(... حتى نفهم نحن معشر المربين من آباء ومعلمين،
الطفل – التلميذ كما يجب، لا بد من دمج التربية مع علم النفس بشكل
يتمخض عن هذا الدمج علم اسمه (علم النفس التربوي) حيث يستطيع أن يترجم
الأهداف التربوية العامة والخاصة إلى أسلوب المقومات السلوكية ضمن
عادات، ومهارات، وأفكار، ومعلومات، حتى يتيسر للمربي أن يفهم الطفل
التلميذ فهماً يساهم في جعله مواطناً صالحاً يساهم في بناء نفسه، ووطنه،
وعالمه.
نقرأ في (المقدمة) هذه الإشارات:
(في هذا العصر المليء بالتغيرات، يقف علم النفس
التربوي وجهاً لوجه أمام تحدي التغيير الثقافي والاجتماعي الذي يحدث في
كل مجتمع، ولقد غدا التغيير في وقتنا الحاضر، مقوّماً هاماً من مقومات
حياتنا المعاصرة. وهو يعم جميع نواحي حياتنا. فكل حادثة فريدة من نوعها،
لم تحدث كذلك تماماً من قبل ولن تحدث تماماً من بعد.
من هنا كان من الطبيعي أن يجد المعلم والمتعلم
نفسهما أمام معطيات جديدة لا بد من مواجهتها، والتكيف معها، خاصة في
المجالين التربوي والنفسي، فحياة الطفل – التلميذ عبارة عن سلسلة من
التغيرات يكون خلالها بعض المفاهيم، والاتجاهات، والعادات، والمعلومات
التي استقاها من تربيته داخل البيت وخارجه، وبما أن التربية هي هضم
المعلومات، والتجارب الضرورية للطفل والمراهق، فهي مدعوة اليوم – أكثر
من أي وقت مضى – إلى المساهمة في تغذية الطفل وتنشئته على قيم هادفة
ضمن إطار تربوي جميل، ثم صقلها وتطويرها كلما دعت الحاجة وعند الضرورة.
ونقرأ في الفصل الثالث (دراسة سلوك المعلم قبل
وأثناء خدمة التعليم) هذه الخلاصات:
(يفترض في علماء النفس التربوي – وهم المختصون
بدراسة السلوك الإنساني – أن يهتموا بعملية التعليم وكيفية نقل المعرفة
من شقها النظرية المجرد إلى حيز الاستعمال في الصف، بحيث تتناسب مع
مستويات، وقدرات، وحاجات، وميول التلامذة، وهذا يعني الاهتمام بالمعلم
الذي يلعب همزة الوصل بين التلامذة من جهة والمعرفة النظرية من جهة
أخرى. إذ عبره تتم العملية التعليمية – التعليمية وهو الذي يستطيع
ترجمة المعرفة النظرية ونقلها إلى التلامذة عبر أفضل الطرق والوسائل
الممكنة.
ثم نقرأ في الفصل الخامس (النمو النفسي... عند
الطفل والمراهق) هذه الاستدراكات:
تعتبر دراسة النمو النفسي عند الأطفال
والمراهقين أمراً في غاية الأهمية لعدد كبير من دارسي وباحثي علم النفس..
وبما أن للأطفال عالمهم الخاص، كان لابد من دراسة النمو النفسي عندهم
لأنها ضرورية لفهم الطفل الذي نتعامل معه. ولما كان الآباء مربين وجب
عليهم فهم أطفالهم حتى يتكيفوا معهم، ويساعدوهم في حل مشكلاتهم.. بأن
يهيئوا المجال الكافي كي ينمو نمواً نفسياً صحيحاً.
لقد أدرك الآباء اليوم – أو يجب أن يدركوا – بأن
الفروق الفردية أمر طبيعي بين الأطفال في جميع النواحي الجسمية،
والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، لذلك كان لابد من جعلها باباً يدخلون
عبره إلى أعماق الطفولة وفهمها.
كما نقرأ في الفصل السادس (النمو الروحي عند
الطفل والمراهق) هذه الدعوة التي تغني عن أي شرح.
يمكننا الحديث عن النمو الروحي عند الطفل
والمراهق عبر محورين أساسيين: الأول وهو المحور الأخلاقي، والثاني وهو
المحور الديني.
كذلك نقرأ في الفصل العاشر (التعلّم والتعليم
عبر تفكير جديد) هذه المفاهيم:
تمر نظريات التعلّم في الوقت الحاضر بحالة فوضى
واضطراب، ولم تحظ نظرية واحدة بموافقة عامة من جميع علماء النفس ويرجع
جزء من هذه الصعوبة إلى أن كل نظرية تميل إلى أن تكون نظرية دائرية...
وبالإضافة إلى هذا يظهر أن عالم النفس الأصيل ميال إلى أن يظهر نظريته
المختارة ذات جدوى، وعلى ذلك لم تجر إلا تجارب قليلة لتبين خطأ النظرية...
وأيضاً نقرأ في الفصل الحادي عشر (الذكاء
Intligense) هذه الانطباعات:
كثيراً ما نستخدم في حياتنا اليومية كلمة الذكاء،
ونطلقها على شخص سريع الفهم، فإذا عرضنا مشكلة صعبة على مجموعة من
الأشخاص، ووجدنا عدداً قليلاً منهم أستطاع أن يفهمها ويعطي الإجابة
الصحية لها، نقول عنهم أذكياء والواقع أن المعنى العام للذكاء معنى
لغوي ترتبط فيه الفطنة والحدس، وذلك في مقابل الغباء وهو بلادة التفكير
وتأخره.
ولكننا في هذا التفريق بين الناس إلى أذكياء
وأغبياء، لا تخدم الأسلوب العلمي كما يجب فهذا التقسيم غير صحيح بمعنى
القياس الحقيقي للذكاء والغباء، لكننا نستطيع التفريق بين الذكاء نفسه،
والغباء نفسه، تفريقاً نسبياً ضمن الخانة الواحدة. فنستطيع القول أن
فلاناً من الناس أذكى من فلان.. لذلك فهذا الفرق هو فرق في الدرجة لا
في النوع.
الكتاب:
علم النفس التربوي
للمؤلف:
د. توما جورج خوري
مواصفات
الكتاب: الطبعة الأولى
1406هـ 1986م.
(248) صفحة من القطع المتوسط.
الناشر:
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع (بيروت – لبنان) |