برزت ندوة تعالج واقع البلدان المتأخرة ومنها
البلدان العربية بعنوان نحن والعالم 2004 باعتبار أن القرن 21 ليس
أمريكياً لكنه جنوبي وينبغي فوراً مضاعفة العلاقات مع آسيا وأمريكا
اللاتينية وأفريقيا.
وأظهرت الندوة أهمية المؤتمر الذي سينعقد في
القاهرة لتعمير السودان، وفي مارس ستشهد تونس قمة عربية بالغة الأهمية
للاتفاق على صياغة نهائية لتطوير العمل العربي المشترك والجامعة
العربية وفي مايو ستشهد البرازيل أول قمة عربية – لاتينية.
وأكدت الندوة على أهمية أن تعرف مع من نتعامل
وخاصة أننا نتعامل مع دول وشركات لها مصالح خاصة يحكمها الربح ولا
تهمها السياسة إلا إذا كانت مفيدة لها وتحقق الربح وهذا الرأي مدعوم
برأي الاتحاد العام للاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية،
الذي يضم كل أجهزة مخابراتها للتنسيق بينها ويصدر مجلة علمية... ونشرت
أن الاتحاد ينشغل الآن بموضعين أساسيين:
1- عن سياسة الولايات المتحدة وماذا تكون عليه
بعد نهاية الصراع العربي الإسرائيلي وفي مرحلة السلام؟ وتطرقت الدراسات
التي جرت إلى نظم الحكم في الدول العربية ومستقبلها والقوى السياسية
الموجودة والمحتملة، وقال البعض أن التيار الإسلامي سيبرز وتحدث البعض
ضد هذا التيار وتحدث البعض الأخر مثل رئيس مخابرات في سلاح الطيران
فقال عن الإسلام ومزاياه ومحاسنه قد يعجز عالم أزهري عن شرحه... أما
الموضوع الثاني فكان عن مستقبل القوة الاقتصادية الأمريكية وفي بحثهم
لها أخفوا ما أخفوه ونشرو عبر الانترنيت بعض بنود وتساؤلات طلبوا الرأي
فيها.. وفعلاً جاءتهم رودود عديدة من خبراء وقالت لا تعتمدوا كثيراً
على قوة الولايات المتحدة الاقتصادية في تنفيذ السياسة الخارجية
الأمريكية، فإن النشاط الاقتصادي يتحرك إينما وحسبما يكون الربح أن أهم
سلاح للولايات المتحدة في المنافسة الدولية هو حجم السوق بداخلها كقوة
استهلاكية حجمها 280 مليون نسمة، ولذلك فإن فكرة الوحدة الأوربية هي
وجود سوق متقدمة وغنية وأكبر حجماً من السوق الأمريكية، ولذلك تحرص
أوربا على ضم الدول العشر لأوربا لتوسيع سوقها، وهذا يخلق نزاعات بين
السوقين الأمريكية والأوربية... ولكن أيضاً يجعل كلاً منها حريصة على
الأخرى لأنه إذا حدث انهيار في واحدة منها يؤثر سلباً على الأخرى...
أما عن بقية العالم فإن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية للدول
الصناعية، ومقرها باريس أجرت دراسة مستقبلية للنظام العالمي سنة 2020
وخلصت إلى أنه ستظهر خمس دول عظمى هي – روسيا، الصين، الهند، اندونيسيا،
البرازيل، ومثلاً فإن الميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة
يؤكد وجود 120 مليار دولار فائض لصالح الصين فإنها تصدر سلعاً عديدة
للولايات المتحدة من منسوجات وغيرها بل وتصدر أجهزة الكمبيوتر
والتلفزيون... وهذا يجعلنا نقول أن الدول النامية مثلاً إذا عملت بجدية
سيكون لها مكاناً في السوق العالمية ولن تبق في سلة المهملات!!
ومثال آخر الهند هي ثاني مصدر عالمي في مجال
السوفت وير الخاص بالكمبيوتر وفي العام الماضي صدرت بما قيمته ثمانية
مليار دولار كما أنها أقامت مراكز علمية عديدة لتشغيل الكمبيوتر فكان
أن اصبح بها عدد ضخم من الهنود الفنيين المختصين ببرامج الكمبيوتر إلى
حد أنها أصبحت البلد الوحيد في العالم الذي توجد به بطالة بين هؤلاء
الفنيين والى حد أن الرئيس الألماني شرودر طالب من البرلمان استثناء في
قانون الهجرة والإقامة الجديدة، لاستقبال عشرين ألف فني هندي، من
الجنسين، للعمل في ألمانيا... إن الهند بهذا تقدم معونة فنية لدولة
صناعية كبرى مثل ألمانيا أيضاً فإن البنك الدولي عهد إلى شركة هندية
مقرها في بومباي لتتولى إدارة حسابات البنك.. أيضاً شركات الكمبيوتر
العالمية الكبرى مثل مايكروسفت (بيل غيتس ) تخلت عن فكرة تصنيع كل
المكونات بنفسها، وأصبحت تستعين بدول مثل الهند وكوريا لتصنيع المكونات
وإرسالها للتجميع في مصانع الشركة الكبرى.. مستفيدة من التقنية
العالمية والأجور المنخفضة ولهذا أصبحت الهند هي الدولة التي تحوز
النصيب الأكبر من الاستثمارات في العالم.. بينما لا تزال دولة فقيرة
ومتوسطة الدخل للفرد فيها نحو نصف متوسط دخل الفرد في مصر ويوجد بها
200 مليون فرط تحت خط الفقر و500 مليون يشكلون الطبقة الوسطى.. مما شكل
سوقاً ضخمة وخلص إلى استنتاج فإن آسيا تتقدم، وأمريكا اللاتينية تتحسن،
وليس هناك منطقة منحوسة؟! سوى أفريقيا والعالم العربي!!؟
والنقطة الأخيرة هي أن التحالفات الدولية قد
تغيرت.. وإذا كان القرن التاسع عشر قد كان أوربياً.. والقرن العشرين
أمريكياً فإن القرن برأي بعضهم سيكون قرن آسيوياً بمعنى بروز دول وقوى
من بين دول الجنوب مثل الهند واندونيسيا والصين من آسيا (إضافة إلى
تقدم ماليزيا وغيرها) ودول مثل البرازيل في أمريكا اللاتينية إضافة إلى
تقدم فنزويلا والأرجنتين، وهي دول جنوبية؟ وفي هذا الإطار أضافت الندوة
يظهر حدثان جديدان هما تشكيل لجنة ثلاثية تضم الهند والبرازيل جنوب
أفريقيا، باتفاقية تعاون ولممارسة تقديم مساعدات للدول الصغيرة..
والتطور الذي حدث في البرازيل وهي دولة صناعية كبرى في العالم، وعن
أهمية الندوة في التفكير مستقبلاً وتحليل الظواهر الناضجة التي تبرز...
والدروس الأساسية المستخلصة والتي يجب أن ندافع عنها:
1- لا تقدم ولا نمو ولا تنمية في أي مجال بدون
ديمقراطية.
2- التكامل الاقتصادي العربي والوحدة العربية
ضرورة للمستقبل وليس باسم أمجاد الماضي – فما بالك إذا كنا قد حبانا
الله سبحانه بلغة واحدة، وهذا مهم فإن اللغات متعددة في أوربا ولذلك
تصل تكاليف الترجمة فقط في بروكسل مقر الاتحاد الأوربي نحو ثلث ميزانية
الاتحاد!؟ رغم أنهم اعتمدوا 11 لغة فقط وليس 15 لغة.. بينما لدينا لغة
واحدة.. وقواسم مشتركة وعديد مما يجمع بين العرب أكثر بكثير مما يفرقهم...
وخير لكل بلد عربي التفاوض مع الآخر باسم 230 مليون عربي وليس فقط باسم
عدة ملايين.
وفي مناقشة موضوعات المذكورة أشار باحث متطلع
يقول أني لا أوافق على أن الاقتصاد هو عصب الحياة – إنما الإنسان هو
عصبها وتدخل في تكوينه عوامل متعددة، الفكر الثقافة والتعليم وعادات
اجتماعية أخرى... وحول جواب للسؤال نحن والعالم، فأنني أقول من نحن ومن
هو العالم الذي نقارن أنفسنا به ويؤسفني أن أكون متشائماً بعض الشيء
بالنسبة للإنسان مثلاً (المصري) فهو يفتقد إلى التعليم الصحيح
والاختيار الحر ومثله العربي.. والأفريقي وأذكر ما قاله الدكتور محمد
كامل حسين فقد كان يقول نحن والعالم، هم كركاب الطائرة... ونحن كركاب
الحمير وركاب الطائرة أمانهم في الحركة بينما ركاب الحمار أمانهم في
التوقف! أما عن عالم المتخلفين وهو نوعين: نوع يحاول النهوض والتقدم،
ونوع خامل فقد حتى الرغبة والإرادة، ثم هناك مرض استبدال الواقع
الحقيقي الإنتاجي بالشعارات، فمثلاً نحن نقول عن حاجتنا إلى الثقافة
فيتبارى أصحاب المصالح في إنشاء جامعات ومعاهد ومراكز للتقنية ليس فيها
شيء منها.. لكنهم أفقدو التقنية لمحتواها.. وهكذا يحدث الكثير نتيجة
مرض رفع الشعارات الذي يبطل المفعول ويحيط القادرين على العمل أو تأتي
بعد ذلك إلى الثقافة، وهي قد تجمع إذا التزمت الأسلوب الصحيح وقد تفرق...
إذا صاحبها التعصب وإذا تشوهت. |