كنا نتوقع في ان الفدرالية في العراق ستكون
مظهر حضاري وديمقراطي ينعم من خلاله العراقيون بالعدالة والمساواة بين
فئات الشعب المختلفة وغيرها من المباديء الانسانية والتي انحرم منها
العراقي منذ ولادته تقريبا.
ولكن كل هذه التوقعات تهدمت واندثرت في ليل
اليوم الذي نسف فيه مقام للامام علي ع في طوزخورماتو (مدينة ذو غالبية
تركمانية شيعية) وما اعقبه في اليوم الذي يليه من قتل للمتظاهرين
الشيعة التركمان ومن قبل الاحزاب العنصرية العلمانية والانفصالية
والمصرة على هذه الفدرالية. فدرالية تتطاول على اراضي قوميات اخرى
تشاركهم السكن كاربيل او مدن لايشكلون فيها الاغلبية ككركوك (راجع
احصاء 1957 ومستندات دائرة المعارف البريطانية). وهذا التطاول
والاغتصاب لاراضي ليست لها هو الذي لاترضى به القوميات الاخرى والتي
ثبت اضطهاد الاحزاب العنصرية لها الى درجة القتل والاغتيال (اخرها
محاولة اغتيال الدكتور سامي دونمز رئيس الحركة الاسلامية لتركمان
العراق).
وهذه الاحزاب ستعامل ابناء القوميات الاخرى
كمواطنين من الدرجة الثانية كما هو الان جاري من خلال سياسة التكريد في
الشمال. هم يسيطرون الان على معظم الشمال بقوة السلاح فقط وليس لسبب
اخر. السلاح الذي سمح الامريكان لهم فقط بحمله ولاسباب سرية مستقبلية
خطيرة لايجب التغاضي عنها اما الفدرالية
الاخرى، فستكون في مناطق كانت مصدر قوة نظام صدام (لعنة الله عليه وعلى
عائلته) ايام حكمه الدكتاتوري.
وهم بحكم اجرامهم السابق وتخويفهم للشعب الساكن
فيها سوف يسيطرون عليها فتكون فدرالية بعثية هدفها الانتقام من اغلبية
الشعب الذي يكن له عداء فطري. والتنبيه الى خطرها لا يحتاج الى كثير من
التذكير والتشديد لذلك فانشاء فدرالية، سواءا قومية او ادارية، ستكون
غطاءا وجدارا يجري خلفه الاضطهاد والظلم والتخريب ويصعب
تغيرهاومراقبتها فيما بعد بحجة ماسيسمى بالسيادة الفدرالية وسياسة عدم
التدخل في شؤون الداخلية لكل فدرالية لذلك فالفدرالية على ماهي عليه
سوف تسفر عن مصادمات وانتفاضات بين القوميات او بين الفدراليات بعضها
مع بعض. لذلك يجب من وجود حكومة مركزية قوية ولكنها ستكون ديمقراطية
منتخبة. ولها السيادة على كل العراق تضمن حرية كافة القوميات مئة
بالمئة الحرب الاهلية
الحرب الاهلية، لا سمح الله بها، والتي من غير المستبعد ان يهدد
بها دعاة الانفصال (اذا لم يكونوا يلمحون لها باطنيا او حتى علنيا) هي
قائمة لامحالة، وسواءا باعطاء الفدرالية او بدونها، وذلك لانه اضافة
الى انتفاض القوميات المغبونة، وبمشاركة بقية الشعب المرتبط بها وطنيا
ومذهبيا، والتي اغتصبت ارضها وهويتها، اضافة الى ذلك فأن هذه الاحزاب
المسيطرة على شمال العراق هي احزاب دكتاتورية، تقدم مصالحها الحزبية
على كافة الاعتبارات الانسانية وحتى ضد ابناء قوميتها ( وهذا الاخير هو
واقع ولكن لايذكر في المحافل العامة. وهذه الاحزاب الدكتاتورية بطبيعة
الحال يتراسها دكتاتوريون، وطبيعة الدكتاتور عادة هو عدم التنازل عن
كرسي السلطة والنفوذ الا بالموت او القوة.
مدتها
هذه نتوقع لها ان تكون قصيرة الامد ، بأذن الله.
وذلك لسبب مهم وهو عدم وجود دعم شعبي او قومي حقيقي لهذه الاحزاب
الدكتاتورية. ومن جهة اخرى فان ابناء الشعب العراقي ككل وبكافة قومياته
وطوائفه هو شعب مسالم ويشترك في الديانة ومن الصعب ان يقاتل بعضه بعضا
ولفترة طويلة ولاسيما في قضية غير عادلة تؤدي الى هظم حقوق قوميات اخرى.
وانما القتال سيكون من فقط من تاجيج الاحزاب
فقط، والتي ستفقد الشعبية القليلة التي تملكها وفي اول ايام الحرب،
نعم قد يعتقد البعض انه لو تدخلت امريكا (واسر**يل) كطرف في
يدعم الانفصاليين او البعثيين في هذه الحرب فان هذا قد يطول في مدة
الحرب؛ وهذا مستبعد لكون ذاكرة الامريكان وغيرهم في لبنان مازالت طرية
عندما تركوا الحياد واختاروا جهة يساندوها ضد الطائفة الاغلبية في
الشعب اللبناني، فما كان هذا الانحياز الا وبالا عليهم. فلا نعتقد انهم
سيكررون نفس الخطأ في العراق.
ولاسيما ان اغلبية العراق في وضع اقوى،عددا وعدة
ومساندة، من نضيرهم في لبنان.
نتائجها
باذن الله، نتوقع ان تكون نتيجة الحرب الاهلية
لصالح الشعب العراقي ككل. وستفقد الاحزاب الدكتاتورية العنصرية اي
احترام لها من قبل جميع طوائف العراق. اضافة الى تقديم قاداتهم الى
المحاكمة كمجرمي حرب وفي نفسال قفص مع صدام (لعنة الله عليه وعلى
عائلته) كما كانوا معه من قبل (كتائب الفرسان والجحوش) وكما رايناهم
يتعانقون وعلى شاشة التفزيون بعد قمع النتفاضة الشعبانية عام 91
ولنتدبر الاية المباركة في اعلى المقال ونقول: انه لولا الحرب الاهلية
في لبنان، لما اصبح الاغلبية في الشعب اللبناني احرارا واسيادا في
بلادهم ونحن نتمنى من طوائف العراق وقومياته
المتعددة بالسعي جدية في رفض كل الدكتاتوريات، الصغيرة والكبيرة، ونبذ
اي مخطط فيه ظلم واستغلال على حساب حقوق القوميات الاخرى
ولاسيما ان الضروف العالمية الحالية الجديدة هي مع التوحد
والاندماج وضد التجزء والانفصال. وكما اشار احد مراجع الشيعة، حفظهم
الله جميعا، السيد محمد تقي المدرسي عندما اشار الى ان كل دول العالم
الاول في هذا العصر تحاول ازالة الحدود فيما بينها والتوحد، كما في
اوروبا، بالرغم من اختلاف لغاتها واديانها وعاداتها.
فتكون فكرة الفدرالية في العراق هي خطوة عكسية
ستؤدي الى تفكك الامة وانقسامها ... وهذا لا يقبله العراقيون.
www.tsc.4shia.net
tsc@tsc.4shia.net |