دعا حسين علي منتظري، رجل الدين الإيراني البارز
المعارض، سلطات الحكم في بلاده إلى التخفيف من القيود المفروضة على
الايرانيين، منتقدا الرئيس محمد خاتمي بقوله إنه لم ينجح في استثمار
التفويض الكبير الذي حصل عليه بهدف إجراء إصلاحات عامة في ايران.
وقال منتظري: "إذا كان المسؤولون يريدون بالفعل حلا
للأزمة وارضاء الشعب، عليهم التخلي عن تشددهم، ويجب ان يكون الناس
احرارا في التعبير عن افكارهم".
يشار إلى أن منتظري (81 عاما)، الذي يعد من رجال
الدين الشيعة الكبار في إيران، معارض معروف وقوي لنظام الحكم في بلاده،
إذ سبق له أن لوحق وسجن وتعرض للتعذيب خلال حكم الشاه بسبب علاقاته
الوثيقة مع الإمام الخميني.
وسبق أن فرضت على منتظري الاقامة الجبرية لمدة خمسة
اعوام لانتقاده العلني لآية الله العظمى علي خامنئي الزعيم الحالي
للثورة الايرانية خلفا للخميني، قبل ان يطلق سراحه في وقت سابق من
العام الحالي.
وقال منتظري، الذي وصفه الخميني مرة بأنه "ثمرة
حياتي" واختاره لخلافته، من بيته في بمدينة قم المقدسة في ايران، إن "هذا
البلد وهذه الثورة ملك للشعب والمسؤولين خدامهم، واذا راجع المسؤولون
سلوكهم فان الامور ستصبح على ما يرام".
وأضاف المعارض الايراني البارز أن بيئة التقييد
والتحفظ والتشدد، التي أدت إلى اغلاق عشرات الصحف والمطبوعات الاصلاحية
وزج عشرات الكتب والطلبة والناشطين السياسيين في الأعوام الاربعة
الاخيرة في السجون، أجبر الآلاف من أفضل العقول الايرانية على الفرار
من ايران.
كما ركز منتظري في حديثه على تصرفات الهيئة
القضائية التي يسيطر عليها الجانب المتشدد من رجال الدين، والتي كانت
مصدر العديد من الاحكام على العشرات من مؤيدي الجناح الاصلاحي بزعامة
الرئيس خاتمي بعد محاكمات سرية، حيث قال: "لا توجد محاكم خاصة أو محاكم
ثورية في دستورنا وكلاهما مختلق. عليهم ان يغلقوا هذين النوعين من
المحاكم وان يوقفوا قسوة القضاء".
يذكر أن منتظري، الذي همش في عام 1988 بسبب انتقاده
اعدام السجناء السياسيين، عاد إلى التدريس بعد تعرضه لمشاكل صحية أثناء
اعتقاله وبعد الافراج عنه من اقامته الجبرية في يناير كانون الثاني.
ويرى مراقبون للشأن الايراني أن الجناح المتشدد
اطلق سراح منتظري لخوفه من أن يفجر موته وهو تحت الإقامة الجبرية موجة
احتجاجات ضد النظام السياسي.
وتابع منتظري، الذي احتشد قرابة 300 رجل منهم
العديد من كبار الاصلاحيين من رجال الدين في مكتبته المتواضعة في بيته،
قائلاً: "ما أقصده هو أن كل البشر سواء كانوا من المؤمنين أم لا وسواء
كانوا مسلمين أم لا يجب أن يحظوا بالاحترام".
ويرى مؤيدوا منتظري أن عودته إلى التدريس والتعبير
عن وجهة نظره هي من طباعه المألوفة والمعروفة عنه، حيث قال اية الله
حسين موسوي التبريزي: "لايمكن ان يتغير والجميع مدرك لهذا، إنه لم يخف
ابداً من النفي أو التعذيب، وهذا هو وصفه في ملفات المخابرات الايرانية
(السابقة)".
يشار إلى أنه من المقرر أن تشهد البلاد اجراء
انتخابات برلمانية خلال أربعة أشهر، لكن مراقبين يتوقعون أن يكون
الاقبال عليها ضعيفا نتيجة السخط والغضب المتفاقم بسبب تباطؤ وتيرة
الاصلاحات السياسية.
ولم ينجح الرئيس خاتمي من ترجيح كفة التغيير
والاصلاح بسبب المقاومة الشديدة التي ابداها الجناح المتشدد المسيطر
على العديد من المؤسسات المهمة والاساسية ومنها الهيئة القضائية
والقوات المسلحة ولجان مراقبة الدستور، على الرغم من التفويض الكبير
الذي حصل عليه في انتخابات 1997 و 2001.
وحول هذا قال منتظري: "لقد قدم خاتمي الكثير من
الوعود الى الشعب وهو يتمتع بتأييد 22 مليون ناخب، وكانت للمواطنين
آمال معلقة به، لكنه لم يتمكن من الوفاء بوعوده مما أدى إلى احساس
المواطن بالخيبة". |