من سنن الحياة انه ليس هناك شيء دائم ، الأفراد
يولدون ثم يموتون والدول تنشأ ثم تضمحل وإلامبراطوريات تسود ثم تنهار
كذلك الحكام يأتون ويذهبون.
والدول والأنظمة كما الأفراد تمر بشتى المراحل حتى
تصل إلى الشيخوخة فتموت بفعل عوامل مختلفة و أسباب متعددة .
إن مؤشرات انهيار بلدٍ أو نظام سياسي تظهر بوضوح
حيث تميل الأوضاع إلى الضعف أو التقلص أو تكون أقل قدرة على توفير
الرضا الشعبي وانتشار السخط.
وعندما نطرح مسألة تفكك الدولة السعودية ونقاربه
بسقوط الاتحاد السوفيتي فلأنّ التشابه بين الاثنين في النشأة والظروف
والمشاكل قد تجعل من المصير متماثلاً أيضاً فكلتا الدولتين نشأتا بصفة
إمبراطورية أي قامتا على الحرب والتوسّع ومبررات أيديولوجية وكلتا
الدولتين واجهتا أزمة الانتماء الوطني القومي ومسألة التحوّل أولاّ من
دولة إمبراطورية إلى دولة وطنية قطرية والتعاطي مع الأقليات والقوميات
الأخرى.
وبالرغم من أن الدولة السعودية مضى على تأسيسها
أكثر من سبعين عاماً فإن نزعتها الإمبراطورية لا تزال طاغية تظهر بوضوح
من خلال التركيز على مكانة العائلة المالكة ودورها الذي لا يبقي لأحدٍ
دوراً في مركزية السلطة .
من أوجه الشبه الهامة بين التجربتين السوفيتية
والسعودية، أن الدولة ومصيرها ارتبطا بإسم عائلة مالكة في السعودية
وبحزب في الدولة السوفيتية وأن إزاحة العائلة أو الحزب يؤدي تلقائياً
إلى سقوط الدولة .
الدولة السعودية اليوم لا تزال عناصر التمكين
والتأسيس التي ظهرت في بدايات القرن العشرين تمارس فعلها فيها بحيث
أنها ترفض ما قبله البلاشفة في روسيا من إجراءات أقرت المواطنة
والمساواة والتمثيل لمختلف الشعوب والقوميات في الحقوق والواجبات في
حين يصرّ آل سعود على الاستئثار والانفراد بالسلطة ليس للعائلة المالكة
فحسب بل للمنطقة التي بنتمون إليها وهى نجد التي تمثل الخلفية
الاجتماعية المهيمنة . الدولة السوفيتية نجحت أكثر من نظيرتها السعودية
في القضاء على كل الانتماءات في الدولة وتأكيد مرجعيتها بينما السعودية
لا تزال تعتمد على الفئوية النجدية والمذهبية كعنصر تغليب في الإدارة
واستمرارها.
منذ بضع سنوات ومملكة آل سعود تسير في طريق
الانحلال حيث بدأت تواجه مصيراً مظلما وكأن عمرها الافتراضي قد انتهى
وكأن عوامل التحلل قد استكملت وتنتظر الضربة الأخيرة .
مرحلة العجز والانحدار بدأت منذ الفترة التي سيطر
فيها الملك فهد على الحكم كولي عهد ثم كملك في عام 1982 وسارت فيها
الدولة بصورة عشوائية أدت إلى تراكم أخطائها على الصعد الداخلية
والخارجية من انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية وغياب الشورى وفساد
الجهاز الأمني والعسكري إضافة إلى تفشي الاضطرابات الأمنية وتعيين غير
المؤهلين وغير الأكفاء في المناصب وتدخل الأبناء بشكل مباشر في شؤون
الدولة والعبث بمقدراتها إلى آخر الأسباب ، واحتكار السلطة بيد فئة
محدودة داخل العائلة المالكة حرم فرص مشاركة بقية فئات الشعب .
الوضع الإقتصادي الحالي يدعم دعوات الإنفصال
فالتدهور الإقتصادي الإجتماعي الحالي انعكس على الأرض جريمة منظمة
ومسلّحة وسخطاً شعبياً عارماَ ضد الحكم السعودي وانعكس على شكل عنف
سياسي متصاعد وشرعية نظام الحكم تسير نحو التناقص والتآكل بشكل سريع .
أزمة النظام السياسية جنباً إلى جنب شقيقتيها الإقتصادية والأمنية تشكل
حلقات مترابطة تضيق الخناق على النظام والمواطن معاً.
حتى أمريكا التي وفرت الحماية اللازمة للعائلة
المالكة منذ نشأتها وحمتها من الكثير من الأخطار الداخلية والخارجية
انقلبت أخيراً على النظام وأصبحت تمارس التهديد عليها بل لم تخف رغبتها
في تغييرها .
وصلت البلاد إلى طريق مسدود واستعصى الإصلاح الشامل
مع رفض لأمراء الإصلاح وأم يبق الا انتظار لحظة الانهيار . |