الوراثة تعني انتقال بعض خصائص الأهل لأولادهم
والتي هي عبارة عن خصائص ظاهرة أو قدرات خفية قابلة للانتقال إلى
الأجيال اللاحقة.
وما زال الجهاز الوراثي الممثل بالحمض النووية
(DNA RNA) يحمل إلينا الجديد المدهش المذهل بما يقرره من صفات وأمراض
وعلل، وهذه الأيام يقول لنا العلماء أن الأولاد سواء من الذكور والإناث
لا يرثون الصفات بالتساوي من الوالدين، بل إن بعض الجينات من الوالد
مثلاً تسكت وإن دخلت جهاز الطفل. يرث الولد جين الوالد لكن يبقى صامتاً
وتتكلم جينات الأم، وهكذا شاءت الأقدار أن يكون الذكاء موروثاً من الأم
فصدق النبي (ص) عندما حذّرنا من تزوج المرأة الحمقاء والمرأة ذات
المنشأ السيء.
وعملية الدمغ الجيني تعني ما يرثه الوليد من
والديه من جينات تؤثر في كيانه الظاهر وصحته البدنية وسلوكه وذكائه. أي
بالرغم من أن الطفل يرث الجينات من أمه وأبيه بالتساوي إلا أن الأثر
الذي تحدثه بعض الجينات غير متساوٍ، فمثلاً جين الأم للذكاء هو المؤثر
في ذكاء الطفل إلى حد كبير يفوق ما يعطيه الأب لنسله.
والذكاء صفة معقدة مركبة من الموروث ومن المقتبس
أي إن الإنسان ابن تربته (جين) وتربيته (البيئة) ويختلف العلماء في
مقدار ما يقدمه كل عنصر لكن يبدو أنهما متساويان.
ولكن أثر الجينات في النسل غير متساو وإن تساوت
الجينات الموروثة من الوالدين.
والدمغ يشير إلى عملية التأثير وليس عملية
التوريث، صحيح أن الفروق معروفة بالنسبة للجينات المركبة على كروموزوم
الأنوثة والتي يرمز إليها بالحرف (X) وغيرها من الجينات على كروموزم
الذكورة الموسومة بالحرف (y) بعض الأمراض يرثها الأبناء دون الإناث مثل
عمى الألوان وسيولة الدم لأن جيناتها محمولة على كرموزوم الأنثى،
والذكر لا يرث إلا كرموزوم واحدة مرقومة بـ(X) وهكذا إذا كان الأب
مصاباً بعمى الألوان واقترن بامرأة غير حاملة للجين المعطوب عندئذ لن
يصاب صبي بالعمى، أما إذا كانت المرأة حاملة للكروموزوم (X) ومصابة
بالعمى لأن كليهما معطوبان وتزوجت رجلاً غير مصاب فإن كل الصبيان
سيصابون بالعمى للألوان.
أما البنات فلن تصبن إنما ستحملن جيناً واحداً
مصاباً، وهذا لا يكفي إذ ينبغي أن يكون جين على كرموزوم (X) من الذكر
وجين على كروموزوم (X) من الأم معطوبين لتصاب الأنثى بالعمى، ولكن لا
داع لزعل الرجال وقلقهم حيال ذلك لأن الذكاء الموروث هو نصف الذكاء
العام، أي أن البقية تأتي من اثر المحيط والتربية ولاسيما الوالد، ذلك
أن الأطفال يميلون إلى التمثل بالوالد، فيجب على الوالد أن يوفر
لأولاده من صبيان وبنات ما ينمي الخلايا العصبية كتوفير الألعاب والكتب
المفيدة والرحلات والأمور المثيرة للدهشة وحب التطلع والفضول، وتشجيع
الأسئلة بدلاً من التأفف كما هو العادة.
وفي النظرة الإسلامية المتكاملة لا ينبغي إهمال
دور أي واحد من الوالدين والتنبه الحذر من المحيط والسعي لجعله صالحاً
تمهيداً لدخول الطفل في أجوائه واختيار البيئة المناسبة للطفل، فإن
الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق. |