التعامل مع المجال المعلوماتي فن يحتاج لبذل
تفكير عال ودقة متناهية وأجهزة الإعلام الطموحة التي يهمها أن تنال
أعجاب واحترام متلقي برامجها المنوعة المبثة أو المدونة هي تلك التي
تضم بين فريقها الإعلامي من يجيدوا فن التعامل مع الخبر بطريقة فائقة
التشويق بحيث تستطيع أن تدفع الأخبار العادية إلى مواقع الاهتمام
الشديد بها من قبل الجمهور المتلقي لها.
وبديهي.. فإن حدود نشر الخبر المقترن أحياناً
بإمكانية صنع الخبر الإعلامي من نقطة إشارة متواضعة أو حين لا يكون
هناك أصلاً أي إشارة تصلح أن تكون خبراً وربما خبراً مثيراً للاهتمام
وإذ يلاحظ أن تقديم حتى الأخبار الصحيحة الواقعة تقدم أحياناً بأسلوب
إنشائي فهذا ما ينسف بعض الفرص التي تجعل من التواصل الإعلامي مع
الجمهور المحدد تكون غير موآتية. حيث أن بعض الأخبار تحتاج أن تعزز
بشيء من التحليل بعد أن دخل هذا العصر مرحلة المعلوماتية التي يتطلب
التثقيف بها من باب نشر الحقيقة الموضوعية وليس لأي اعتبارات سلعية رغم
أن ما يخشى على المعلومة الراهنة أن يتم التعامل معها – كما يفعل البعض
– بكونها قد أصبحت كأي سلعة يتحكم بها شرطا العرض والطلب.
وطبيعي فإن المناخ المعلوماتي الصحيح والخال من
عقد أو مزاجات مفروضة على الغير يمكن أن يوفر الكثير من القناعات
بـ(الإعلامية التي تتبناها).
ومعلوم أن تبادل التقنيات والخبرات الإعلامية
بين العديد من الدول هو موضوع يؤدي إلى الاعتماد على معلومات يحصل
عليها جراء عملية التبادلات الإعلامية وبالذات ما يتعلق بها بـ(الأخبار
السريعة) التي يعتمد بثها أو تدوينها على معايير موضوعية وعادلة كما
يفترض ذلك فليس كل خبر هو خبر صالح للبث أو النشر.. وما سيساعد على ذلك
بجانب من طريقة التعامل مع المادة الإعلامية – تحت اليد – ما تم
اختراعه مؤخراً إذ تم اختراع جهاز جديد يشجع على إعادة استخدام الورق
المطبوع سابقاً وذلك لأن تقنية الجهاز الجديد ممكن أن تمسح الكتابة
المطبوعة على الورق إذ سيفسح ذلك إمكانية الاستفادة من التطورات
التكنيكية الحديثة من الناحية الاقتصادية المتعلقة بعملية تبادل
المعلومات حيث يفقد الحبر لونه عند معالجته في ماكينة – مسح الحبر –
التي تعرض الحبر لدرجة حرارة تصل إلى (140) درجة مئوية.
وطرفا تبادل المعلومات ليس ضرورياً أن يبقى بين
الإعلاميين كـ(مؤسسات حكومية) أو (مؤسسات أهلية) بل إن الوقائع
الإعلامية منذ بدايات ظهورها وحتى تعميمها تعتمد في الكثير من نتاجاتها
على الناس العاديين الذين يملكون أحياناً معلومات يفتش عنها الإعلام
الجيد وبذا يصبح الجمهور المتلقي للإعلام مجهزاً للمعلومات المجانية
لحساب بعض الأجهزة الإعلامية من حيث إبداء مساهمته سواء العفوية التي
يحصل عليها منهم الصحفيين أو المراسلين (كمقابلات وغيرها) مع أن النظرة
الإعلامية العامة تتعامل مع الجمهور باعتباره جمهور متلقٍ لما يقدمه
الإعلام إذ يمتاز هذا النوع من التبادل المعلوماتي بعفوية غالباً ما
تبدو غير محسوب لها أي حساب أو توقع.
ناهيك أن بعض المساهمين أو المشتركين كـ(ضيوف)
على بعض برامج الإعلاميات التي تتطلب مستوياً معيناً لإبداء آراء و
تصريحات حول حدث أو حادثة معينين يغلب عليهم الاعتقاد أنهم طرف مهم في
الإعلام وليس بالضرورة أن يكونوا عاملين في حقل الإعلام. لذلك فإن
التبادل بالإعلام كان أحد أهم المواضيع الذي طرح في لقاء (القمة
العالمية للمعلومات) الذي عقد مؤخراً في جنيف بسويسرا بحيث قدمت فيه
وثيقتان الأولى حول (حرية تبادل المعلومات) والثانية حول (استقلالية
وسائل الإعلام) وقد حضر اللقاء الذي استمر ثلاث أيام وفود يمثلون (175)
دولة وزهاء (850) منظمة وهيئة حكومية وغير حكومية كان بينهم (60) رئيس
دولة وصلوا إلى مدينة جنيف لحضور القمة التي رعتها هيئة الأمم المتحدة.
إن مجتمع المعلومات وهذا ما ينبغي أن يكون عليه
المجتمع البشري في مرحلة راقية لوعية قادماً هو ضرورة تبادل المعلومات
لأجل الفائدة العمومية أن يكون جديراً على احترام حرفية التعامل مع
الإعلام بحيث تجتاز حاجز الفشل الظاهر أحياناً على البرامج الإعلامية
أو المواد الإعلامية المعروضة من باب تقليص الهوة بين الإعلاميات
وجمهورها ولعل من أول غايات نهج تبادل المعلومات هو التصدي الموضوعي
لـ(بث السموم) المعلوماتية التي تهدم أكثر مما تبني بعد أن ثبت أن
الإعلام السلبي كان طرفاً في تلطيخ سمعة العديد من الشخصيات والرسميات
في البلدان العربية والإسلامية وبمعنى آخر فإن تبادل المعلومات دون
توفر مبادئ حية في نشر المعلومة لا يمكن أن تمر بسلام في كل مرة وتجارب
التصدي الإعلامي أثناء المناوشات الإعلامية ما تزال متقدة في الذاكرة
فكم هم الإعلاميون المعاصرون الذين يمقتهم الجمهور المتلقي؟!
وبعد إطلاق الأسئلة المستفسرة عن بعض وقائع
الأحداث الساخنة والإجابات المستحصلة عنها إذا ما رافقها تحليل إيجابي
يلاحظ أن مؤشر الخطر يثير بعض أجهزة الرقابة السلبية التي تعتقد أنها
تستطيع اغتيال الحقائق إينما تواجدت في بلدانها ومثيل هذا الهاجس الذي
يقمع ممارسات الديمقراطية ولو بأبسط أشكالها الذي هو تعبير عن رأي
تبادلي عادي يجعل الجمهور في حالة تباعد نفسي أكثر مع الجهة التي
يمثلها الرقيب أو جهاز رقابته وهذا ما يستدعي إلى ضرورة إطلاق حرية
تبادل المعلومات فالناس متعطشون بمعرفة ما يدور حولهم ويريدون الوقوف
على كل المؤثرات التي تخص ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم على حد سواء. |