يتوقع العلماء أنه مع استمرار التوجه الحالي في
عدم تقدير أهمية المياه والتحديات التنموية التي تواجهها المجتمعات
الإنسانية سيعاين ثلث سكان العالم من العجز في الموارد المائية بحلول
عام 2025 وسيسبب العجز في تراجع حصة المحاصيل في أفريقيا مثلاً، مقدار
ما تنتجه الولايات المتحدة والهند من الحبوب، وسيتضاعف عدد الأفارقة
المحرومين من المياه النقية ليصل إلى 401 مليون نسمة، وقد يرتفع هذا
العدد إلى 523 مليون نسمة فيما أشارت دراسة لمجموعة الاستشارية لأبحاث
الزراعة الدولية بقولها ستعاني أفريقيا نقصاً في إنتاجيات المحاصيل
قدره 23% بسبب نقص الإمدادات المائية، وستتضاعف واردات الحبوب أكثر من
ثلاثة أضعاف لتصل إلى 95 مليون طن خلال الأعوام الثلاثة والعشرين
القادمة لمواجهة الطلب، وفي ظل هذه الظروف لن يعود بمقدور الدول
الأفريقية الاشد فقراً تحمل نفقات استيراد الغذاء المطلوب، مما سيرفع
من معدلات الجوع وسوء التغذية، كما سيرفع من اعتماد هذه الدول على
المساعدات الخارجية، وقال البرفيسور فرانك بيسبرمان من المجموعة
الاستشارية: الدعم الزراعي في أمريكا الشمالية وأوربا، يحدد أين يتم
إنتاج الغذاء، والقرارات التي تتخذها منظمة التجارة العالمية غالباً
تشكل أقوى العوامل المؤثرة في تحديد الطلب العالمي على الغذاء،
وبالتالي كمية المياه المطلوبة لزراعته، وعلينا أن نثير اهتمام الجميع
بهذا الشأن لأن الأمر يحسن مستقبل الجميع.
يذكر أن مجموعة من الدول الأفريقية تحاول عبر
مفاوضات قاسية مع منظمة التجارة العالمية لإلغاء الإعانات التي يحصل
عليها مزارعو القطن، وخصوصاً في الولايات المتحدة والصين والاتحاد
الأوربي وتقول الدول الأفريقية أن بإمكانها المنافسة بقوة إذا ما أصبحت
السوق عادلة، ومن الممكن كما يقولون أن تصبح الزيادة في إنتاج القطن
وسيلة للقضاء على الفقر... وللعلم أن الزراعة على مستوى العالم تستهلك
حوالي 70% من موارد المياه العذبة، وترتفع هذه النسبة إلى 90% في الدول
النامية، وتقول المجموعة الاستشارية لأبحاث الزراعة أن ذلك يزيد
المنافسة المستمرة بين احتياجات المزارعين واحتياجات الطبيعة، فخلال
الخمسين عاماً الماضية تم تجفيف 40% من الأهوار والمستنقعات في العالم
فيما أطلقت المجموعة الاستشارية برنامج التحدي للماء والغذاء، ويحاول
البرنامج التوصل إلى طرق لرفع كفاءة استغلال الموارد المائية المتاحة،
وسيعمل هذا البرنامج على تطوير تقنيات ترفع من إنتاجية المحاصيل
الزراعية مع خفض كميات المتطلبة لزراعتها، وتضمنت الحلول التي سيطرحها
البرنامج، استزراع محاصيل ذات إنتاجية عالية، وقادرة على مقاومة العطش
بشكل أكبر، وكذلك بربط زراعة المحاصيل بتربية الأسماك إلى جانب الفقر
والجفاف والكارثة الغذائية في القارة السمراء فإن شبح مرض الإيدز الذي
سجل رقماً قياسياً في العدوى والانتشار في السنوات الأخيرة، أرقام
الأمم المتحدة تظهر توفي 15 مليون في أفريقيا، وأن 14 مليون طفل أفريقي
فقدوا أحد أبويهم على الأقل بسببه، وكان مبعوث الأمم المتحدة ستيفن
لويس قد أدان سلوك بعض الدول الغنية بقوله: بإمكاننا العثور بسهولة على
مبلغ 200 مليار دولار لمحاربة الإرهاب، لكن لا نستطيع جمع المال الكافي
لتوفير عقاقير وعلاجات تخفف من وطأة المرض في أفريقيا، يذكر أن 50 ألف
مصاب بالإيدز في أفريقيا غير قادر على الوصول إلى العلاج لعدم توفير
الدواء، وللتذكير ما تضمنه خطاب تابومبيكي رئيس جنوب أفريقيا أمام
الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث يقول هناك توجه في الوقت الحالي في
العالم يقوم على دحر الإرهاب عن طريق القوة العسكرية، في حين أن نظرتنا
للأمور في جنوب أفريقيا تقوم على أساس حتمية التعامل مع الصراعات التي
تعزز هذه الظاهرة وفي مقدمتها الصراع في الشرق الأوسط، وبالإضافة إلى
ضرورة أن تتعامل الأمم المتحدة مع الأسباب الحقيقية للإرهاب مثل الفقر
وغياب الديمقراطية والحكم الرشيد وما قاله الرئيس الأفريقي تامبومبيكي،
أن نقص المناعة لا علاقة له بالإيدز بل مردها إلى أسباب سوء التنمية
كالفقر وقلة النظافة وسوء التغذية، أن التغذية هو السبب الرئيسي لعدم
تلقيح الحديثي الولادة وعدم وجود شبكات مياه شرب، وأن أكبر قاتل هو
الفقر المدقع فيما دعا الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نلسون مانديلا (تجاوز
الجدل حول الأسباب والتوجه إلى الاهتمام بالذين يتألمون ويموتون). |