لم يحقق العلم طوال عشرين سنة اعقبت اكتشاف فيروسات
الايدز اكثر من خطوات صغيرة على صعيد مقارعة هذا المرض الخطير. ويبدو
ان النتائج المتحققة يمكن تلخيصها بتوفر نوع من العلاج ولكن في ظل
انعدام الشفاء التام، أو التلقيح الواقي %100.
ورغم الاخبار السريعة التي تبثها الوكالات يوميا عن
مرض الايدز إلا ان ما تحقق فعلا على صعيد ايجاد العلاج الشافي للمرض
قليل. وتسود هذه الحالة منذ تاريخ 20 مايو (أيار) 1983 حينما نشر
الباحثان لوك مونتانييه وروبرت غالو تقريرهما حول اكتشاف مرض الايدز في
مجلة «ساينس».
وبمناسبة مرور 20 سنة على اكتشاف فيروس الايدز HIV
ذكر العلماء الاميركيون ان جينا محورا في الفيروس يمكن ان يوقف انتشار
حالة ضعف المناعة التي تصيب الانسان. وذكر فريق العمل الذي يقوده اندرو
بادلي من عيادة مايو في روكستر انهم توصلوا الى هذه النتائج من خلال
ابحاثهم على جينات فيروس «إتش آي في» في اشخاص مصابين بالايدز منذ
سنوات دون ان تظهر عليهم اعراض المرض. وشخص الباحثون جينا اسمه «في بي
آر» Vpr تعتمد حالة مناعة جسم الانسان لاى حد كبير على وضعه، إذ ان
بقاءه سليما يؤدي الى اضعاف مناعة الانسان في حين ان تحويره يمكن ان
يوقف عملية قتل خلايا CD4+T التي تؤدي الى ضعف المناعة عادة.
ومعروف ان فيروسات الايدز تهاجم هذه الخلايا بالضبط،
ويبدأ عدد الخلايا بالانخفاض تدريجيا وتنخفض مع قدرات مناعة جسم
الانسان على مواجهة العدوى. ويستنتج العلماء من ذلك انه اذا كان تحوير
هذا الجين يسلب الفيروس قدرته على قتل الخلايا المناعية، فهذا يعني ان
من الممكن منع البروتين الجيني المسبب لهذه الظاهرة ايضا. ويعرف الطب
حتى الآن ان ربع المصابين بفيروس الايدز لا تظهر عليهم اعراض المرض
لانهم يحملون في اجسامهم نوعا من الجينات التي تحميهم. فهذا النوع من
الجينات المحورة يساعد الجسم على مقاومة تأثيرات فيروسات الايدز.
ويعتقد علماء روكستر بعد هذه النتائج ان مقاومة اجساد هؤلاء الافراد
للايدز تنبع بالاساس من هذا الجين المحور (في بي آر) في فيروس «اتش آي
في». وسبق لابحاث أخرى ان اثبتت ان هذا الجين المحور ينشط بروتينا
معينا يحفز بدوره موت الخلايا البشرية المبرمج. وتوصلت الابحاث
المختبرية على الفئران الى ان هذا الجين يحفز بالفعل نشاط البروتين
القاتل لخلايا CD4+T.
ويخطط علماء روكستر في خطوة أخرى الى الكشف الدقيق
عن طريقة عمل بروتين «في بي آر» وعن مواد يمكن ان توقف عمله. ومن وجهة
نظرهم فإن مثل هذه المادة الكابحة قد تشكل مستقبلا نواة انتاج عقار
جديد وفعال ضد مرض ضعف المناعة.
ويعتبر مرض الايدز مرض القرن العشرين بلا منازع رغم
دخول العالم للألفية الثالثة دون علاج شاف له. وحذر قسم السكان التابع
للأمم المتحدة من احتمال تأثير الايدز على عدد سكان الارض خلال العقود
المقبلة إذا لم يتوصل العلم الى علاج ناجع له. وقدر القسم ان يسقط 278
مليون انسان ضحية مرض ضعف المناعة المكتسب خلال الخمسين سنة المقبلة.
وهذا يعني ان عدد سكان الارض سينخفض الى 8.9 مليار انسان، أي اقل بنصف
مليون عن العدد المتوقع، كما سيكون الايدز، اضافة الى عوامل الميل
للعائلة الصغيرة وضعف خصوبة الرجال، احد عوامل بطء النمو السكاني،
وتقلص عدد افراد العائلة الواحدة. وقدر خبراء المنظمة الدولية ان
يتراجع عدد افراد العائلة في الدول النامية الى عددها في الدول
الصناعية حتى عام 2050. وسينخفض عدد افراد العائلة في البلدان النامية
الى 2.1 فرد كمعدل عام. |