أول ما يتبادر إلى ذهن قراء العربية بعد الإطلاع
على العنوان أعلاه هو المقارنة الممكن أن
تؤهل لا لغة العرب مع لغات حية أخرى كاللغة
الإنكليزية مثلاً وذلك لأن أكثر اللغات
السائدة في أجهزة ومرافق التعليم العربية
مدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية
والجامعات والمعاهد الرسمية وشبه الرسمية
والأهلية هي اللغة الإنكليزية باعتبارها
اللغة الأجنبية التي تكاد أن تكون في مناهج
مختلف المراحل الدراسية وأن كانت
الدراسة باللغة الفرنسية تأتي بعدها في
بلدان عربية معينة وما يزيد الاهتمام باللغة
العربية أكثر ليس لكونها اللغة المحلية في الوطن العربي بل لكونها لغة
القرآن الكريم وكما لا يخفى على المتابعين، أنها (لغة أهل الجنة) بحسب
ما جاء في الحديث النبوي الشريف، لذا بان الاهتمام بهذه اللغة أمراً
مفروغاً منه رغم الإقرار أن العديد من جوانب العربية يحتاج إلى تطوير
جوهري وبالذات فيما يتعلق بشكل الكتابة أي الحروف وضرورة تبسيط قواعد
اللغة والإعراب الذي يشكل مدعاة للتفكر به وتسيير أبوابه عبر إحداث
ثورة لغوية فيه حتى يكون مستوعباً للمستوى الوسطي من الدارسين
والمتعلمين.
إن العربية اليوم قد قطعت شوطاً في الشيوع
التوثيقي حتى في أجهزة الكمبيوتر والانترنت وتعد العربية اليوم لغة
متقدمة جداً وتنافس بقية لغات العالم الحية من حيث الانتشار وملايين
الناس المتكلمين بها هذا إضافة لكونها إحدى اللغات العالمية المعتمدة
لدى هيئة الأمم المتحدة.
ولما كانت اللغة الوعاء المادي للفكر فهي تُحظى
بـ (الدراسات الأكاديمية) لإبراز قدرتها على مسايرة ركب الحضارة ومن
بين هذه اللغات العربية التي تجاوزت حالة الترابط الوجداني العربي إلى
لقبه ذات كيان لغوي يتماثل مع اللغات الحية عبر مستجدات نتاجاتها
المنوعة في المؤلفات الإبداعية حيث أصبح العالم يترجم منها نتاجاتها
بنفس القدر الذي تنقل إلا ترجمات أمهات الكتب الصادرة بلغات أجنبية
أخرى.
ومن المؤكد فإن الاستفادة من تجارب اللغة الأخرى
المتقدمة في تطوير تعليم لغاتها المحلية مع مراعاة خصوصية اللغة
العربية فيها من الحرص (كعملية تعليم أفضل) ما لا يمكن نكرانه.
أما بخصوص ديناميكية رواج الإعلام المتلفز عبر
الأقمار الصناعية الآخذ بالانتشار أكثر والمعتمد على البث باللغة
العربية فهي مسألة لا تحتاج إلى تعريف واللهجات العربية التي تعتمدها
بعض مؤسسات ومحطات الإعلام فهي تعتبر رافد للغة العربية ويمكن الاعتراف
اليوم إن ظاهرة التنامي المذهل للقنوات الفضائية العربية وتزايد عدد
المشاهدين الوب لها ومشاهدة البرامج العربية في الأقاليم الأجنبية
القريبة من مساحة الوطن العربي كـ (جنوب أوروبا) مثلاً تبث خطوط هوية
اللغة العربية إلى العالم الواسع.
ناهيكم أن الصحف التي تنشر باللغة العربية
والصادرة في بلدان أجنبية مثل جريدة (الشرق الأوسط) و(الأهرام)
و(الزمان) و(الحياة) و(القدس) وغيرها الصادرة في لندن عاصمة بريطانيا (مثلاً)
فإن رؤيتها في المكتبات بلندن قبل قراءة الصحف الأجانب هو نوع من
الدعاية التي توحي لهم أن اللغة العربية هي لغة متقدمة جداً بين
قريناتها اللغات العالمية الشهيرة، وقد ولّى ذلك الزمن الذي يُصادر فيه
حق المتكلم باللغة العربية أو غيرها بسبب سعة الترجمات من وإلى اللغات
الأخرى في معظم بلدان العالم وبعض الدول فيها مكاتب رسمية للترجمة
اللغوية، وهي مكاتب معتمدة ومسجلة لدوى الدوائر المختصة المحلية.
ومن الأخبار الواردة عن تراجع اللغة الإنكليزية
في أمريكا (مثلاً) ما يجعل المرء متأملاً إلى أن هناك صراع لغوي غير
منظور بين اللغات فقد أظهرت الإحصاءات في الولايات المتحدة تزايد أعداد
الذين يتحدثون لغات أخرى غير الإنكليزية على أراضيها. ووفقاً الإحصاءات
سنة 2000م فإن (47) مليون شخص ممن عمر خمس سنوات وما فوق أي ما يعادل
خُمس سكن البلاد لا يتحدثون بالإنجليزية مع عائلاتهم وهذا العدد يمثل
ضعف ما كان عليه الوضع اللغوي قبل (10) سنوات في أمريكا ولعل أغرب ما
جاء في تلك الإحصاءات هذا النص: (تزايد أعداد الأمريكيين الذين يعتبرون
معزولين لغوياً يسبب محدودية إلمامهم باللغة الإنجليزية وأن هناك (12)
شخص لا يجيدون الإنجليزية بشكل يسمح لهم بالتواصل اللغوي مع الأخرى في
الحياة اليومية العادية حيث عمليات التسوق والالتقاء بالناس لقضاء بعض
الحاجات الضرورية.
فإذا كان هذا هو حال اللغة الإنكليزية في أحد
أهم بلدانها (الولايات المتحدة الأمريكية) فإن المعادلة اللغوية تبقى
مشيرة إلى أن تجدد أي لغة مرهون.. بمواكبتها ودأبها لمسايرة كل مستجدات
العصر فهي الإدارة ـ الوسيلة لمعرفة كل شيء في الحياة. |