عادت طهران الى لهجة التهديد مع الوكالة الدولية
للطاقة الذرية, ملوحة بالانسحاب من معاهدة الحظر النووي, ما لم تلتزم
الوكالة بالاتفاق الذي ابرمه المسؤولون الايرانيون مع وزراء الخارجية
الاوروبيين, لاغلاق الجدل في شأن الملف النووي الايراني.
وفي الوقت نفسه, خاض المسؤولون الايرانيون معركة مع
الامم المتحدة على جبهة جديدة تتعلق بحقوق الانسان, واعتبروا ان
المنظمة الدولية تجاهلت التحسن الذي طرأ على هذا الملف في ايران اخيراً,
وذلك بموافقتها على قرار يدين طهران في هذا الشأن.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد
رضا آصفي للصحافيين امس, إن طهران ستقدم "رداً حاسماً" إذا لم تلتزم
وكالة الطاقة بما تم التوصل إليه عبر المفاوضات. وكان يشير بذلك إلى
تحرك الوكالة لتأجيل قرارها في شأن برنامج إيران النووي الى الاربعاء
المقبل, بسبب خلافات بين مجلس حكامها المكون من 35 دولة.
وقال آصفي إن كل الترتيبات الضرورية في شأن القضية
النووية أجريت, واتهم الولايات المتحدة بالبحث عن أعذار لزحزحة
الاتفاقات التي قال إنها حيدت المؤامرات الاميركية على إيران.
واوضح: "اجرينا مناقشات مثمرة مع البرادعي وبعض
الاوروبيين وروسيا. وتبين بوضوح ان ايران وفت بتعهداتها وانها تقيم
تعاوناً بناء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونأمل بأن يتغلب الموقف
المتعدد الجوانب". واضاف: "دخلنا مع الاوروبيين مرحلة جديدة من
علاقاتنا وأجرينا معهم مناقشات بناءة وكانت زيارة (حسن) روحاني (كبير
المفاوضين الايرانيين) الى بروكسيل بناءة, ونحن متفائلون كثيراً
بعلاقاتنا مع الاوروبيين". واكد ان "هناك موقفين في الوكالة الدولية
للطاقة الذرية, احدهما متعدد الجوانب واقعي ومنطقي, والثاني الذي تدافع
عنه الولايات المتحدة وبلدان آخران او ثلاثة, لا يستند الى اي منطق
واقعي", مضيفاً ان "الاميركيين يسعون الى وقف الجولة لأنهم خسروها".
وتعكف الوكالة منذ الخميس الماضي على دراسة الملف
النووي الايراني وستقرر اذا كان ضرورياً رفعه الى مجلس الامن نظراً الى
النشاطات التي قامت بها ايران سراً طوال نحو عشرين سنة.
ملف حقوق الانسان
الى ذلك, اعتبر آصفي ان مشروع القرار الكندي الذي
يندد بممارسة التعذيب والتمييز في الجمهورية الاسلامية وتبنته هيئة
حقوق الانسان التابعة للجمعية العامة للامم المتحدة يوم الجمعة الماضي,
"يستند الى اعتبارات سياسية" و"لا قيمة له".
وأضاف آصفي ان المبادرة الكندية "تم اعدادها ووضعها
للاستهلاك الداخلي, ونعتقد ان الذين يقفون وراءها تغافلوا عن التطورات
في ايران. وهذه المبادرة لا قيمة لها ايضاً وسيتم رفضها".
وكانت لجنة الامم المتحدة وافقت على المشروع الكندي
الذي تمت صياغته بالاشتراك مع الولايات المتحدة ويعبر عن المخاوف
الدولية من ممارسة التعذيب في الجمهورية الاسلامية و"اشكال اخرى من
العقاب الوحشي واللاانساني والمهين ولا سيما عقوبة قطع الاعضاء والجلد".
ودعا القرار النظام الايراني الى "الغاء كل اشكال التمييز" ضد الاقليات
ومن بينها المسيحيون واليهود والبهائيون والسنة.
وجاءت المبادرة الكندية بعد اربعة اشهر على وفاة
المصورة الصحافية الايرانية - الكندية زهرة كاظمي التي قتلت خلال
استجوابها بعدما اعتقلت في 23 حزيران (يونيو) الماضي.
صدامات محدودة في طهران
وطالب نحو 2500 متظاهر ايراني امس, في حضور
المحامية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام, باطلاق سراح
المعتقلين السياسيين واجراء استفتاء على سياسة الحكومة, وذلك في الذكرى
الخامسة لاغتيال زوجين معارضين. وجرت صدامات طفيفة لم تسفر على ما يبدو
عن اصابة اي من المتظاهرين ومتطرفين اسلاميين دعوا انفسهم لهذه
المناسبة.
وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا في مسجد ارشاد شمال
العاصمة لاحياء ذكرى داريوش فوروهر وزوجته بروانه اسكندري: "الاستفتاء
الاستفتاء" و"اطلقوا سراح المعتقلين السياسيين" و"الانتخابات, خيانة".
وكان داريوش فوروهر زعيم حركة تحرير ايران الليبرالية, التي تشكك في
بعض اسس الجمهورية الاسلامية والمحظورة حالياً, قتل وزوجته طعناً
بالسكين في منزلهما في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1998, في اطار سلسلة
من حوادث اغتيال استهدفت معارضين ومثقفين. ونسب التحقيق هذه الجرائم
الى عناصر في وزارة الاستخبارات تتحرك من دون اوام.
واقدم نائب وزير الاستخبارات آنذاك سعيد امامي الذي
وجه اليه الاتهام في هذه القضية على الانتحار في السجن. الا ان
المقربين من داريوش وبروانه لم يكفوا عن التاكيد ان الجناة الحقيقيين
لم يحاكموا بعد. |