مما لا شك فيه أن موقف آية الله العظمى السيد
السيستاني حفظه الله يفند كل الاتهامات التي دأب أعداء الشيعة على
ترديدها بوصف شيعة العراق بالخيانة والتحالف مع الأمريكان إذ ما أحوج
الأمريكان إلى هذا التحالف -المزعوم- في مثل هذا الوضع الذي تريد
الإدارة الأمريكية فيه تأخير تسليم السلطة إلى العراقيين والاستعانة
بسلطة أخرى غير منتخبة شعبياً وليس لها غطاء شرعي.
كان موقف الإمام السيستاني واضحاً بضرورة انتخاب
سلطة عراقية نابعة من الشعب العراقي ضارباً بعرض الحائط المخططات
والتبريرات الأمريكية. أمريكا من جهتها تدرك الثقل الذي يمثله السيد
السيستاني لذا رضخت عنوة لمطلبه وهي تبحث عن حل من شأنه أن يجنبها أي
تصعيد محتمل في خطاب السيد السيستاني قد يخلط أوراقها ليس في العراق
فحسب بل في المنطقة بأسرها.
هذا المأزق الذي وُضَعَ فيه الأمريكان لا يمكن
أن يكون من حليف لها !!
تفاجأت وأنا أطالع الفضائيات العربية من تحفظ
سنة العراق على مطالبة السيد السيستاني بالانتخابات في موعدها. وكانت
حجتهم الرئيسية هي الملف الأمني في العراق إذ يطالب السنة في العراق
بحل الملف الأمني في العراق أولاً ثم الحديث عن انتخابات شعبية وهنا
الأحجية:
- أمريكا لن تخرج من العراق ما لم تسلم السلطة
لهيئة منتخبة شعبياً.
- المقاومة المزعومة والتي تنحصر في المثلث
السني تريد -كما يزعم- أن تخرج المحتلين من العراق.
- سنة العراق لا يريدون انتخابات شعبية ما لم
يحل الملف الأمني الذي تشكل المقاومة عقبة رئيسية فيه.
في الأمس كان أئمة السنة في المساجد يحرضون
أتباعهم على الأمريكان والحكومة الانتقالية كونها عميلة ويطا لبون
بحكومة ينتخبها الشعب العراقي، واليوم يطالبون بتأجيل الانتخابات
والاكتفاء بحكومة تختارها لجنة غير منتخبة شعبياً والسبب هو الملف
الأمني ؟!! أليس أنتم من رفع راية التمرد على المحتل الأمريكي؟ أليست
هذه هي بذور الانفلات الأمني ؟! كيف تطالبون بحل الملف الأمني وأنتم
رحاة هذا العنف والإرهاب!!
ما دام السنة يصرون على حل الملف الأمني فلم لا
يضبطون المقاومة -السنية- المنبثقة منهم -مؤقتاً- كي يهدأ الوضع الأمني
وتكون هناك انتخابات؟ ماذا لو لم تنتهي المقاومة واستمرت هل يحرم الشعب
من الانتخابات بسبب الوضع الأمني في بعض المحافظات إلى الأبد؟ هل يظن
السنة أن أمريكا ستخرج من العراق لتتركها محفلاً للاقتتال الداخلي؟
طبعاً ليس حباً في العراقيين ولكن هذا لا يتناسب مع مشروعاً وهيبتها
الدولية.
في رأيي أن سنة العراق يحاولون كسب الوقت لتنظيم
صفوفهم ، فبالرغم من وجود هيئة لعلماء السنة في العراق إلا أنهم كما
قال الدكتور الكبيسي ليسوا منظمين وليست لهم مرجعية موحدة وهذا الأمر
بطبيعة الحال سيؤثر سلباً على حجم تمثيلهم في الانتخابات الشعبية وفي
الحكومة العراقية القادمة.
وأتساءل كم سيحتاج السنة من الوقت لترتيب وضعهم
الداخلي بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على سقوط بغداد؟ |