اصدر سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي
المدرسي (حفظه الله) البيان السنوي بمناسبة
حلول موسم الحج، حيث وجه خطابه الى حجاج بيت
الله الحرام 1424 للهجرة، حيث اكد على
المفاهيم والمعاني السامية للحج معتبراً انها
خير وسيلة المؤمنين ليكملوا بها ايمانهم ويبلغوا بها
مبالغ الصالحين من عباد الله، وفيما يلي مقتطفات من
البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله
الطاهرين وبعد..
الحج إضاءة للعقل وتقويم للسلوك وتهذيب للخلق،
ولعل كلمة التقوى تجمع كل هذه البصائر حيث
يقول الله تعالى:(وتزودوا فإن خير الزاد
التقوى) والعقل البشري يضعف فيحتاج إلى
التنمية، ويدخل في السبات فيحتاج إلى ما
يوقظه ويحتجب بالشهوات والذنوب فيحتاج الى انتفاضة عارمة
عبر الاستغفار والتوبة وتأنيب الذات حتى ينقطع عنه الرين
ويعود الى صفائه ونقائه.
والحج ذلك المنهج الالهي الذي
يوفر كل تلك المعاني، فهو ينمي العقل ويوقظه، وينفض عنه
غبار الذنوب، ويطهره من رينها.
وبكلمة واحدة انه يزيد
الايمان بالله سبحانه وتعالى فاذا زاد ايمان المرء زاد
عقله باذن الله وبفضله. ونحن المسلمين نعيش فتناً عارمة
تدع ذوي الالباب منا حيارى، وهكذا فنحن بحاجة إلى تنمية
العقل الجمعي الذي يساهم في تبصيرنا بواجبنا اليومي وما
به خلاصنا من المحن المحدقة بنا.. أترون ماذا يجري في
فلسطين.. تلك الارض المقدسة، وفي العراق وكشمير والشيشان
وفي الصومال وفي جنوب السودان وتقريبا في كل مكان ألسنا
بحاجة إلى عقول نيرة؟ الا ترون كيف أن شبابنا اضحوا
محبطين حتى ظنوا أن العنف والتشدد وربما قتل الابرياء
هنا وهناك وهو السبيل الى نجاة الامة فزادوا الطين بلة؟
إن المشكلة الكبرى للانسان أنه يترك أعظم نعمة أنعم الله
بها عليه، وهو العقل، وتوجه إلى خرافات الآخرين وأساطير
الأولين وما الاتباع الاعمى للتراث وما قاله الاولون من
دون تحقيق ولا تفكر، بل بتقديس قد يبلغ مستوى الشرك
بالله العظيم، الا ظاهرة من مظاهر هذا التقليد الاعمى
والضلال المبين، كذلك الاتباع التام للثقافات الوافدة من
هنا وهناك انه نوع من الغباء المركز.
بلى.. إن الحج إخواني
زلزال في واقع الفرد، يهدم كلما في ماضيه من ذنب
وخطيئة وإنحراف وفساد ليصوغ المؤمن نفسه من جديد في رحاب
بيت الله العزيز، او لم تتدبر في فاتحة سورة الحج كيف
يبدء القرآن كلماته ببيان ذلك الزلزال العظيم الذي يتعرض
له الناس يوم القيامة، ويقول سبحانه:(يا أيها الناس
اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيئ عظيم.. يوم ترونها تذهل
كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس
سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد).
ولقد فاز فريق من
المؤمنين الذين يكملون بالحج درجات إيمانهم،
ويتعالون إلى سمو أنفسهم حتى يبلغوا بها مبلغ الصالحين
من عباد الله ويدخلوا في زمرة أوليائه المقربين، ولعل
أبرز سمات اولئك الرجال الصادقين أنهم يستضيئون بنور
القرآن، فاذا بهم يسمعون ببصائره وينظرون بنوره، ويفكرون
بميزانه، ولايتخطون في سلوكهم هداه، ولا يتجاوزون سبل
السلام التي رسمها الله لهم.
لقاء مع قناة الجزيرة الفضائية
أكد سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي
المدرسي من جديد فكرة تشكيل مجلس سيادي
للعراق كوسيلة وطريق للخروج من الازمة
السياسية التي تعيشها البلاد. وفي حوار اجرته
معه قناة (الجزيرة) الفضائية مؤخراً أوضح سماحة السيد
المرجع ان المجلس السيادي المقترح يتألف من خمسة أعضاء
ثلاثة دائمين هم: كبير علماء الشيعة وكبير علماء السنة
وزعيم كردي إلى جانب رئيس جمهورية ورئيس مجلس الشورى
وهما يتعينان بالانتخاب.
من جهة أخرى طالب سماحة السيد
المرجع بكتابة دستور العراق بايدي عراقية وعبر لجنة
منتخبة من قبل الشعب مباشرة ثم يعرض على الشعب نفسه،
محذراً من اي دستور يفرض على الشعب بقوة السلاح سيواجه
الرفض من قبل ابناء الشعب العراقي. وصرح سماحته
بمعارضة اي نوع من الفيدرالية في العراق
والمناطق الشمالية تحديداً بسبب وجود هاجس
التجزئة والتقسيم في البلاد.
وعلى صعيد الشارع العام دعا سماحته الى وضع أطر
للحريات الموجودة، وان رافق ذلك بعض المشاكل
لكن ذلك- يقول سماحته خير من ان تتجاوز هذه
الحريات حدودها تحت اي مبرر كان، وواضح
سماحته بان يرفض كبت الحريات وقال: ان كبت
الحريات سيولد التوتر المستمر.
وعن دور العلماء اشار
سماحته الى انهم لابد ان يتمتعوا بقوتين: التمسك بالدين
وقوة الانفتاح على الحضارة، كما ان العلماء اثبتوا انهم
عامل استقرار، وعليهم اضافة الى هذا الدور ان يقوموا
بدور التنوير والتثقيف ويكونوا محور التقاء وتكامل
المجتمع العراقي، ويمتصوا الحالات الحزبية وظواهر
التفرقة والتعصب. |