلاحي في البرلمان الإيراني
استقالاتهم احتجاجا على قرار مجلس صيانة الدستور. ويحتمل أن يتطور هذا
الخلاف الانتخابي إلى حد رفض الحكومة الحالية إجراء الانتخابات وتلويح
بعض الأوساط المعارضة بمقاطعتها.
ومما يزيد من تأجج الأزمة الإيرانية الوضع الجديد
بالمنطقة وتغير الرهانات بها مع تغيير النظام في العراق من قبل قوات
التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والدور الفعلي
والمحتمل لإيران في الدولة المجاورة إضافة إلى تزايد الضغوط التي
تمارسها واشنطن على طهران بشأن عدة ملفات كان الملف النووي أشدها بأسا.
وفي ظل الشد والجذب بين المعسكرين يبقى الغائب
الأكبر عن الساحة هو غالبية مكونات الشعب الإيراني الذي يبدو كأنه غير
معني بهذه الأزمة ما لم ير الإصلاح مترجما إلى إنجازات. ويستثنى من هذا
الوضع المكون الطلابي الذي يتفاعل تارة بالإيجاب وتارة بالسلب مع
مجريات الحياة السياسية في البلاد.
وقد وصلت الأزمة في إيران إلى حدان قدم عشرات من
كبار مسؤولي الحكومة -ومنهم مساعدون للرئيس ووزراء وحكام - استقالتهم
بسبب الأزمة الانتخابية، لكن خاتمي رفض دعوات الاستقالة وتعهد بإكمال
فترته الثانية في المنصب والتي تنتهي العام المقبل.
وفي كلمة تلخص إلى حد ما شدة الأزمة بإيران قال
خاتمي -الذي اعترف قبل أيام بأن البلاد توجد في مأزق سياسي حقيقي- إن
الذين جاؤوا بناء على إرادة الشعب سيبقون أما الذين يقفون في وجه الشعب
فمصيرهم إلى الزوال. |