الانطباعات المحافظة المستخلصة من تجربة النمط
المتعلق بحياة المرأة الغربية هو موضوع ذو شجون حقاً وما يلمس من وضعها
الاجتماعي فيه من الدروس لكل فتاة وامرأة في العالم غير الغربي ما
يجعلهما أكثر تمسكاً بالأعراف والتقاليد التي تحفظ كرامة خلق النساء.
إن المرأة الغربية في الحياة هي حتماً غير تلك
المرأة التي نراها على شاشات السينما والتلفزة فالأفلام هي قصص مكثفة
لمظهر امرأة تقتضيها فصول القصة أن تظهر بها وفقاً لصورة فنية معينة
وتلك ما معروف أحد أهم غاية (في الفن) الذي يجد في مسألة التوصيل
والمقصود هنا – توصيل الفكرة – أساساً للمخاطبة والحوار بمعنى أن صورة
المرأة الغربية في وسائل الإعلام على اختلاف مجالاتها المرئية
والمقروءة وربما المسموعة فيها ما يمكن ربطها بأن شركة الحياة السوية
بين المرأة والرجل المسنودة بعقد زواج رسمي يشكلان به أسرة موحدة يعتبر
من الأمور التي لم يعد المجتمع الغربي يؤكد عليها كثيراً.. نظراً لأن
هامشية العلاقة بين المرأة والرجل أمست هي السائدة في عموم المجتمعات
الغربية وكأن المرأة قد كتب عليها أن تؤدي دور الخليلة مع رجل ضمن
علاقة ليس فيها أكثر من حالة الإرضاء بينهما وثم العيش تحت سقف سوية
كيفما اتفق ولعل تعميم مثل هذه الحالة التي كانت مستهجنة يوماً ما على
المجتمعات الغربية تكاد اليوم أن تصبح تقليداً ثابتاً ومحبذاً ولا يجوز
المساس به.
وظاهرة رفيق المرأة في الحياة أن يكون (صديقاً
أو زوجاً) بما لا ينظر لوجود فارق بينهما في درجة الصلة بين المرأة
والرجل قد شجع على اعتبار مفهوم الزواج الشرعي القائم على سنة الديانة
السماوية هو نوع من علاقات الماضي في نظر جمهرات غربية تضم الرجال
والنساء معاً.
إلا أن وجود اتجاهات غربية إصلاحية جديدة التي
تعرب عنها بعض النساء الغربيات وبقوة قد دفعت لإجراء معالجات نفسية
واجتماعية لتلافي ما تأتي به العلاقات غير الطبيعية المجيرة تحت خط (حق
ممارسة الحرية الشخصية) وهو حق مزعوم تدفع ضريبة مآسيه على الغالب
المرأة أكثر من الرجل، وبذا فإن تفسير كلمة (الحرية) كل حسب موقفه من
المرأة ونهجه في الحياة يجعل من هذه الكلمة معنى آخر يترجم في أحد
معانيه التي تنكر أن تكون تلك الحياة ذات (حرية فعلية) بمعناها السامي.
ففي دراسة إحصائية قام بها مكتب الإحصاء الوطني
البريطاني مؤخراً توصل إلى: (أن فارق العمر في أكثر من نصف حالات
الزواج تكون المرأة أكبر سناً من الرجل بما لا يقل عن خمس سنوات، وحسب
إضافة أوردها استطلاع الدراسة ذاتها: (إن أحد الأسباب الرئيسية لهذه
الظاهرة هو أن بعض النساء عندما يتقدمن في السن ويردن الإنجاب ينجذبن
أكثر إلى صغار السن من الشباب لما يتمتع هؤلاء به.. من قدرات إنجابية
جيدة إضافة لذلك أن النساء في أواخر الثلاثينات والأربعينيات من عمرهن
يصبحن أكثر استقلالية من الناحية العاطفية والاقتصادية يصبحن أكثر
استقلالية من الناحية العاطفية والاقتصادية وأكثر انسجاماً مع أنفسهن
في متطلباتهن... وهذه المزايا في المرأة يجدها الشباب عوامل جذابة
وجاذبة لها، وما خلصت إليه الدراسة الآنفة أيضاً: (أن نسبة النساء
المتزوجات من الشباب (كزواج أول) قد ازدادت أخيراً من (13%) إلى (20%)
وأن فارق العمر لم يعد بتلك الأهمية، لا داعي لأن يكون الرجل أكبر من
المرأة من أجل إعطائها الطمأنينة والأمان الاقتصادي لقد أصبح الزواج
مبنياً على التساوي في العلاقة).
ولعل من أحد تفاسير توجهات المرأة الغربية إلى
من هو أصغر منها سناً لعقد زيجة معه في وقت متأخر من وعيها حول (قيمة
الزواج) وبعد أن تمر بعدة تجارب عاطفية فاشلة أو غير جادة ولا يمكن أن
تنتهي بزواج طبيعي هو السبب الذي يقف وراء مثل تلك الزيجات التي عادة
ما تتحكم فيها المصلحة الشخصية سواء عند المرأة الكبيرة السن أو الشاب
الأصغر منها سناً الملتحق بها كـ(زوج) اضطراري – إذا جاز التعبير بهذا
الوصف –
إن الحضارة المادية في الغرب قد استطاعت بمقدار
ما إن جعلت الرجل الغربي يغير انطباعه حول ما يعنيه مفهوم (العفة) عند
المرأة فبعد أن أغواها برضاها فسر ذلك وهي معه أن ممارسة ضمن نطاق
الحرية الشخصية وبقدر ما أيدها الرجل بذلك استسهل أن تكون لنساء بيته
الحق في إقامة علاقات مماثلة من ذات النوع مع رجال غرباء ولما أصبح
تعميم علاقة المرأة بالرجل ظاهرة اجتماعية غير خافية على أحد أضطر
المفسرون أن يعفوا الجسد المدني عند المرأة (وهي الطرف الضعيف في
علاقتها مع الرجل) من أن يكون جسداً غير عفيف إذ حصروا بهذه المرة
تفسير مصطلح (العفة) على كونه مصطلحاً (معنياً بصدق كلام المرء وأمانته)
وليس أكثر من ذلك فالجسد ليس له أي علاقة بموضوع العفة!! أو هكذا ما
يحاول دعاة الفكر في المجتمعات الغربية الصناعية لإقناع به، مع أن ذلك
يتنافى من حيث الحوار مع الذات وفطرة المرأة ذاتها عبر هذا الطرح
المؤثر سلبياً على سعادة المرأة الحقيقية والاعتداد الحقيقي بنفسها
فتشعر وكأن مجتمعها الغربي ذاته قد أفقدها حلمها المشروع في أن تكون
زوجة سعيدة لرجل واحد بعيداً عن أي زلل يمكن أن يسيء أو يقلل من شأن
صفة فطرتها. |