يمكن إدراج ما يهدد حياة المرأة المعاصرة من
مخاطر تطغى إنسانيتها إلى شطرين رئيسيين شطر يتعلق باختياراتها وشطر
تأثري يريده المجتمع الذي تعيش في كنف تقاليده وأعرافه وفروضه أحياناً.
إن رصد القضايا الآنية للمرأة تدور حول محورها
الرئيسي (العفة) الذي يجب أن يبقى نقطة الارتكاز التي تفتخر بها كل
امرأة عفيفة التي تشترك في صفتها غالبية النساء في المجتمعات المحافظة،
وبالذات المجتمعات الشرقية الإسلامية في المرحلة الراهنة، وإن هناك نوع
من الحوار الصامت بين التجمعات النسائية هو أن يقر كل مجتمع استصدار
أعراف أو أمور تصلح أن تكون بمثابة أعراف ثابتة مع مرور الزمن تؤكد على
فك أسر ما يعترض الزيجات الشرعية من معوقات لا تبدو كونها تشكل تلك
العوائق أمام الراغبات بالزواج عبر إيجاد الشريك المناسب الذي ترضى به
الفتاة فغلاء المهور وارتفاع تكاليف المعيشة هما سببان أوليان لمشاكل
عدم إتمام الزواج فقد أثبتت التجارب المستمدة من الوقائع الاجتماعية
السائدة في المجتمعات العربية – والإسلامية على وجه العموم أن الرغبة
في الدخول إلى بيت الزوجية عند الشبيبة من الجنسين مسألة لا تحتاج إلى
من يبرهن عليها.
لقد خاضت المجتمعات العربية والإسلامية جدلاً
واسعاً حول مسألة المهور وضرورة أن تكون رمزية إذ أن تسهيل مسألة
المهور سوف تتاح منها فرصة اختيار الزوج من قبل الفتاة فرصة حقيقية ولا
تجاري فيها أن تعلن قبولها بالمتقدم لطلب يدها على اعتباره يتمتع
بامتياز إمكانية دفع المهر المطلوب بصيغة أرقامه غير المحبذة كما هو
جار بهذه الأيام ففي ليبيا مثلاً وهي بلاد عربية – إسلامية فإن معظم
أرباب العوائل يطلبون أن لا يقل مهر إحدى فتياتها عن (كيلو ذهب خالص)
ولا أحد يدري من أين وكيف أتى هذا التخصيص لهذا المقدار من الذهب.
ويحتدم الخلاف حول فهم هذه المرحلة الاجتماعية
فالفتيات اللائي يستمدن ثقافتهن من أجهزة الإعلام وبالذات برامج
التلفزة والمجلات النسائية يعشن أحلاماً وردية مع الشريك المجهول الذي
سيأتي لكل واحدة منهن وينقلها معه على ظهر حصان أبيض إلى حيث السعادة
في بيت الزوجية – الحلم – لكن سرعان ما يفقن أن هذا الخيال يكاد يكون
من رابع المستحيلات في زمن مادي هو ليس ذلك الزمن الذي كانت فيه الروح
هي التي تشكل الدافع الحقيقي للاقتران بمن يقع الاختيار عليها من قبل
الشباب.
وإذا كانت هذه الحال تشكل نسبة من الصدمة جراء
سعي غالبية الشباب الذكور اللاهثين وراء الصيد السهل لبعض الفتيات غير
الواعيات تماماً ممن يقعن في أسر الكلام المعسول لذاك النوع من الشباب
المنفلتين عن الضمير والشرف فيقعن في شباكهم الفاسدة في ظل أوضاع يشكل
الانفتاح الكلي أو النسبي فيها عاملاً للوصول إلى تلك الحالة المزرية
التي تدفع ثمنها المرأة من عفتها وسمعتها ومستقبلها بل وآخرتها.
ومن إفرازات الحياة المعاصرة التي تمهد لإفساد
الفتيات حين تضطر العوائل المحتاجة إلى تشغيل بناتها في أماكن تشوبها
بعض ذئاب الرجال من المصانع والمحلات والأماكن العامة أو الخاصة وخاصة
العمل الليلي الذي يستمر إلى وقت منتصف الليل تقريباً حيث يتعرضن
للتحرش ومحاولات الإغواء لهن، وكم تتناقل القصص عن وعود إتمام الخطبة
لأجل الزواج من فتاة ثم يتراجع الشاب وينسحب بحجة أو لا حجة وإذا ما
كررت علاقة العمل أو الانفتاح بين الفتاة وفتاها وآلت مرة ثانية أو
أكثر وبالذات في المجتمعات الصغيرة فإن اسم الفتاة سيظهر على قائمة (الفتيات
غير الطبيعيات) وهذا ما يفقدها الثقة بنفسها لذلك يلاحظ أن أكثر
الفتيات الذين قبلن مجاراة الفساد مع الشباب هن من تلك الشريحة اللائي
يعتبرن الزواج مسألة حظ لا يأتي لكل فتاة.
لعل الحوار الغني عن أوضاع المرأة وما تتعرض له
من منغصات تصل حد المأساة أحياناً مسألة تبعث على الشفعة على ما آلت
إليه مصائر جمهرات من النساء العفيفات فقد تغيرت صورتهن، ولم تعد أي
منهن تصلح أن تكن نموذجاً يقتدى به كما كن قبل أن يقعن في فخاخ الرجال
الأنذال.
لا شك أن الواقع الاجتماعي في العديد من البلدان
العربية والإسلامية قد أحل كثيراً من المحرمات ففي الوقت الذي تكثر فيه
الدعوات لاعتبار عودة المرأة إلى البيت هي عملية تستهدف هدم المجتمع
برمته لم تطالب تلك الدعوات على حماية حقيقية للملتحقات بالأعمال
المختلفة بحجة أن هناك قوانين في كل بلد تحاسب المخالفين والمخالفات
للأعراف والتقاليد وينسون أن مثل هذا الطرح يشجع على أن تكون عمليات
الإغواء للنساء هو أمر لا مفر منه وسوف لن يستطعن الدفاع عن المعنويات
التي فقدنها جراء أي علاقة مع الرجل التي غالباً ما تنتهي بفوز الرجل
الذي لا يخسر شيئاً من إقامة أي علاقة مع المرأة في حال غاية استهدافه
السلبي أو غير الجاد لها.
وفي الغرب حيث فشلت حالة الانفتاح الاجتماعي بين
الجنسين وأدت ضمن خلاصتها إلى ضياع المرأة ووصول حالتها المعنوية إلى
أدنى مستوى يمكن الإشارة إليه ففي ألمانيا طالت الضرائب الرسمية جيوب
بائعات الهوى إذ وصلت حصة الخزينة الألمانية بما لا يقل عن (ملياري
يورو) من ضريبة الدعارة من المواخير المجازة.
وفي سويسرا يوجد قانون هو (قانون الإجهاض
السويسري) وقد صدر سنة 1973م وهو يعد من أقدم قوانين الإجهاض التي ما
تزال سارية في أوربا، وينص القانون على معاقبة أي امرأة تقوم بإجهاض
نفسها عمداً أو تكلف شخصاً بإجهاضها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات،
وسداد غرامة مالية ضخمة وتشير الإحصاءات الموثقة بتاريخ 6 تشرين الثاني
2002م لدى موقع الانترنيت (B.B.C.ARABIC.COM) وهو موقع بريطاني تبثه
الإذاعة البريطانية من لندن إلى أن التقديرات توضح إلى أنه: (في كل سنة
تجري بسويسرا زهاء (130) مائة وثلاثون ألف عملية إجهاض، رغم أن القانون
يجرّم الإجهاض باستثناء الحالات التي يمثل فيها الحمل مخاطر صحية شديدة
على المرأة، وتلك هي الحرية الوحيدة المتوفرة للمرأة الغربية حيث تمارس
كل ما يمس روحيتها ومعنويتها وكأن ذلك أمر طبيعي مع أن ذلك يشكل عبأً
داخل نفس كل امرأة منهن وينافي مشاعر فطرتهن وخاصة حين تخلو الواحدة
بنفسها. |