بداية يمكن القول أن الأحداث المفاجئة أو
اللامفاجئة يمكن أن تكون مدعاة وسبباً مؤثراً على الناس الذي يرون بأم
أعينهم شيئاً من تلك الأحداث أو يتيقنوا عبر الحواس الطبيعية بارتفاع
تلك الأحداث إلى مستوى المسؤولية أو إن أخفاقاً قد تسبب بزلزلة الأوضاع
التي تنتقل بصورة مؤكدة النفوس المعايشة معها أو مع أخبارها إيجاباً أو
سلباً.
الأحداث التي زلزلت نفوس مجتمعات برمتها ليست
قليلة في التاريخ الماضي أو المرحلة الراهنة أو ما ستكون بالمستقبل.
وليس من المبالغة في شيء القول أن الأحداث
العظيمة التي هزت النفوس على المستوى العالمي هي قليلة جداً مقارنة مع
كل ما حدث فثورات كثورة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) والثورة
الفرنسية التي رفعت أهم شعار لها هو – حقوق الإنسان والمواطن – كما جاء
في وثائقها المعروفة أحداث لا يمكن محوها عن الذهن البشري ففي ثورة
الحسين (ع) تجلى التحدي بأعظم صوره بين عدد من أفراد عائلته وأقاربه
ومريديه لم يتجاوز عددهم (المائة شخص) أما جحافيل جيش أثيم أقل إحصائية
عن اصطفافه تقدرهم بما لا يقل عن ثلاثون ألف شخص.
لكن التطورات السياسية في العهد الراهن والسنين
القريبة الماضية لم تخفى ما كان يرقى إلى اسم أو مستوى حدث عظيم في
عالم الجود بالنفس عند بعض الناس الذين وجدوا أنفسهم في لحظة زمن أنهم
قادرون أن يعملوا شيئاً لشعوبهم وأمتهم ويضحوا بكل غالٍ ونفيس من أجل
أن تعلو كلمة الحق في بلدانهم إلا أن ما يمكن الاعتراف به أن خفايا
كثيرة تزامنت مع أحداث معينة وارتبطت بها ما تزال طي الكتمان بعد أن
أضحت المواجهة بين الحق والباطل بين مد وجزر في معظم خطوط السياسات
المحلية والإقليمية والدولية وهذا ما يزيد قلق الرأي العام العالمي في
كل مكان قلقاً آخراً من نوع قابل لإحداث انتكاسات جديدة للتاريخ.
فمثلاً أن دعوة العنف في بقاع عديدة في العالم
اليوم تدعوا للتفكير الدولي العقلاني كي يتم التفكير بإزالة أسباب
ومسببات ذلك العنف إذ لا يكفي أن يوقف العنف مؤقتاً بضربة قاضية كي
يعود بعد برهة زمنية ثانياً كما حدث ويحدث في العراق الآن حيث تشهد
ساحاته نشاطاً إرهابياً من قبل أزلام النظام الصدامي الساقطين سياسياً
الذين وقفوا ضد حقوق وطموحات وحضارية الشعب العراقي بما لا يمكن نكرانه.
إن الطموحات المجتمعية بكل بلد في ظل ظروف
ديمقراطية.. مواتية يمكن حصرها بمعادلة بناء النفوس وبناء تلك البلاد
في ظل حكم دستوري تسهر عليه عيون الشعب وآداءات الحكومة وعلى أساس من
العدل المتناهي الذي ينصف فيه جميع المواطنين دون أي تمييز فيما بينهم.
وبعيداً عن كون التطلع السوي لكل إنسان واعٍ نحو
الوصول بالأمور لدى أي مجتمع طموح أن يجسد كون العدل سلاح الحكم والشعب
مصدر السلطات فيه.
وليس هناك على وجه الأرض شعباً دون معلم حتى إذا
ما خلا شعب ما من وجود منظرين أشاوس يعملون لأجله بتطويع السياسات
لصالحهم وصالح بلادهم فإن أي شعب من هذا النوع أضحى يتطلع إلى ما تقوم
به شعوب آخراً فيتخذ منها أو من أحداهما معلماً كي ينتهج ما انتهجه في
عالم السياسة الواسع والغريب و القاسي أيضاً.
كذلك فإن أخطر ما يواجهه أي مجتمع بشري في هذه
المرحلة السياسية هو من يحاول أن يوقد نار الفتنة بحجة التغيير في أي
بلد ممكن توهيج أنواره السياسية عبر سياسات الحوار. إذ أن الإعلاميات
الحديثة الواسعة الانتشار ممكن استغلالها كمنابر لمخاطبة الحكومات في
كل بلد من أجل ضمان عيش أفضل وحياة أفضل لمن يستنكر سياسات الإرهاب بكل
أنواعها: (الإرهاب الفكري) و(الإرهاب الجسدي) و(الإرهاب التهديدي) في
زمن بات فيه مفهوم الإرهاب بين قاب قوسين أو أدنى لازدواجية معايير
جوانب كثيرة فيه. ولعل من كثرة إلحاق الهزائم بالشعوب والأوطان فإن
العالم اليوم لم يعد يتحمل أحداث أي زلزال يمكن أن تطفى فيه ذهنية
البشر.
صحيح أن مثل هذا الكلام غير موجه للأشخاص الحمقى
في عالم السياسة ذو المكائد الدائمة حتى الآن فإن ما يمكن الدعوة إليه
أن تكون السياسة واحدة في كل البلدان وبقدر متساوٍ لا غنى فيه لأحد
فبذاك فقط سيكون للجدوى طعم ومعنى فالضرورة الكفاحية غالباً ما تدفع
الأفكار من أجل تحديات أكثر واقعية لتحقيق حلم الديمقراطية للمجتمعات
والسلام للعالم أجمع. |