(ادع
إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة
النحل: 125.
نقرأ في (المقدمة) هذه السطور:
(القرآن نهج.. وحضارة.
لماذا هذا العنوان الثلاثي؟
لماذا نهج ولماذا حضارة؟
القرآن كتاب الله، كما هو كتاب للإنسان، كتاب
السماء إلى أرض التي يعيش عليها الإنسان،
كتاب النور الإلهي الفياض على خلقه، بالبرامج والرؤى والبصائر) ففيه ما
يحقق كل آمال هذا المخلوق، وطموحاته في الحياة الدنيا، وفق فطرته التي
فطره الله عليها.
كتاب جاء لبناء الإنسان في عملية مبرمجة بتقنين
حياته للتوجه إلى عبادة الله، وصرفه عن عبادة المخلوقين.
أراد القرآن بذلك أن يكون نهجاً ومنهجاً وطريقاً
قويماً، لإعطاء صورة غير مادية بلغة مادية، وأشخاص ماديين (إن هذا
القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين)، أنه المصداق الوحيد في
الحياة للإنسان، في مواقفه وأقواله وأفعاله سكناته وحركاته.
فالعادات والتقاليد والأفكار التجارية التي
يروجها سماسرة الأديان وسدنة المعابد، ما هي إلا من ضرب الخيال، ولا
تمت إلى الواقع بصلة، فالقرآن هو الملجأ الوحيد لأن النهج الصادق في
بناء الإنسان..
فهو نهج لأنه دستور للحياة فإذا كان الدستور هو
الصيغة القانونية لإرادة شعب، فالقرآن تعبير عن إرادة الله الجامعة
لمصلحة الدارين الدنيا والآخرة..
فهو لا يكسب شرعيته من موافقة شعب وإنما تنبع
شرعيته من إدارة الله وواقعية القرآن.
فالقرآن ليس نهجاً فقط بل هو حضارة فهو امتداد
عبر الزمن وعبر البشر ليس لبناء هذا الصرح الإنساني فقط، وإنما لبقائه
خالداً..
فالقرآن نهج وحضارة لأنه اعتمد القيم الربانية
أساساً ومرتكزاً..
ونقرأ في الفصل الأول (القرآن دعوة إلى الحياة)
ضمن فقرة – المشروع الدائم للحياة – هذه الكلمات:
(العنصر الأكثر إثارة وقوة في الوجود في هذا
الكون هو الإنسان ويجب أن يوجد شاء أم أبى، ويجب عليه أن يحيا، أجل
أنها الحياة، ذلك هو السر في بقائه على مر العصور والأزمان..
الحياة إذاًَ لفظة تعني الاستمرارية والبقاء
والحركة، وهي ضد الموت، لأنها مركز وجود الإنسان...
ومع كل ذلك ولكي يحيا الإنسان حياة طيبة تغمرها
السعادة ويحدوها الأمل المشرق – لتحقيق طموحاته، فهو بحاجة إلى مشروع
دائم، يتوافق مع هذه الحياة في كل مراحلها، باعتبارها لا تنتهي، فهي
تمتد من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة).
ثم نقرأ في الفصل الثاني (القرآن في القرآن) تحت
فقرة (الجاهلية الأولى) هذه التعارف:
(تمثل تحدي الجاهلية الأولى في استخدام أبشع
الوسائل على الصعيد الإعلامي لغرض إيقاف تأثير القرآن على قلوب الناس،
بعد عجزهم عن المواجهة البلاغية، أو الإتيان بسورة واحدة).
أما في فقرة (الجاهلية الثانية) فنقرأ التالي:
(لقد تغيرت تلك الصور والأشكال التي تحدث بها
القرآن، وحاولت أن تطغى في كتاب الله بطريقة أخرى، وهي التشكيك فيه
بالمقارنة بين ما جاء به وبين متطلبات العصر الحديث...
وكل ذلك نتيجة الانبهار بالتقنية الحديثة
والانهزامية النفسية ولعدم فهم كتاب الله، وكذلك نتيجة التخلف المتوارث
في الأمة الإسلامية، وابتعادها عن القيم الحقة، أستطاع المستعمر عن
طريق بعض المستشرقين والمنبهرين بالثقافة الغربية من أبناء الأمة
الإسلامية).
وبحدود الفصل الرابع (القرآن سلوك يومي) نقرأ
ضمن فقرة (جذور المعرفة) نقرأ التالي:
(يحتاج كل إنسان في الوجود إلى دعائم وركائز،
لكي يستند عليها في أفكاره التي ستصبح أفعاله فيما بعد، فإذا كانت هذه
المرتكزات والدعائم منذ وضع أول لبنة لحجر الأساس متينة، كانت كل
أفكاره سليمة طبعاً يتبعها الأعمال والعكس هو الصحيح).
وكذلك نقرأ في الفصل الحادي عشر (كيف نستوعب
القرآن) من خلال فقرة (قبل أن نفهم) هذه الدلالات: (القرآن كتاب لنا
نحن الناس بدون تخصيص فئة معينة أو جماعة أو طائفة، فهو كتاب رب
العالمين إلى من خلقهم بلا استثناء، فنلاحظ تكرار لفظة الناس في القرآن
بدون تمييز بين أصنافهم وألوانهم وأجناسهم فقد وردت مائة واثنان
وثمانون مرة، فمنها قوله سبحانه وتعالى: (الر كتب أنزلنه إليك لتخرج
الناس من الظلمات إلى النور).
الكتاب:
القرآن نهج وحضارة
للمؤلف:
الشيخ عبد الشهيد الستراوي
الناشر:
دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع (بيروت – لبنان)
المواصفات:
الطبعة الثانية 1424هـ 2004م
(312) صفحة من القطع الكبير |